"حفل زفاف" العاشر

256 18 0
                                    

لا تنسوا الدعاء لاخواتكم في فلسطين و السودان و لبنان و سوريا و لكل المستضعفين.

"حفل زفاف"
"دائرة الخطأ 10"

-----------------------------------------------------------

أبشع جريمة يمكن أن يقدمها الإنسان لنفسه هي الكتمان. كتمان مشاعرك، إحساسك، بكاؤك، سعادتك، أي شيء تكتمه بداخلك. تلك المشاعر والمواقف التي تُبقيها مكبوتة في داخلك هي مواقف لا يعلم أحد عنها شيئًا، وربما أنت نفسك لم تعد تتذكرها، ولكن آثارها تظل ساكنة في داخلك، متشبثة بك حتى النهاية، تقتل كل شيء جميل فيك.

ستجد آثارها في نومك المتقطع، في أنفاسك الضيقة، في غضبك. ستجدها في تلك الدوائر السوداء تحت عينيك، وفي جسدك الذي لم يعد يحتملك، وفي عينيك اللتين تصرخان من الألم المكتوم. كل شيء فيك منهك، نعم، لقد جنيت على نفسك عندما اخترت الكتمان.

أخرج كل ما في داخلك، الطفل الصغير الذي لا يزال يقبع في أعماقك، المواقف الصعبة، البكاء... أخرج كل شيء لتستطيع أن تكون بخير. أخرج نفسك من هنا.

لم أعد أتحمل المزيد. أريد الهروب من كل شيء حولي. أشعر بثقل العالم على صدري، حتى أنفاسي تخرج بصعوبة وكأن صخرة ضخمة وضعت على صدري. لا أستطيع القيام بأي شيء، أفكاري تطاردني، رأسي يؤلمني، وفشلت كل محاولاتي للهروب من حقيقة أنني فقدت نفسي.

لن تنجو سالمًا...

من الصعب أن تتظاهر بالقوة والسعادة أمام الجميع، وعندما تنظر إلى المرآة، لا تستطيع الصمود.

هذا كان حاله الآن، جالسًا أمام المرآة يتفقد ملامحه، لا يستطيع التعرف على نفسه. من هو؟ كيف كذب تلك الكذبة وصدقها إلى هذا الحد؟ هل هو "محمد عادل يزيد الجبالي" أم هو "محمد نوح الرشيدي"؟ من هو؟ أهو محمد الطفل الصغير الهارب، أم الشاب المخادع الذي يكرهه الكثيرون؟ وهو أيضًا يكره نفسه. يسأل دائمًا: لماذا هو بالذات الذي حدث له كل هذا؟

أخرج دفتره الصغير ودوّن تلك الكلمات: "لو أتتك الفرصة للهرب، فاهرب. اهرب من أي شيء، من ماضيك، مستقبلك، حاضرك، حتى أيامك. اهرب من البشر. لو استطعت الهروب من نفسك، اهرب."

أغلق الدفتر وألقى بجسده إلى الخلف، مستنشقًا دخان سيجارته، يسحبه إلى أعماق رئتيه ثم يخرجه مرة أخرى.

أفاق من شروده على دخول "سليم" المفاجئ.

في الخارج، كان "سليم" يتابع ما يدور حوله. "زينة" والفتيات كن يستعدن للذهاب إلى الفندق الذي سيقام فيه حفل الزفاف، ومعهن بعض الحقائب.

أما "چنى" فكانت تحاول الاتصال بـ"هاجر"، لكن لم تكن هناك أي استجابة. وقف "سليم" بجانبها وتحدث بثقة وهو ينظر إليها قائلاً:

دائره الخطأ (قيد التعديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن