قُل الحمدلله، حتَى وإن باتت أيامك خيبّات فلا شيء يُساوي العافِية!
أمسينا بخيرك الدائم، ولُطفك الخفيّ، ونظن بك الظنّ الجميل، فتولّنا! 🤍
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تتمايل بخفة على صوت الأنشودة المفعمة بالحياة، "نحو أعالي القمم لمحمد المقيط" تُدندن معها متناسيةً كل ما حولها، عدا الموقد وما تصنعه من طعام عليه...
اِستيقظ وقد أخذ جسده وعقله كفايتهما من النوم، جلس على فراشه يمد يديه أمامه في محاولةٍ منه للإفاقة، تمطع بقوة وبسمة راضية تنير وجهه...نظر بجانبه ليجد الفراش خاليًا منها...
نهض من فراشه يردد : أصبحنا وأصبح الملك لله والحمد لله ولا إله إلا وحده لا شريك له، له الحمد وله الشكر وهو على كل شيئٍ قدير... أما نشوف أستاذة حفصة فين...يا حفصتي...حفصة...صمت وتجمد لسانه حين رأها في المطبخ المصمم على الطريقة الأمريكية حيث يطل داخلهُ على خارجه...واقفٌ خارج المطبخ وهي أمامه تُدندن بصوت كصوت عندليبٍ أحمرٍ نادر...وخصرها يتمايل أمامه في اِغراء لا مثيل له...رغم ما ترتديه من ملابسٍ فضفاضة إلا أنها تغريه دائمًا...حتى ولو ارتدت كما يُمازحها دائمًا "شوال بطاطا"
حمحم بصوته في محاولةٍ بائسة منه لاِعادة صوابه، ورباط جأشه...
نادها بصوت ثابت علّها تسمعه...لكنه أخيرًا اِنتبه للنقطة السوداء في أُذُنها، إنها تضع السماعات، لذا...لا تسمعه...
هل تفعل به ذلك متعمدةً، هل تحب رؤيتهُ هائمًا بها دائمًا...يشعر دائمًا أنه أسيرٌ لتعويذةٍ سحريةٍ قوية، تعويذة لن يُشفى منها أبـــدًا...وأخيرًا وبعد لحظات من تأمله وشَجَنِه بها، تقدم بخطوات ثابتة ناحيتها، محاوطًا خصرها بين يديه...ظهرها مستندًا على صدره، بعد صراخها الفَزِع حين فاجأها بوجوده...
نزعت السماعات من أُذنيها تصيح بعتاب : دا شكلك بجد عايز توقف قلبي...خضتني جامد يا سفيان حرام عليك بجد...
كانت رأسه مدفونة في جيدها، يستنشق عبيرها بسُكر وهيام...
حاولت هي التملص منه ولكن...هيهات...فقد أحكم الأسد قبضته على أُنثاه...أو هكذا ظن
التفت لترى وجهه وعيناه المُثبتة عليها بهيام وعشق لا يُوصف بالكلمات...
اَحنت رأسها بخجل وتوتر، نظراته تلك تُوتِرها وتبعث فيها مشاعر غربية...لا تحدد لها ماهية...
وضعت يديها فوق صدره تُبعده بخفة وهي تقول بهمس : سفيان ابعد...الولاد هيصحوا...
أمسك سفيان كف يدها يُحركه قليلًا ليصبح فوق قلبه : سامعة..؟
شعرت بقلبه ينبض بقوة، بجنون...رفعت عيناها تنظر إليه في دهشة، همست : هوا بينبض كدا ليه؟ عشاني؟
لم يُجبها، لكنه اِكتفى بإثبات ذلك لها...انحنى يلثم ثغرها في لحظات تُبعدهم عن أرض الواقع...
دون أن تشعر تشبث به بقوة، فقدماها أصبحتا كالهلام...
ابتعد عنها ليسمح لها بالتنفس...طالعته بأعين تائهة، انحنى يهمس : اتنفسي...
وبالفعل، أخذت قدرًا كافيًا من الهواء، لينحني ثانية يُقبلها بكل حبه وشوقه لها...
ولكنها دفعته بكل قوتها حين سمعت صوت حُيَيّ يهتف وهو على أعتاب الخروج من غرفته : مـــامـــا...ماما أنت فين...
نظر سفيان لطفله بغيظ وهو يهمس : ودا ايه اللي صحاه دلوقتي... مش عارف أقعد معاكِ دقيقتين على بعض
ضحكت بخفة : اتلم يا سفيان...
أزاحتْهُ لتعبر وترى طفلها، ولكنه سرعان ما أمسكها يضمها لصدره يهمس : يبقى متغرينيش تاني...
نظرت له بعدم فهم، ليُكمل : واقفة تغني وترقصي في المطبخ عادي كدا، ولا كأن في كائن بريئ، مرهف المشاعر هيعدي ويشوفك يعني...
ضحكت وهي تبتعد عن حِضنه : كائن بريئ قال...ابعد خليني اشوف الولا...
خرجت لترى طفلها واقف أمام باب غرفته يضم دُمته المفضلة إليه ويبكي...
اقتربت إليه بهلع : حبيبي مالك...بتعيط ليه...