عن الإمام الحسن بن علي العسكري عن ابيه علي بن محمد عن ابيه محمد بن علي الجواد عليهم السلام... ثم يذكر الامام الرواية مفصلا حتى يصل إلى أن حاجب المأمون الذي كان مأمورا بالحط من قدر الامام في المجلس انبرى للأمام فقال له : يا عليّ بن موسى، لقد عدوت طورك، وتجاوزت قدرك، أن بعث الله بمطر مقدور في وقته، لا يتقدّم ولا يتأخّر ; جعلته آيةً تستطيل بها، وصولةً تصول بها، كأنّك جئت بمثل آية إبراهيم الخليل عليه السلام لمّـا أخذ رؤوس الطير بيده، ودعا أعضاءها التي كان فرّقها على الجبال، فأتينه سعياً، ونزلن على الرؤوس، وخفقن وطرن بإذن الله تعالى، فإن كنت صادقاً فيما تزعم فأحيي هذين السبعين، وسلّطهما عليّ، فإنّ ذلك حينئذ يكون آيةً معجزة، فأمّا المطر المعتاد، فلست أنت أحقّ بأن يكون قد جاء بدعائك دون دعاء غيرك الذي دعا كما دعوت.
وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصوّرين على مسند المأمون الذي كان يستند إليه، وكانا متقابلين على المسند، فغضب الرضا عليه السلام وصاح بالصورتين: دونكما الفاجر، فافْتَرِساه في المجلس، ولا تبقيا له عيناً ولا أثراً.
فوثبت الصورتان والقوم ينظرون متحيّرين، فلمّـا فرغا منه أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا: يا وليّ الله في أرضه، ماذا تأمرنا أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون، فغشي على المأمون منهما، فقال الرضا عليه السلام: قفا. فوقفا، ثمّ قال: عودا إلى مقرّكما كما كنتما. فعادا إلى المسند، فصارا صورتين كما كانتا...