و يبقى الألم

الفصل الخامس "لعنة الانتقام"

~~~~~~~~~~~~
كنت منكسرة حتى قابلتك، فكسرتني أكثر
~~~~~~~~~~~
كما يولد يوم جديد حاملا البشرى و السرور يولد من بعده آخر يحمل البؤس و الهموم, كما يحل الليل و تسكن الكائنات يحل آخر لا ينعم فيه البعض إلا بكوابيس, سواء أن كانت خوفا من المستقبل أو ذكرى من الماضي,أو حتى كراهية للحاضر.

تفتقد شقيقتها, هي لم تتركها للحظة من قبل, أما الآن فكتب عليها تحمل غيابها رغما عنها, لقد مرت ثلاثة شهور منذ آخر لقاء بينهما, كم تتمنى رؤيتها و لو لوهلة, لكن كيف؟

لقد منعها هؤلاء الأوغاد من زيارتها أو التعرف على أي معلومات تخصها. استيقظت "نغم" من نومها التي جاهدت لكي تنعم به, ثم دخلت الى المرحاض لتأخذ حماما دافئا كعادتها ثم تخرج لتؤدي فرضها.

و بعدما انتهت مما تفعله خرجت من غرفتها و منها الى الحديقة, ذلك المكان الوحيد بالقصر الذي يملؤه الهدوء و الراحة و السكينة, بعيدا عن شجارات كل يوم...

جلست "نغم" على الأرجوحة تراقب نقاط المطر المنهالة على الحديقة, و كأنما السماء تبكي على حالها و حال أختها. أغمضت عينيها و جلست تتذكر حياتهما قديما, حيث الضحكات التي لم تكن تفارق وجهيهما و الحنان الذي لم يغادر بيتيهما, و في لحظة زمن تحولت حياتها كليا من الأبيض الى الأسود, أو ربما لون داكن أكثر من ذلك...

تنهال عبراتها بحدة منافسة لشدة الأمطار, منذ أن حضرت الى هنا و هي تشعر بالألم و الوحدة و كأنها لا تمتلك عائلة تتكون من عشرين فردا أو يزيد...

-آيه اللي مقعدك في البرد دة يا نغم؟!

فتحت "نغم" عينيها بصدمة عندما استمعت لذاك الصوت؛ فهو ليس صوت أحدا منهم, يا للعجب إنه صوت...

"سمر"
ــــــــــــــــــــــــــ
قبل خمسة أسابيع
دخل "مراد" الى فحجرة "سمر" ليجدها جالسة على السرير تغمض عينيها و تلحن احدى الأغاني بصوتها العذب, لينظر لها بدهشة و بإعجاب لذاك الصوت الحلو, و لكن سرعان ما عاد الى صوابه فأجلى حنجرته ثم طرق على الباب كي تنتبه له...

دلف "مراد" واضعا يداه في جيب قميص عمله "البالطو" ثم أحضر كرسيا كعادته و جلس عليه مشيرا بهذا أن جلسة اليوم قد بدأت..

-أخبارك آيه النهاردة؟

حركت رأسها إيجابا ببسمة صغيرة ليبادلها "مراد" الابتسامة ثم يشرع في سؤالها:

-عملتِ ايه امبارح؟

حركت رأسها يمينا و يسارا دلالة على تفكيرها ثم قامت من موضعها فجأة لتجلس على السرير مربعة قدميها ثم وضعت بعضا من الخصلات المتمردة وراء أذنها و قالت:

-بصراحة بعد ما أنت حكيت لي عن المرض اللي عندي و عرفتني عليه بقى عندي فضول أعرف عنه أكتر؛ فطلبت من علا تجبلي كتاب بيتكلم عنه أو أي حاجة تخليني على دراية أكبر بيه و فعلا هي جابت لي كتاب من المكتبة اللي هنا و فضلت طول الليل أقرأ فيه و عرفت تاريخ المرض و مين اللي اكتشفه و سماه كدة بناء على ايه بصراحة كدة عرفت كل اللي كنت محتجاه و زيادة كمان