ليس ابني"التاسع "

220 14 0
                                    

قرائه ممتعه اعزائي لا تنسوا الدعاء لاخواتكم في فلسطين ولبنان و السودان و سوريا
"دائرة الخطأ"
"التاسع ليس ابني"

==================================

توقف الزمان للحظات لا يعلم عددها ولا كم استغرقت. لم يتخيل يومًا أن يُفضَح أمره بهذه السرعة، كان يتصور أن الوقت سيكون كافيًا لتدارك الموقف أو على الأقل لتمهيد ما سيحدث، لكن الآن... لم تمنحه الحياة تلك الفرصة.

أفاق من شروده على نظرات الجميع التي تحاصره. نظرات "هاجر" كانت خائفة وتائهة، كأنها ترغب في الهروب به بعيدًا من هذا المكان.

أما "حسناء"، فكانت نظرتها حزينة، لكنه لم يستطع تحديد إن كان حزنها من أجله أم بسبب الموقف نفسه. كان الود في عينيها يشبه ملاذًا آمنًا، وكأنه طفل يختبئ من أفعاله في أحضان والدته، فلم يشأ أن يُشيح بنظره عنها.

نظرات "قاسم" كانت شامتة، قاسية، وكأنه يستلذ برؤيته في هذا الموقف. و"أنس" الذي شهد المشهد وكأن التاريخ يُعيد نفسه أمامه بأشخاص مختلفين—في البداية قتل الابن أبيه، فهل يمكن أن يقتل الأب ابنه؟

أما ما لم يستطع فهمه، فكان نظرة "عادل". مزيج غريب من الغضب، الحزن، وربما الخذلان أو العتاب.

بعد فترة، لم يكن يستطيع تحديد ما إذا كانت دقائق، ساعات، أو حتى أيام، وربما سنوات، شعر وكأنه أصبح عجوزًا في هذه اللحظة، ولم يعد الطفل الذي يتمنى عفو أبيه. تحولت مشاعره تجاه هذا الأب إلى كره عميق، وغُلف قلبه بعدائية قاسية. تعلم من الحياة ألا يثق بأحد، حتى أبيه.

بدأ عقله يُعاتبه في تلك اللحظة: "هل ظننت أن الماضي سينتهي دون حساب؟ كيف تتصور ذلك؟ ألم تُقدم على فعل ما لا يجرؤ حتى الشيطان على فعله؟ الآن جاء من سيُعيد الأمور إلى نصابها."

تحدث "عادل" بغضب، وهو يقف في مكانه عاجزًا عن التفكير:

- سؤال واحد، كلام "قاسم" صح؟ أنت عملت كده؟

ضحكة غريبة انبعثت منه، لم يكن يعلم إن كانت سخرية أم حزناً، لكنها جاءت رغماً عنه، ضحكة تُمزق قلبه وتُغطي صوت تحطم مشاعره. هل هو حقًا غاضب؟ هل يحاسبه لأنه كاد يقتله؟ وكيف لا، وهو لم يكن يعلم أنه أباه؟ وما ذنبه سوى أنه نسي ملامحه منذ خمس عشرة سنة.

تحدث بألم، وكأن الجنون استحوذ على قلبه:

- آه، أنا. تخيلت إني هدافع عن نفسي وأقول لك مش أنا؟ لا، أنا... أنا يا "عادل"، أنا اللي ضربتك على دماغك، عارف ليه؟ لأني لما عيني جت في عينك معرفتْكش. وعملت أكتر من كده، ولو كنت أعرف إنك "عادل" كنت قتلتك. أنا عملت الأسوأ، ألف مرة، أنا بكرهك.

دائره الخطأ (قيد التعديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن