"الساهِيـــــة".......
.
.
#قصة_قصيرةتقف سيارة تجلس فيها فتاتين .. أحدهم خلف المقود بشعرها .. والآخرى شاردة بجانبها ..
التفتت لها بأنتباه فوجدتها شاردة .. ظل لثواني:
-وصلنا يا"حليمة"..!
أفاقتها من شرودها فألتفتت لها ثم للمبنى أمامها فتقول في حبور بإبتسامة:
-شكراً يا "رقية" ..!
لتقول صديقتها في خفوت :
-مش عايزة حاجة تانية ؟
-لالا هعوز أيه ..؟
لترتب على كتفيها في تلك اللحظة وهي تقول:
-"حليمة"...!أنا عارفة أنك مش كويسة الفترة دي .. ياريت مضايقيش نفسك هو خلاص مات..
-مش مضايقة..
ثم أشارت للمبني وهي تقول بهدوء:
-أنا جيت هنا عشان مكنش مضايقة ..
لتضغط على يديها وكأنها تبث فيها القوة وتوسيها بعينيها..
لتمسح دمعة شاردة سقطت على وجنتيها وتتصنع الابتسامة قائلة:
-يلا هنزل أنا بقى عشان معطلكيش أكتر من كده ، ومتقلقيش هطمنك عليا...!
.
.
لتفتح الباب ... يظهر ضوء أثر فتح الباب بعدما كان يعمه ظلام .. حقيبة كبيرة بجانبها ، حقيبة سفر
يظهر خيالها أثر أنعكاس الضوء..
ليظهرها بهيئة ضخمة .. وسترتها البيچية الطويلة التي تصل لأقدامها خيالها يظهرها على الأرضية ..
تقدمت للداخل
أنارت النور بجانبها .. لينير المنزل المتناسق..
تشرد حوله .. غـافلة....!!
كان منزل كبير منظم.. مرتب دليل على المكوث فيه .. وعلى الأهتمام بتنظيفه..
فوالدها كان يأتي دائماً لهذا المكان .. لم يُترك مهجوراً ..
تبتسم بشرود .. مازالت تدور بعينيها حوله...!
هذه آخر شئ متبقية لها .. أو الوحيد ..
تتسع أبتسامتها ،، الشاردة .. الجامـدة
ليصدر صوت ضحكاتها ، وتعلي ضحكاتها..!
فأكثر...... حتى سمعت صـداها
دقات الثواني في عقرب الساعة تنتظم وكأنها تصـرخ معاها ..
تضع يديها على رأسها..تريد محو الذكريات...
تريد تهدئة ما بداخلها ..
فتطلق أهة لتحررها من داخلها.. قوية
ثم تعود تكررها أقل حدة.
ثم أقل حتى هدأت..
نظارها ثابت للأعلى .. نحو نقطة ما ..
عينيها السوداء الباكية ثابتة بشرود .. وكأن يعيد لها ذكرياتها ..
ثم هدأت وقالت بتساؤل:
-ليه يا بابا ! ..ليه يا بابا تعمل فيا كده ، هو أنا كان ليا غيرك يابابا ، ليه تقبل أنهم يرموني ..
قامت واقفة تنظر حول المنزل :
-تقبل أنهم يطردوني .. من بيتي
مسكت أنتيكا زجاج شكلها بديع ، أخذتها من أعلى طاولة صغيرة
ناظرة لها بعينيها بقوة .. وكأنها تسألها :
-عملت كده وسبتني ..! ، انا مش متعودة اني أزعل بالطريقة دي .. ليه تصدمني كده .. اتجوزت على ماما وعندك عيال ، خونتنا كلنا
لتضغط بيديها عليها وتقول بوجه شرس:
-خونتنا كلـــــنا .. ليـــــــــــه يا بابـــــا ليــــــه.
اخر عبارتها خرجت مع تحطمها للزجاج بعدما رمتها بأقصى قوتها لتتناثر في كل مكان ...
-أدتهم كل حاجة .. كـــل حاجـــــة.....!!!
تبدأ في تحطم كل شئ أمامها.. وهي تعيد أخر عبارة
فمن كلامها يدل أنها فتاة لم تعتاد الحزن أو الصدمات كثيراً ، عاشت حياة ترفيهية مع والدها ووالدتها ..
لم يكن لها أخوة فقط وحيدة ..
تركتها والدتها أثر مرض ظل يصاحبها لوقت طويل ..
ثم تفاجأت عند تعب والدها بأن لديه أسرة أخرى..
ولم يترك لها سوى المكان التي هي فيه الآن .. وأخرجها من كل شئ كانت تمتلكه ...
.
.
غير شاعرة بشئ .. غير سامعة لشئ سوى لضربات قلبها ..
سوى للألم التي يكبر بداخلها ..
كانت تحب والدها .. وهذا ما يتعبها الآن ....
صوت صراخها التي بالداخل وتنفسها العالي وكأنها كانت في حرب ..
غافلها عن صوت طرقات الباب ..
لم ينتهى الطرق حتى أنتبهت..
لتحرك رأسها الباكية .. تقف في مكانها بصعوبة..
المكان حولها مهمل .. بعدما كان كل شئ مترتب..
لم يظهر ملامح للمنزل .. تقدمت خطوتين لتقف أمام الباب
مدت يديها للأوكرة تحركها لأسفل قليلاً ثم سحبت الباب لعندها..
يظهر خلفه ......
اللا شــئ ، لم ترى أحد..
متعجبة ثابته .. حتى أنتبهت وأغلقت بقوة.
وقبل أن تمر ثانية وقبل أن تخطي خطوة أخرى أستمعت لصوت الطرقات .. تعــود
تعجبت من إعادتها بسرعة....
تلك المرة نظرت من العين السحرية .. بعدما أغمضت عينيها اليسرى لترى بوضوح بعينيها اليمنى......
فرأت شخص متقدم في السن واقــف
ظهر بوضوح بعدما فتحت الباب.. ويطلق إبتسامة في وجهها لطيفة ويقول بإحسان:
-أزيك يا بنتي! .. أكيد أنتي بنت المرحوم الحاج داود..
اومأت بحزن ليكمل وهو ينظر لها بشفقة أو هكذا شعرت:
-البقاء لله يابنتي...!
لم ترد سوى بإيماءة ليكمل:
-أنا باجي هنا أطمن على المكان ، وماشي دلوقتي.. لو عوزتي أي حاجة الست نوال جارتك اللي ساكنة تحت مش هتتأخر عنك أبداً.
قالت بخفوت:
-شكراً..
ليكمل وهو ينظر لها:
-أنا عارف أن الوقت صعب عليكي ، وصعب تتأقلمي بسهولة هنا .. عشان كده بقولك سيبي بيتك وأنزلي في أي وقت تحت
ليكمل ببطئ بجدية وكأنه يوضح لها بثبات:
-أنتـي محتاجلها....
قال ذلك وغادر ..
تابعته بنظراتها متعجبه لكن لم تهتم وأغلقت الباب...
.
.
بعد قليل شعرت بالوحدة ...
لم تريد أن تكمل لحظة وحدها في هذا المنزل ..
كأنه يخنقها...!!
تذكرت ذات الرجل .. لتأخذ حقيبتها الصغيرة خلفها ، دون تفكير تصرف تهوري ..
لكن لم يبقى لها شئ عاقل تفكر فيه
أنها مسحوبة شئ يحركها ، تقنع ذاتها ببعض الكلمات.........
أرتدت سترتها بسرعة ، ضابطة أحكام حجابها .. ثم ضمت المفاتيح في يديها.. وكأنها تفعل ذلك بسرعة ودون تفكيـــر!!.
.
.
يُفتح باب المنزل .. سيدة رفيعة .. سمراء البشرة قليلاً .. لكنها تشعر أنها رايقة وأبتسامتها الواسعة دائماً على وجهها ..
تقدم لها الدلوف ..
نظرة "حليمة" في ريبة لم تعرف لماذا لكنها دخلت....
رحبت بها بإبتسامة واسعة مبرزة أسنانها وهي تقول:
-نورتي يا "حليمة"..!
تعجبت "حليمة" وقالت بتوتر:
-تعرفي أسمي منين..!
تلجلجت السيدة وهي تخبرها:
-أتفضلي أدخلي..
لتدخل بحذر .. مراقبة كل شئ حولها...
سمعت صوت غلق الباب خلفها .. لكن لم تهتم ..
متابعة المنزل فكان منزل يشبه منزلها في تركيبه.. مُرتب بأثاث مختلف ، نظيف...
فيوجد شئ يجعلها تدلف .. يمكن منظر السيدة الطبيعية..
قالت السيدة وهي تقترب منها:
-حضرتلك أوضتـك...
لم تنكر طيبة السيدة التي تنعكس في وجهها ... الآن..!
وكأن هذا الشئ الوحيد التي تصدقه.....
قالت "حليمة" بإنكار واضح ، ولم يخفى علامة التعجب فيه:
-بس أنا مش هبات هنا.....
ركزت على وجهها التي يبدو طبيعي ببشرة مثل الأغلبية .. ابتسامتها الواسعة التي بعدما تبسمت ظهر تجاعيد وجهها قليلاً ، دليلاً عن تقدمها في السن ، فأعطتها سن في أواخر الأربعين.. مثلاً
ابتسمت على عبارتها بإنكار موضحة بتأكيد:
-أتفضلي أدخلي...
تقدمت الفتاة وهي تستكشف حولها .........
تنظر يمين ويسـار...
لم تتقدم الكثير فقط ببطئ....
لتقابلها السيدة وتشعر بها وهي تمسك ذراعيها...:
-انتِ مال جسمك متخشب كده ليه ....!
أنتفضت "حليمة" مبتعدة وهي توجه لها الأنظار...
لتترك السيدة يديها ..
-واضح أنك خايفة .... أنا هسيبك!
نظرت لها "حليمة" بتعجب و رأتها استدارت.. لتراقبها من الخلف ..
قالت "حليمة":
-هو أنتي تعرفي بابا..!
توقفها "حليمة " بهذا السؤال لتستدير لها مرة أخرى..
وأبتسامتها لم تختفي .. بل أتسعت .. شعرت وكأن عينيها ترسل الشراسة التي لم تناسب أبتسامتها..
-ليه بتسألي...!
سرحت "حليمة" قائلة:
-أنا بابا الفترة الأخيرة كأني معرفهوش .. تصرفاته كانت غريبة .. زي مانا معرفكيش دلوقتي
هنا صدرت ضحكاتها .. البطيئة .. تخرجها مع شهقات في أنتظام...
تعجبت أكثر من طريقة ضحكتها .... المرعبة......
ولكن مازال يشوبها التساؤل ويزيد فضولها... حول شـئ...
وكأن السيدة تسرعت وهي تقترب منها:
-عايزة تعرفي أنا مين..!
من الخوف لم ترد ، تشعر وكأنها لم تستطع الحراك ..
ثابته مكانها..
شئ يبقيها غير متحكمة في جسدها ، لكنها تابعت:
-أنا ممكن أعرفك بنفسي .. لو عايزة....؟