*"وَحَدُّكَ يَارَبِّ تَعَلَّمَ مَا يُقْلِقُنَا فَبِشَرِّنَا تيَاسِير تَعقبُهَا تَبَاشِيرُ!" 🤍*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مستلقيةٌ فوق فراشها، تُحدق بسقف غُرفتها بشرود...
لحظات ثم حوّلت نظراتها لبطنها المنتفخة، والتي تحمل داخلها طفلها الجديد...وضعت يدها فوق بطنها تقول بهمس : أنت عارف لو مطلعتش بنت هعمل فيك ايه... أكملت بابتسامة : هحبك أكيد...ضحكت على كلامها لتُكمل... بس نفسي بقى حد يطلع شبهي...كفاية الواد إبان شبه أبوه قلبًا وقالبًا... فأنت يا حبيبة قلب أمك، ولد ولا بنت لازم تبقى شبهي...خرج ياسين من الحمام يضحك بقوة : هو الحمل أثر على عقلك ولا ايه يا ديجوو، بتكلمي الولا وهو في بطنك الكلام دا ازاي...
نظرت له وقد شعرت بالاِحراج...فقد سمع حماقاتها...
اِحمر وجهها بغضب وحنق، لتُدير وجهها للجهة الأخرى لكي لا تراه...
فهم هو أنها تريد تجاهله لاِحراجها منه...يفهمها جيدًا بالأخص حين تتشابه حركاتها مع حركات اِبنة حذيفة...
اقترب يلف عُنقها بيده، يُقربها إليه، وبيده الثانية أخرج حلوى الشوكولا التي تُفضلها أمامها : طب وكدا...
دفعته بقوة ليقع على السرير...
انتشلت من يده الحلوى لتتناولها بسرعة وهي تضحك بقوة...تزامنة ضحكاتها مع ضحكاته عليها...انتهت تنظر إليه : هات تاني...
ياسين بابتسامة عريضة : حبيبي...بلاش تاكلي كتير من الحلويات دي يا خديجة...
عبست خديجة وهي تتذكر تحذير الطبيبة لها"في حوامل كتير بيجلهم سكر في مرحلة الحمل، ولكن في حالتك يا مدام متوقع جدًا إن السكر يجيلك...وللأسف وقتها من هيمشي بعد الحمل...فياريت السُكريات تاكليها بحساب، لا تمنعيها خالص، ولا تُفرطي في تناولها"
هتفت بحنق تحاول اِخفائه : ماشي، يلا بقى روح شُغلك...
اعتدل ليجلس على السرير، جذبها من يديها لتقع عليه، نظر لعينيها يهتف بهمس : أنت عايزاني امشي...
لم تتأثر لا بقربه ولا بهمسه...
قد أخبرته بحبها منذ أيام، بالتأكيد بها شيئ...سألها بقلق : مالك يا خديجة...
حاولت خديجة أن تُبعده وتقف لكن قدميها لم تُسعفانها... قدمها فقدت قوتها...
اعتدل هو ليحملها في حجره كطفل يُهدهدهُ : مالك يا حبيبتي...فيكِ ايه...
تجمعت قطرات العرق فوق جبينها لتَدُل على اِجهادها...تزامنًا مع ارتفاع حرارتها، واحمرار وجهها...
تحدثت بعد عناء : وديني المستشفى يا ياسين...بطني وجعاني أوي...قالتها ثم غابت عن الوعيــــــ
حين اِستعادت وعيها كانت على سرير المرضىٰ...ليس أي مرضىٰ، بل المرضىٰ المجهزون لدخول العمليات الجراحية...
حين طلبت منه أن يأتي بها للمشفى كانت تريد مُسَكنًا للألام...لكن يبدو أنها أتت لتلد...نظرت حولها...الغرفة فارغة... أين زوجها... أين الممرضات أو الطبيبة...
لما هي وحدها...لا تعرف لما لم تشعر بالذعر أو الخوف...هل ربما لأنها ليست بمفردها...شعورها الدائم أن الله معها...
وضعت يدها فوق بطنها تبتسم : شكلك عايز تيجي الدنيا بدري يا ولا...
ياسين عارف أنت ولد ولا بنت بس أنا بقى مش عايزة أعرف...
عارف ليه... أكيد أنت مش عارف...ضحكت على نفسها لتكمل...هقولك أنا...عشان ياسيدي عايزة أشوف إحساسي بيك... أو بيكم...عندي شعور إن جوايا نبضين مش نبض واحد...لما بنام بسمع صوت قلبنا إحنا التلاتة...
قاطع كلامها دخول زوجها...نظرت له بتمعن لترى عيناه الحمراء...عرفت أنه كان يبكي...لم يُرد أن تراه يبكي...هو ليس كباقي الرجال...يحب أن يظهر لها قوته وضعفه...لكنه خرج لكي لا يزيد من ضغطها النفسي...خديجة تفهمه أكثر مما تفهم نفسها...
ابتسمت ثم ضحكت وهي تهتف له بالاقتراب : تعالي يا ياسين...
اقترب يبتسم لها : صحيتي امتى يا قلب وروح ياسين...
ضمته لها بقوة وهي تسأله : من شويه يا حبي...ألا قولي يا ياسين...ولد ولا بنت...
ضحك عليها بقوة وقد تَبدَدَ حُزنه لفرح معها : مش كنتِ بتقولي "قَلَدَهَا" خليها سر يا ياسين...هشوف أنا هعرفه ولا لأ...محسساني إنك بتنجمي...
ضحكت وهي تقول : بطل غتاتة بقى وقول...
جذب كرسي بقربه ليجلس قرب سريرها... أمسك يدها بين كَفيّهِ يُطمأنها قدر اِستطاعته : بصي يا خديجة... أنت دلوقتي هتولدي...
أومات خديجة بقوة وسعادة، ليُكمل هو بحزن حاول إخفائه : أنت في بداية الشهر السادس يا خديجة...أومأت ومازالت ابتسامتها على ثغرها...أكمل : ودا مش معاد ولادتك...بس مائة الولد نزلت...وخلاص...معاد ولادتك...
وضعت يدها الأخرى فوق كَفيهِ تهتف باطمأنان : ياسين...متخفش أنا قوية وأقدر بإذن الله أعدي الحمل دا...ادعيلي أنت ومش تخاف...
ياسين وقد لمعت عيونه بالدموع : بس الدكتورة قالت...
خديجة بابتسامة : قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا...مفيش حل تاني...هولد يعني هولد...كدا كدا الطفل دا أوانه، مش هعرف مثلا أحبسه في بطني...فاهدي كدا ومش توترني...وبعدين تعالَ هنا...فين عمتي والعيال... أنت مش قولتلهم ولا ايه...
أشار برأسه للخارج وهو يقول : كلهم برا...لما أطلع وأبلغهم إنك صحيتي هيهجموا عليكِ زي التَتار والمغول...
ضحكت بقوة وهي تهتف محاولة تهدئ رَوعهِ : ياسين...
نظر له بحب عميق : هممم
اقتربت منه تهتف بهمس : ممكن تكمل الآية...
لم ينتبه لما تنطقه، فها هي أمامه تهمس برفق وغنج فطري بها...
أمسك وجهها بين يديه يُقربها منه، ليلثم شفتيها بقوة وخوف من فُقدانها...
وبعد دقائق ابتعد يلتقط أنفاسه، ومازال وجهه قريبًا لخاصتها...
كان وجهها أحمرًا للغاية...فقد اجتمعت حُمرة الخجل والاختناق، هتفت بأنفاسٍ متقطعة : عايز تِموتني مخنوقة من بوسة يا ياسين...
ضحك بقوة وهو يقول : ما أنتِ اللي بتغريني...
خديجة بابتسامة : والله؟!...على فكرة بقى كنت بقولك كمل الآية...ايه الإغراء اللي فكدا بقى...وبعدين حضرتك كنت خايف، ولا بتغرغر بيا...
ياسين مقلدًا إياها : حد يقرب من حد ويهمس قدامه بكلام..."كان يقترب منها ويهمس مثلما فعلت" وبعدين إيه اغرغر دي
أبعدته وهي تهتف بسخرية : أنت معندكش تَحكُم في نفسك زيي...وبعدين تغرغر دي معروفة...
ضحك ساخرًا عليها : فكريني لما نرجع أوريكِ قوة تحكمك يا خديجة... وبعدين الكلمة الغريبة دي أول مرة أسمعها منك تقريبًا يا أم تحكم...
ضربته في كتفه بخفة : يا جدع بهزر...كل دا عشان بقولك كمل الآية...
أمسك يدها يحب وعطف يُرتل بصوته العذب : قل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون"
خديجة بنبرة حنونة : شفت بقى...هو مولنا...ربنا بيحبنا يا ياسين والله...لو أنا حصل ليا حاجة أكيد دا ابتلائك وأكيد أنت قَدّه...وعلى الله فليتوكل المؤمنون...المؤمنون مش المسلمون... لأن المؤمنون هما اللي بيؤمنوا بالغيب...بيؤمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر...
أكَمل ياسين : خيره وشره...عارفة... بإذن الله ربنا هيطلعك ليا سليمه مُعافاة...عارفة ليه؟
خديجة بابتسامة : ليه...
قَبل يديها بحنان : لأني فعلًا مقدرش أعيش من غيرك...لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها... وأنا وسعي وطاقتي وأنت معايا...لو حصلك حاجة...تلقائيًا دا هيقف...كان يُشير لقلبه...دي مش حاجة أنا مُتخيلها... لأ دا واقع وحقيقة...فاكرة لما من يومين قولتلك ننفصل...حسيت لمجرد تَخيل الفكرة إني هموت...
ابتسمت بحب : بإذن الله هتعدي بخير...ثق في الله، وحكمته وقدرته...قولي بقى ولد ولا بنت...
قَبَلَ رأسها بحب : الدكتورة جاية ورايا...تقولك هي
دخلت الطبيبة تُحيّيهَم وخلفها مُمرضَاتُها...
خديجة بابتسامة : هو ولد ولا بنت يا دكتورة...
ابتسمت الطبيبة : ولد بإذن الله...مبارك ليكم...
أشارت لكل ممرضة لمكانها...لتقول خديجة : بس أنا مش حسه بالطَلق يا دكتورة...
اِبتسمت الطبيبة : للأسف ولادتك المرة دي مختلفة ونادرة كمان...المشيمة اتفتحت والماية حوالين الطفل نزلت...الرحم كله مستعد للولادة...بس جسمك مش مستعد...
نظرت خديجة لياسين و للطبيبة تنقل نظراتها بينهما : أنا مش فاهمة حاجة...ما أنا ولدت الواد إبان وعادي...طلق وبعدين ولادة...ولا أنتِ هتولديني قَيصري...
حركت الطبيبة رأسها : لأ يا مدام...بصي...دلوقتي أنا هديكِ طلق صناعي عشان تولدي...
خديجة بتوتر : ليه؟
الطبيبة بابتسامة مُطمئنة : الماية اللي حوالين الطفل نزلت...بمعني علمي السائل الأمنيوسي اللي هوا كيس الحمل...تاني سبب حضرتك مصابة بسكر الحمل...كمان حضرتك يا أستاذ ياسين قولتي إنكم لما تابعتوا مع دكتورة للسكر قولت أنها قالت إحتمال السكر يستمر بعد الحمل لأنه مش سكر حوامل، أي نعم دا احتمال...بس دا سبب للطلق الصناعي يا مدام خديجة... كمان...تردتت أن تُكمل لكنها أكملت...طفل حضرتك حجمه كبير...هل دا بسبب السكر؟ الله أعلم...بس دا سبب كمان إني استخدم الطلق الصناعي...الطفل مُكتمل نموه إلي حد ما... بإذن الله تقومي منها سلمية...