الفصل الاول

8.8K 81 3
                                    

روايه : رايات العشق ...
الفصل الاول
بقلم / فاطمه الالفي ..

(باريس )

كان يجلس داخل مكتبه رجل فى العقد الخامس من عمره ، فقد كثا الشيب رأسه ولكن ملامحه مازالت لم تتبدل ، فزادته وسامه ..
هاشم الراسي السفير المصري بفرنسا  يعمل بالسفاره منذ عشره اعوام .
""""
(السفير هاشم الراسي )فى العقد الخامس من عمره ، جاد الطباع ،ملامح وجهه قاسيه تعكس عن معاناته طوال عمره ولكن داخله قلب رحيم ، كثا الشعر الابيض لحيته  واعطى لمظهره سحره الخاص ،وقورا وجذاب ، يعمل لدى السفاره المصريه بفرنساا ، منذ أن غادر وطنه الحبيب وهو بالسلك الدبلوماسي وظل يتنقل من بلد لآخر إلى أن أصبح سفيرا وعمل باكثر من دوله إلى أن استقر بفرنسا منذ ما يقرب من عشره اعوام ، كرث حياته لابنته وعمله فقط ، يحمل الجنسيه الفرنسية وابنته كذلك ، حاول كثيرا أن يجلب لابنته والده لكي تعتني بها وتعوضها عن غياب والدتها ولكن كان دائما يفشل بالاختيار وينفصل عنها بسبب عدم اهتمامها بابنته لذلك فضل أن يكون لها الاب والام معا ولن ينشغل عن ابنته مهما كان عمله ..

تنهد بعمق وهو يرجع بظهره للخلف ويمد يده ليسحب درج مكتبه ويخرج منه صوره تذكاريه جمعت بينه هو وعائلته الصغيره ، فقد مر على تلك الصوره أكثر من عشرون عاما .
ابتسم بحب وهو يضع يده على ملامح زوجته وأطفاله ويخرج تنهيده حارقه بسبب البعد ، فقد كانت اسره سعيده وفجاه انهدم كل شي وتفككت تلك السعاده فهذه اخر ذكرى تجمعهم معا ، احتفظ بتلك الصوره فلم يتبقي من الماضي سواها .
التقطت تلك الصوره بذكرى عيد مولد طفليه الاول ، كانت السعاده مرسومه على وجوههم جميعا ، يحتضن زوجته بحب وهو يضع يده على كتفها والإبتسامة تعلو ثغره ويحمل طفلته وزوجته تحمل الطفل الآخر ..
تنهد هاشم بحزن وشرد بالماضي باخر لقاء جمع بينه هو وحبيبته قبل أن يتفرقا ..

فلاش باك
كان يعمل بالسلك الدبلوماسي ولديه طموح بأن يصبح سفيرا بيوم من الايام ، ولم يتخلى عن حلمه ، فحاول الاجتهاد بعمله وكان داىم السفر والتنقل من بلد لآخر بحكم عمله ، إلى أن أتت إليه الفرصه ليذهب إلى رحله عمل ولكن هذه المره سوف تستمر لعده سنوات ، فعندما علم بالخبر عاد إلى منزله بفرحه ليخبر زوجته ماهو مقدم عليه ، وان حلمه أصبح على وشك التحقيق وسوف يصطحب عائلته الحبيبه معه ، قرر أن يعود من عمله لتشاركه زوجته تلك الفرحه ويستعدو للسفر ..

دلف من باب منزله وهو يصرخ باسمها والإبتسامة تنير وجهه .
- فريده ، ديدا  انتي فين يا حبيبتي
كانت تخرج من غرفه الاطفال وتسير على أطراف اصابعها وتضع ابهامها أمام فمها وتشير إليه بالصمت
- هشش ،بس يا هاشم ماصدقت الولاد نامو
اقبل عليها يضمها بحب ويقبل رأسها  وهو يهمس بصوت خافت
- اسف ياقلبي ، تعالي نتكلم بعيد عن اوضتهم عشان فى موضوع مهم جدا
سارت جانبه بهدوء إلى أن جلسوا بغرفتهم الخاصه .
فريده باهتمام : خير يا هاشم فى ايه
هاشم بسعاده : خلاص يا ديدا حلمي بدء يتحقق وجالي فرصه سفر لكندا لمده خمس سنين وقربت اوصل لطموحي وابقي سفير ، يااه يا فريده ماتصوريش سعادتي بالخبر ده قد ايه
نظرت له بحزن : هتسافر وتسبني أنا والولاد
اقترب منها بحب والتقط يدها يقبلها برقه : لا طبعا ياقلبي مااقدرش استغنى عنكم ، انتي روحي والولاد قلبي ازاى ابعد عنكم
فريده بضيق :امال بتفكر فى ايه
هاشم بجديه : هنسافر كلنا مع بعض  ومن بكره هجهز باسبور للاولاد
أبعدت عنه بحزن : بس انا مش حابه اسافر يا هاشم ولا عيالي كمان يتبهدلو ويبعدو عن بلدهم ونروح بلد غريبه مانعرفش عنها حاجه عشان نعيش فيها ، أنا رافضه موضوع السفر
هاشم بصدمه : يعنى ايه يا فريده ، مش فاهم
نهضت من جانبه وتحدثت بغضب : عايز تسافر سافر لكن أنا وولادى لا مش مستعده اسيب بيتي واهلي وحياتي واروح اعيش فى بلد لا اعرف عادتهم ولا تقاليدهم ولا اعيش فيها واتاقلم على الوضع ده ، اسفه يا هاشم مش هقدر ، انت كل سنه فى بلد شكل وانا مش حمل بهدله قبل الولاد كنت بسافر معاك دلوقتي الوضع اختلف ، عيالي مش حمل تشتت كل شويا من مكان لمكان
هاشم بصدمه : فريده انتي عارفه انتي كده بتطلبي مني ايه
فريده بضيق : والله انت حر قرر انت عايز ايه ، شغلك وسفرك ولا أنا وولادك ، القرار ليك
جحظت عيناه بقوه غير متوقع ردها هذا ،كان يتوقع أنها تشعر بالسعاده لأجله وسوف تظل جانبه كما وعدته بأن تظل جانبا طوال العمر ولن تتخلى عنه ، فماذا حدث بعد أن بدء فى تحقيق أهدافه والسعى ورا تحقيقها تتخلى عنه بهذه البساطه .
تحدث بانفعال : انتي بتخيريني بين شغلي وحياتي معاكم ، إنتي اكيد اتجننتي
تنهدت بضيق : لا ماتجننتش انا فعلا بخيرك ، وانا مش هسيب البلد ولا اسافر معاك فى مكان تاني انا عايزه استقر فى حياتي بقى واعيش بطبيعتي أنا وجوزى واولادي مش كل شويا نغير طريقه حياتنا ، حقي احس بالراحه والأمان والاستقرار يا هاشم ، تقدر تعتذر عن السفر وخليك هنا جنبنا
هاشم باسي : ماينفعش اعتذر ببساطه كده يا فريده ، أنا لسه فى أول طريقي للنجاح ،وده اختياري من الاول وفضل اسعي عشان اوصل لحلمي ، أنني بنفسك كنت معايا خطوه بخطوه وبتشجعيني ايه جد وايه اتغير ، أنا مش هتخلي عن حلمي ولا هتخلي عن حياتي ، ولادي هم حياتي فاهمه وانا هكمل مشواري عشانهم وعشان حياتهم الجايه تكون احسن وهوفر ليهم الراحه والأمان والاستقرار ، عايزه تسافري معانا براحتك ، عايزه ترفضي بردو براحتك لكن ولادي هيكونو معايا مش هبعد عنهم إنتي فاهمه ، عندك يومين تفكري فيهم وتاخدي القرار اللى يناسبك
هم بمغادره الغرفه بحزن على ما توصلت إليه الأمور بينهم ولكن استوقفته كلمتها التي طعنته بقلبه للمره الثانيه بعد أن خذلته برفضها للوقوف جانبه .
- طلقني
تسمر مكانه بصدمه ونظر لها بألم يحاول تكذيب أذنيه ، احقا قالتها ،احقا تطلب الطلاق والابتعاد عنه بعد كل هذا الحب ، فهي حبه الاول والاخير ، حب دام لخمس سنوات ، ثلاث سنوات قبل الزواج وعامين وهى زوجته بمملكته الخاصه ، حب أثمر عن ولاده طفليه التؤام .
تحدث بالم : عايزه تطلقي يا فريده وقدرتي تقوليها
فريده بحزن : انت السبب مش قادر تتخلي عن حلمك عشانا أنا والولاد ،لكن بتطلب مني انا أقرر وانا بقولك طلقني وولادي مش هيبعدو عني يا هاشم ، وانت سافر حقق طموحاتك وخليك متغرب من بلد لبلد
أراد أن يضغط عليها بالأطفال فهو مازال متمسك بها ولا يريد الانفصال عنها لذلك تحدث بقوه وصريخ عالي
- ولادي  هيسافرو معايا يا فريده وهجهز جواز سفرهم وانتي براحتك وورقتك هتوصلك قبل سفري
اغلق الباب خلفه بعنف وجد طفلته تبكي أمام باب الغرفه وتنكمش على نفسها بخوف ، اهتز قلبه لرؤيه صغيرته بتلك الحاله .
اقترب منها يضمها لصدره بحنان وهو يمسد على خصلاتها الشقراء برفق ويهمس لها بصوت هادى
- ماتخفيش يا قلب بابي
تشبثت به الصغيره بقوه فحملها بين يده بحنان
غادرت الغرفه بعيون باكيه تفاجئت به مازال بالمنزل ويضم صغيرته بقوه ويهمس لها بصوت رقيق لتهدء
وجد ظلها خلفه فالتفت إليها وجدتها تبكي بصمت فوقف أمامها واعطاها الصغيره ولكن الصغيره لم تقبل الابتعاد عنه
حاولت فريده ضم ابنتها ولكن ظلت بأحضان والدها ، وجدها فرصه ليحاول تراجع زوجته عن فكره الطلاق
ابتعد عنها بثبات : ايسل هتفضل معايا وبكره هعدي أخد
صرخت بعنف قبل أن ينهي كلماته : بنتي مش هتخرج من هنا انت فاهم ولادي هيفضلو فى حضني
تنهد بضيق ونظر لزوجته بعناد : انا والدهم ومش هخطفهم هم هيسافرو معايا وانتي عندك فرصه تتراجعي عن قرارك
فريده بانفعال : انت اناني ومابتفكرش غير فى نفسك
احتضن طفلته ونظر لها بعتاب : اناني عشان عايز اكبر وابص لقدام ، اناني عشان عايزك معايا انتى وولادي ، اناني عشان بفكر بمستقبل أفضل اولادي ، اناني عشان عايز ولادي يفتخرو بيه ، عشان كل واحد فيهم يتمسك بطموحه ويوصل ابقى اناني يا فريده عشان اتعاهدنا نكمل حياتنا سوا على الحلوه والمره ، وعدتيني هتفضل ايدك فى ايدي ونوصل سوا ، للاسف دلوقتي بتخلي بكل وعودك ، أنا هنفذ طلبك يا فريده بس ايسل هتكون معايا وانتي عشان ماتفضليش لوحدك أسر هيكون معاكي ، واظن ابقى كده مش اناني وخدت الاولاد
فريده بانفعال : لا مش هسيب بنتي ، ولادي هيفضلو في حضني
هاشم بحده : وانتي كده مش انانيه عايزه تحرميني من حياتي كلها ، أنا ايسل هتخفف عني غياب اخوها
غادر المنزل وهو يحتضن طفلته التى غفلت باحضانه وانسابت دموعه بصمت على فراق زوجته وطفله وهدم سعادته وتركها خلفه تبكي بالم وتصرخ مناديه باسم طفلتها ..
باك ..
محى دموعه المتساقطه وتنهد بحزن وقبل أن يضع الصوره مكانها قبل وجه طفله الذي لم يرا منذ أكثر من عشرون عاما .
دقت برقه باب مكتبه ودلفت بابتسامتها الرقيقه لتخرجه من حاله حزنه على الماضي ، دثر بعجاله الصوره ورسم ابتسامته ليستقبل طفلته باحضانه.
- داد
هاشم بابتسامه : قلب داد
اقتربت منه بفرحه تقبل وجنته وتجلس أعلى مكتبه تنظر له بسعاده ..
ايسل الراسي 23(تعني ضوء القمراو وجه القمر  وهى حقا كالقمر بوجه مستدير وبشره بيضاء كالثلج ، ذات عيون واسعه باللون الفيروزي وأنف مستقيم وثغر رقيق وتمتلك شعر ذهبي يصل لأعلى كتفيها...
تقطن مع والدها بالعاصمة الفرنسيه(باريس)

رايات العشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن