مُتكبِرٌ و مُحَبَط كَحرَكةِ ماءِ الشاطِئ ، الكَثيرُ مِن عِللِ الحَياةِ قَد نَخرَتْ صَدرَه ، يَتَمَدد عَلى رِمال العُزلَة سَحيَق الأَضلَاع، مُبتلاً بِمَدِّ الوَحدَة الذي يَخترِق ثُقوب صَدرِه حَتى يتخَلل بِينَ أَضلُع القَفَص الذي يَحميّ قَلبِه.
فَمّا عادَ قَلبهُ غَيرَ قُطعَةٍ مَعدنية بِحجمِ قَبضَة اليَد، مُتصَدِئة مَطمورِة في الجِهة اليُسرَى مِن ذاكَ القَفَص، لَكِن و مالَ الناس بِمّا تَصدأَ و تَلفَ بِالداخِل إذ أُحُسِن مَظهَر الخارِج، فَما أَنّ أدركَ هذا هجرَ البَشر و لَجأَ لِحُبِ وَطنه؛ فهو الحُب الوَحيد الذي سَتُبلي هذهِ القُطعَة المَعدنية بَلاءاً جَيداً مَعَه.
ڤيرنون الجُندي الإيطَالي ذو المَلامِح الذُكورية الخَشِنة، حَواجِبٌ سَميكَة، ذِقنٌ صَغير، بَشرةُ وَجهٍ بيضَاء مَشدودَة خَلفَتْ المَعارِك فيها نُدوباً، نُدوبٌ يَثبُتْ فيها إِفتِخارِه بِمّا يَملِك مِن وَلاء لِهذهِ الإمبرَاطورِيَة المُوحَدة رُغمَّ تَجزِئتِها.
و لَبسَ اليَوم كَعادتِه زَيّ الفِرَق العَسّكَرِيّة الخَاصَ بِمَملَكة نابولي ، إرتَدى فوقَ هِنادَمِه ثوبَ بُرودَةِ الأَعصَاب و إِنجِمادِ الأَحاسيس، إِنَّه ذاكَ البُرود الذي يَسري في جَسدِ الجُندي المُنخَرِط في أَي مِن الصُنوفِ العَسكَرِية.
و كذا هو اليَوم، مُتكِئ عَلَى إِحدى الأكشَاك الصَغيرة لِبَيع الطَوابِع، يَترقَبْ بِملامِح وَجِهٍ جامِدَة خُروج الدوق باتسي جلير مِن إِحدَى المَقاهي، مُنح جلير لقب الدوق كأعلى الرُتب العَسكرية لِمملَكة نابولي، و هو يَملُك ولَداً وَحيد ما زالَ في مُراهقتِه يُدعى سانغوون.
رُغمَ إنَّ ڤيرنون يَقف في ساحَةِ سانتو سبيريتو؛ حيثُ تَختَص بِرفِدِ الذاتِ الساكِنة بالحَيويَة لِمَّا تَدبُ فيها مِن حَركَة الناس دُخولاً و خُروجاً لِمحالٍ للحُليّ و دكاكين بيعِ السجائر و أُخرى لِبيع فطيرة البانوفي الحُلوة .
و لَعلَّ هذا ما جَعل الدوق جلير يَرفِد الى هذا المَقهى في الوقتِ الباكِر بالتَحديد لَعقدِ صَفقَةٍ مع المَرغريف فوما؛ فَعلاوةً عَلى إِنَّها أَكثَر الساحاتِ مِثالِية في حَي أولترارنو في فلورنسا، و هي مُقاطَعة كبيرة مُكتظَة تَقَع في أقليم توسكانا في وَسَط إيطاليا.
أنت تقرأ
Carnival Of Dazzling Night |كـرنـفـال الـليـلـة المـبـهـرة
Historical Fictionلَيسَ كَما لَو إنهُم يَكُفّوا عَن القَتلِ في الزَمنِ بينَ كَرنفَال الَليلة المُبهِرة السَنوِي و الآخَر، إلا إنَ مَنظَر إنحِزازِ عُنقٍ بَريءٍ بِنظراتٍ لا تُلام و لا تَضجُ و لا تَشفِق، كَم يُبرِد أحَاسيسَهُم المُستبِدة و يُروقَها. تَروَي هَذه الرَوا...