لازم أعتذر طبعا عن المواعيد المش منضبطة دي لكن و الله بحاول على قد ما أقدر أنزل لكم بمواعيد مظبوطة أرجو التفهم❤️
انا مش من النوع اللي ينزل الفصل على حسب التفاعل انا و يعلم الله إني بنزل عشانكم مش أكتب فأتمنى بجد يكون التفاعل على البارت مرضي
مستنية ريفيوهاتكم على الرواية عشان أعرف رأيكم فيها
و متنسوش تقولوا رأيكم في الكومنتات و صدقوني انا بقبل النقد عادي..❤️❤️
آسفة إني طولت و يلا نبدا البارت
____________________~~~~~~~~~~~~
لا تثق بهم, حتى لو أقسموا لك بالبقاء..
~~~~~~~~~~~~
في بعض الأحيان يغدو المرء وحيدًا يجر أذيال الخيبة خلفه,
يتألم, و يُجرح, و يبكي, و أحيانًا يُكسر, و نفسه هي فقط من كُتب عليها تحمل الدموع المنهمرة على وجنتيه أيًا كان سببها...
لا عجب أنه يخفيها تلك النفس المهشمة, لـيظهر فقط هذا الحطام الجاف القاسي خالِ المشاعر, و يصير كأنما تحالفت الدنيا ضده شرقها و غربها, فينسى كيف يحب أو حتى كيف يشعر...
في إحدى المنازل الواقعة بضواحي القاهرة, لربما كان هذا هو المنزل الوحيد المتواجد بتلك المنطقة.
يجلس ذلك الصبي ذي العشرة أعوام بغرفته ممسكًا بكتاب بين يديه يقرأه في سلام, لكن للأسف لم يدم هذا السلام طويلا, إذ
بصرخة مفزعة تأتي من غرفة والديه جاعلة إياه ينهض مسرعًا بخوف حيث تلك الغرفة, و لكن قبل وصوله طُرق الباب بعنف حتى أصبح ذلك الطفل في حيرة من أمره و الخوف يتخلل ثنايا قلبه متسائلًا أيفتح لذلك الطارق الذي يكاد أن يقتلع الباب؟ أم ينجد والدته تلك التي تصرخ في رعب و فزع...
لحظات مرت كأنها ساعات حتى حسم أمره و ذهب راكضا حيث تكمن أمه...
و ياليته فتح للطارق...
دفع باب الغرفة بقوة طفل فُتح على إثرها؛ فلم يكن مغلقًا من الأساس,
ليرى ذلك المشهد الذي لازمه طوال حياته..
إن والدته متكورة أرضًا تبكي بعنف و يديها تمتلئ بالدماء, أما والده فتتسطح جثته على السرير تتوسط السكين بطنه بينما تسيل الدماء كشلال على جانبيه...
يا الهي كم هو موجع أن يرى ذلك الطفل مشهدًا قاسيًا كهذا و هو في بداية عمره؟
ظل "مراد" واقفًا يحاول استيعاب ما تراه عيناه حتى قطع شروده هجوم مفاجئ قاده رجال الشرطة, و عندما استعاد رابطة جأشه وجد الضباط يأخذون والدته و هي ساكنة لا تصدر سوى أنين خافت من فمها, تناظره بدموع و كأنما تطلب أن يسامحها, رأي الأطباء يحملون والده على ذلك السرير المتنقل و هو غارق بدمائه, و رأي تلك السيدة الواقفة وراء الباب تراقب ما يحدث بصمت و عيونها تحكي ما لم يقدر عليه فمها...
__________________
فاق "مراد" من شروده, فاق من تلك الذكرى غير المحببة إليه و التي دائمًا ما يذكره بها عقله و كأنه يحذره من نسيانها و لو
للحظة, استعاد وعيه على مكالمة هاتفية نجحت في قلب كيانه رأسًا على عقب...
-ألو يا "علا".....ايه؟ّ!! انتحرت.....دة امتى؟......طب أنا جاي حالًا.....لا لا مش هتأخر مسافة السكة
نهض مسرعًا و ارتدى ملابسه بلا نظام على غير عادته و انطلق في عجالة ليستقل سيارته غير آبه بنداء والده المتكرر له.
ركب سيارته و انطلق بها فالقًا الطريق بلا اهتمام أنه حتى لم يمشط ذلك الشعر الذي تناثر على جبهته لشده نعومته, و أخيرا و بعدما قارب على دهس العديد من الناس و ارتكاب احدى الحوادث وصل الى المستشفى التي يعمل بها و صعد درجات السلم حيث تكمن غرفة تلك الصغيرة, و بمجرد وصوله وجد الممرضة "علا" تخرج من الغرفة و يبدو على وجهها الحزن الشديد فركض إليها و قبل أن ينطق باغتت هي بقولها:
-أنا آسفة, لكن ملحقتهاش
أصبح كمن صعق بشدة و بلا رحمة و لم يستطع التحمل أكثر فجلس على أول كرسي قابله محاولًا عدم البكاء أمامها, بينما تدور برأسه أفكار سوداوية و ذكريات مريرة أوشكت على
الفتك به, و وسط هذه الصراعات النفسية التي مر بها أدهشته تلك الضحكة الرنانة التي خرجت توًا من فم "علا" حتى أدمعت عيناها من كثرة البكاء لتحاول التوقف مرارًا و لكن دون فائدة ليناظرها بتعجب و حيرة متمنيًا ألا يكون ما يفكر به صحيحًا و إلا سيودي بها حتمًا...
-هو أنتِ بتضحكي على آيه؟
سألها "مراد" باهتمام غلفه الخبث بعدما توقفت عن الضحك أخيرا و على عينيها مازالت آثار الدموع متواجدة لتجيبه بمرح:
-أصل أنا و الحمد لله بعد سبع سنين شغل عرفت أضحك عليك و بعد تلك الجملة انفجرت في الضحك مرة أخرى و لكنها صمتت سرعان ما تذكرت أن المشفى تمنع مثل تلك الأصوات العالية, و قبل أن تقوم حتى بالتنفس مرة أخرى كانت تتلقى صفعة مياه قصدت وجهها لتفتح عيناها بصدمة و قد تبللت ملابسها و شعراتها بالماء و في تلك المرة كان الضحك من نصيب "مراد" الذي بدأت ضحكاته بالظهور و هي تعلو شيئا فشيئا ثم و بعدما انتهى وقف قبالتها و هو يقول بنبرة مختنقة:
-جردل المياه اللي أخدتيه دة عشان ثلاث أسباب
رفع كفه أمامها و بدأ بالعد عليه متابعًا:
-أولا عشان دة مش وقت هزار تمامًا, و ثانيًا عشان مش مراد الشرقاوي اللي يتضحك عليه
توقف قليلًا لتسأله هي بغضب قائلة:
-و ثالثًا؟
-عشان المياه عندكم مقطوعة
بدا على وجهها علامات الاستفهام؛ فالماء بمنزلها ليس مقطوعًا, لذا قامت بسؤاله:
-بس إحنا المياه عندنا مش مقطوعة
تصنع استنكار قولها بحديثه:
-غريبة, أصل واضح إنك مستحمتيش بقالك كتير
و دون رد آخر دلف الى غرفة "سمر" تاركًا إياها تكاد تحترق غيظا, هي تعلم وقاحته بالحديث لكنها لم تتصور أن تصلها وقاحته تلك, لذا قامت بالركض الى المرحاض ضاربة الأرض بقدميها بعنف كي تجفف ملابسها قبل أن يراها أحد بتلك الهيئة..
أما بداخل الغرفة كانت "سمر" تستلقي على السرير و يدها متصلة بما يعرف بــ"الكانيولا" تستمد منها غذائها تعويضًا لما فقدته من دماء, تنظر أمامها بشرود, فهذا هو الشيء الوحيد التي أصبحت قادرة على فعله الآن.
سار "مراد" إليها بخطوات بطيئة يحاول أن يستشف منها أي تعبير, يكفي أن يراها حزينة, يرى دموعها, أو يراها تضحك بجنون كما يفعل أخاه و هو ثمل, لكن للأسف لا شيء يحدث, هي فقط ساكنة ذابلة تغطي عيناها الهالات و نحيف جسدها من قلة الغذاء.
أيعقل أن يكون هناك أناس بتلك القسوة كي يقتلوا تلك الملاك بلا شفقة؟!
هذا ما رُدد بعقل "مراد" و هو يسحب الكرسي يضعه بالعكس ليجلس عليه مستندًا على ظهره و ينظر إليها بحزن لعل تلك
الملامح تشجعها على الحديث...
و كالعادة منذ أن خطت بقدمها باب المشفى منذ ثلاثة أشهر و هي لا تتحدث مع أحد حتى طبيبها...
-بقولك يا سمسم نوع الــchocolate دي أحلى و لا دي؟
لقد علم بعشقها لهذا النوع من الحلوى لذا حاول اجتذاب حواسها بتقديم بعض منها لها و قد نجح في ذلك, إذ التفتت إليه "سمر" تنظر له بدهشة, ليس لعلمه بحبها للشوكولاتة و لكن لمناداتها بذلك الاسم الذي و للحق قد راقها بشدة...
-ها مقولتيش بردو, دي ولا دي؟
و لأول مرة رفعت "سمر" إصبعها مشيرة الى إحداهما فترتسم بعد فعلتها تلك ابتسامة عذبة على شفتي "مراد" ليقدم لها ما اختارته ثم عدل من جلسته و نظر الى تعابير وجهها التي توحي بالسعادة, و بعدما فرغ من النظر إليها أجلى حنجرته و تحدث قائلا:
-عندك استعداد تحكي دلوقتي؟
تحولت تعبيراتها للحزن و حاولت التماسك و هي تلتفت له قائلة:
-أنا مش حابة افتكر حاجة
-دة على أساس انك دلوقتي مش فاكرة؟
تنفست بوهن و حاولت استجماع قواها؛ فإن لم يكن الانتحار حلًا فلا محيص من العلاج, نظرت إليه و هو يحفزها على التحدث بينما هي في حيرة من أمرها؛ فإما أن تحكي قصة لطالما آلمتها لتعود تلك الفتاة المشرقة البشوشة و إما تبقى على هذه الحال المزرية منتظرة أن يأتيها أجلها...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-نغم!
نادى عليها بعلو صوته و كأنها ليست بالغرفة المقابلة له بينما هي و بمجرد أن سمعت صوته التي صارت تمقته بشدة منذ انتقالها الى هنا سبته بسرها و نهضت على مضض لتستجيب لندائه, دلفت الى الصالة حيث يجلس و وقفت أمامه بملامح وجه مشمئزة منتظرة الأوامر التي سيلقيها عليها كعادته.
-أوضتي اتكركبت من سهرة امبارح مع صحابي, روحي روقيها
يكفي الى هنا؛ فقد طفح كيلها, هي ليست خادمته هي فرد من أفراد تلك العائلة و لا يحق له التعامل معها بتلك الطريقة الفظة
و في ثانية قد تحولت كليا و صرخت بوجهه بكل ما أوتيت من قوة و هي تحرك يديها بطريقة شعبية قائلة:
-لحد هنا و كفاية, أوعى تكون فاكرني الخدامة اللي مامي جابتها لك! لا فوق كدة يا حبيبي عشان أنا جبت آخر آخري
حسنًا هو لا يستطيع إنكار تلك الصدمة التي حلت عليه من رؤيتها بهذا الشكل الغريب كليا عليه, لكنه استطاع تمثيل اللامبالاة ببراعة و هو ينظر بهاتفه و يشير لها بزراعه قائلا:
-أول ما تهدي ابقي روقي لي الأوضة
لقد لجمت الصدمة لسانها و شُل عقلها تماما و صارت لا تدري ماذا تقول , لقد تجاوز هذا الشاب حده, لذا لا مانع من تركه و ليذهب الى الجحيم هو و تلك الغرفة اللعينة, تلك الكلمات التي رددها عقلها كانت كافية للإنصات له و العودة الى غرفتها ممنية نفسها بهدوء قد افتقدته طوال مكوثها هنا...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-بس كدة
ابتسم لها بحنان ثم ارتدى نظاراته الطبية و اعتدل بجلسته استعدادا لبدء رحلة علاج ستكون الألطف بالنسبة له..
-تمام, بصي يا سمر أنا كنت شاكك من الأول في نوع المرض اللي عندك بس مكنتش قادر آجي أقول لك إلا لما تحكي لي, و بما إنك الحمد لله حكيتي, فأنا أحب أقول لك إنك عندك مرض نفسي اسمه "posttraumatic stress disorder" اللي بالعربي يعني "الكرب التالي للصدمة" دة اضطراب بيحصل لخلايا معينة في المخ نتيجة صدمة حصلت للشخص المصاب بيه, أنواع الصدمات اللي بتسبب المرض دة كتير زي حادثة أو تهديد أو عنف و غيره, لكن بالنسبة للأعراض بقى فـبتختلف من شخص للثاني, مثلا في ناس بتحس بالذنب مع إن ممكن يكون ملهمش علاقة بالحادثة اللي حصلت, أو ميول للانتحار أو الدخول في غيبوبة طويلة ممكن توصل لسنين و هكذا...
و قبل أن يكمل كلامه قاطعته "سمر" بصوت عال نسبيا:
-أيوة بس أنا ايه علاقتي بكل دة؟ أنا بس عايزة أخف
-أول خطوة في العلاج أيا يكن بقى نفسي أو عضوي إن المريض يبقى عارف عنده ايه و نتج عن ايه و هيسبب له ايه, أنا أبقى دكتور فاشل لو قلت لك أنتِ عندك ايه كدة خبط لزق
حركت رأسها إيجابا بينما هو تنفس بعمق ثم أكمل حديثه:
-المهم, عامل السن عندك كان ليه تأثير قوي في إن المرض يسيطر عليكِ, مع إني أشك بصراحة
نظرت له بعدم فهم فأكمل هو مفسرا:
-أقصد يعني أنا حاسس إن في حاجة حصلت لك قبل وفاة مامتك بفترة قصيرة كانت سبب في إنك توصلي للحالة دي
توترت بشدة و لاحظ هو ذلك فحاولت التهرب منه قائلة:
-أظن كدة كفاية النهاردة, أنا عايزة أنام
قام "مراد" من مكانه قاصدا الخروج لكن قبل فعله هذا وقف قبالتها قائلا بهدوء:
-عمر المسكن ما كان علاج يا سمر, يا نعالج المشكلة من جذورها يا بلاها علاج خالص
خرج من الغرفة و تركها وحدها, في حين أن أصبحت الأفكار و الذكريات المؤلمة و الخطايا الماضية تعصف برأسها و هي تحاول جاهدة الثبات أمام شبح ماضٍ يأبى تركها تحيا بسلام و لو للدقيقة واحدة...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنت تقرأ
و يبقى الألم
Romanceعندما ترغمنا الأيام على أن نلعب لعبة من اختيارها... لعبة هي السيدة بها... و لعبة لطالما نثرت على طاولتها انتصاراتها... تلك اللعبة القاسية ، غدت "الحياة" إحدى مسمياتها.. اللعبة التي ظلت الأيام فيها "الجانية" "الظالمة" "القاتلة" و "الغالبة" اللعبة الت...