ال
كنت مدركة في قرارة نفسي أنه ربما يكون اليوم الأخير لي في هذه الحياة كان البحر صافي يومئذ بل كان شديد الصفاء يوم صدور الحكم لم يكن كسائر الأيام كان مجرد نهار هادئ مشرق لا نوارس لا أشخاص يطوفون لاستحضار طقوسهم الغريبة لا زاهدين متعبدين جميعهم كان ينتظر صدور القرار مرت هنيهات كأنهن ساعات طوال جاءني ضابط أمن السواحل مزهواً بنسره الغبي الذي يتصدر كتفه وفي قبضته رسالة من حكومة الدمار حكومة شعبنا الموقر فضها مزهواً بمنصبه وألقى على مسمعي لعنة الحياة : باسم حكومتنا الموقرة وشعبنا الفاضل نعلن على المدعو علي حربي مرسوم اصدرته الهيئة العليا للحفاظ على أمن السواحل بحظر خروجه من منارة الميناء لمدة أقلها ستة أعوام وأقصاها عشرة أعوام لن تتواصل بها مع أي من سكان البر ولا مع بحارة المراكب وذلك للحفاظ على سواحل المدينة من تهمة وجهت إليه بخرق القانون وامتهان القرصنة والزندقة وشهد على هذا الحكم أعيان القرية من عمدتها إلى حارسها ومتسولها انتهى المرسوم وداعاً أبها المغفل أعتقد أنك ستهرب من العدالة سأظل ألاحقك حتى آخر لحظة في حياتي أتفهم :
كان الحكم قاسياً للغاية لكن لم أهتم مكثت سحينة لتلك المنارة التي كانت أشبه بكائن غامض ينام نهاراً ويستيقظ ليلاً يضيئ قلبه ليهدي درب المراكب العاشرة لمحيطه لكن أنا لم يكن لدي من يهدي طريقي أعترف وأقر أنني كنت أخطو مثقلة غير متزنة كنت معاندة للتيار أسير هائمة أتعثر كثيراً لم يكن هناك منارة في حياتي ترشد سبيلي كنت أحيا كالدراويش أن صح لفظي أنزل للميناء لعلي أجد تسليتي و قوت يومي ثم أعود للشاطئ ..
خرجت من المنارة بشكل متسلل بعد صدور الحكم بشهر لأتنفس القليل من عبير الهواء الساحلي المنعش جلست على حافة الميناء كان أشبه بجرف صخري ناتئ بعض الشيء وفي حوزتي حقيبة صيدي بدأت أجهز وأرتب شبكة الصيد والصنارة وبعض الطعوم لأصطاد بعض الأسماك كنت قد اشتهيتها في عزلتي الطويلة انتهيت من تركيب الطعوم وألقيت صنارتي وانتظرت حتى تصطاد ثم غرقت في سحب أحلام اليقظة لا أدري إلى أين سافرت لم آبه لم جاء واستفرد بي من الناس كنت مغيبة عن العالم الواقعي أهيم في عالمي الافتراضي استفقت على يد تربت على كتفي التفت مستفسرة إلى صاحب اليد أريد معرفة من فصل سيل حبل أفكاري وجدته شيخاً أكلت يد الزمن الكثير من قسمات وجهه البض المهترئ أخبرته : من انت أيها السيد الطيب ؟ إن الميناء مغلق
الشيخ : لا عليك ي بني يبدو أنك حارس المنارة الجديد ؟
علي : اجل ولكنك لم تخبرني من تكون ؟(يبدو أنه لم يستطع تفريق أن كنت شاباً أم فتاة هذا عامل جيد هذا ما كنت أحاول اظهاره منذ فترة طويلة لا يهم سأعمل ما بدأت به)
الشيخ : أين سرحت يا صديق الميناء ؟ ما اسمك ؟
علي : لا أدري أيها الشيخ .. أدعى علي ..
الشيخ أهلا بك يا بني .. لكن الميناء تحتاج إلى شاب متيقظ غير سارح مثلك
علي : أنني جديد هنا لا أعرف شيئاً عن الميناء والمنارة يبدو أنك تملك مهارة واسعة عن المنارة والبحر (ألقيت أسهم قرعتي لأوهم الشيخ أنني مجرد أبله لا يعلم شيء )
الشيخ أجل لقد كنت حارس المنارة من قبلك لكن كبرت وهرمت حتى قاموا بتعيينك بدلاً مني ...
علي : آسف أيها الشيخ لكوني سبباً في قطع رزقك من هذا العمل
الشيخ : لا يا بني هذه سنة الحياة وأنا راضٍ بها و مسلم أمري لها
علي : يا سيدي انني نقيضك تماماً لا أستطيع الاستسلام أبداً حتى لو تهشمت مجاذيف قاربي ..
الشيخ : وهذا هو الفرق بيننا يا بني لديك روح لا يمكن قهرها لذلك تم اختيارك بدلاً عني مازالت روحك الشابة تنضح بالحياة أما أنا فقد هرمت تماماً وشاخ عقلي قبل أن يشيخ جسدي ..

أنت تقرأ
عندما تكون السعادة حلماً مستحيلاً
Fantasyفتاة تستهويها المصاعب وتتحدى الحياة للوصول لاهدافها لكن الحياة تقبل التحدى وتقلب الطاولة عليها