ربما تخطئ "الثاني عشر "

227 17 0
                                    

متنسوش الفوت و الكومنت أثبتوا وجودكم اعزائي.

لا تنسوا الدعاء لاخواتكم في فلسطين و السودان و لبنان و سوريا
--------------------------------------------------_--------
مرّ أكثر من شهر ونصف، وما زال الوضع على حاله. الشمس تشرق، لكن الليل لا يغرب عنهم الحياة تستمر، ولكن الحزن يظل واقفاً، ثابتاً في مكانه، كما لو كان حلقة مفرغة من الألم لا نهاية لها، وكأنها خُلقت لتدوم أبد الدهر لا شيء يشبه ألم الفراق؛ فحين يُنتزع جزء من روحك دون إرادتك، وتظل تصارع أمواج الحزن، متأملاً أن تنقذك، لكنها تأبى إلا أن تبقيك فريسةً سهلة، كل ذنبك أنك وُلدت في زمان لا يخصك، ومكان لا يتسع لك. الرب لا يخطئ، وحاشاه أن ينسى، وعدالة السماء قائمة، لكن لماذا وُجدت هنا، إن لم يكن موعدك قد حان بعد؟

عاد الزوجان "عز" و"زينة" من السفر، وطوال الفترة الماضية لم يُصارحهم أحد بالحقيقة؛ الجميع ظلوا يُخفون عنهم الخبر حتى يعودا. لكن الحزن الذي خيّم على "عز" كان أكبر من أن يُخفى، وكأن السعادة التي كتبت له انتهت، ليعود ويستكمل مسيرة الأحزان فور علمه بوفاة صديقه. أما "محمد"، الذي حاول التعافي بشتى الطرق لكي يقف بجانب أصدقائه كعادته، فقد وجد نفسه، رغم أحزانه الكبيرة التي تفوق أحزانهم، مضطراً أن يكون الحائط الذي يستندون عليه. ليس هذا وقت الانهيار أبداً، فقد مر بما هو أسوأ بكثير، ومع ذلك، لم ينهار جدار القوة الذي صنعته أحزانه. كانت تلك الأحزان تصقل قلبه بالصبر، وبرغم القهر الذي يكمن في داخله، كان أقوى من الليل الحالك وأدهى من الأيام التي تحاول إطفاء بهجته.

الآن، يجلس بالقرب من نفسه، محاصراً بذكرياته التي لا تنفك تطارده الغرفة كانت هادئة، بألوانها الهادئة، وأثاثها البسيط الذي لم يكن إلا انعكاساً لآماله السرير البني الكبير والأنوار الخافتة، تلك الغرفة التي جهزها لزواجه، كان يتصور أن كل شيء سيكون على ما يرام بعد الزواج لكن، أول ما واجهه كان وفاة صديقه، وكأن الحياة تُعلّمه أن الأحزان لن تنتهي لمجرد أنه فاز في صراع طويل وأخذ حبه رغماً عن الحياة.

ملامحه كانت متعبة ومرهقة، عيناه منتفختان من كثرة البكاء، ووجهه شاحب من قلة الطعام. كل شيء فيه بدا وكأنه قد انطفأ. أمسك بهاتفه وفتح الأيقونة الخاصة بالصور، فظهرت صورة تجمعه مع "نائل" و"محمد" قرّب الهاتف من وجهه محاولاً إقناع نفسه أن هذا هو آخر ما سيراه، وأن كل تلك اللحظات التي تخيّل أنه سيعيشها معه قد تبخرت في الهواء. قرّب الصورة أكثر وقال بصوت متهدج من كثرة البكاء:

- آسف... آسف لأني مالحقتش أحضنك آخر مرة كنت فاكر إني هشوفك زي كل مرة، آسف على كل حاجة كنت ناوي أعملهالك وما عملتهاش، آسف إني ما قلتلكش إني بحبك كده، آسف على كل حاجة وحشة حصلتلك يا صاحبي.

دائره الخطأ (قيد التعديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن