حمل حقيبة السفر الثقيلة ووضعها قرب شبيهاتها في خلفية السيارة، التفتَ على صوت كفرات لحقائب إضافية أتى بها شقيقه الصغير، سأله وهو يعكف حاجبيه بسبب أشعة الشمس:
-أهذه آخرها؟
ردَّ الأصغر: كلا، تبقى المزيد.
علَّق بعدم رضى وهو يصنع متسعًا للحقائب الجديدة:
-أتنوون الهجرة يا رجل!
تجاهله أخوه وهو يدخل المنزل ليجلب ما تبقى من أغراض، صادف والده عند المدخل الداخلي للمنزل، حياه فسأله:
-ها هل انتهيتم من تحميل الأشياء؟ردَّ بتذمر: كلا يا أبي فكلَّ دقيقة تتذكر أمي غرضًا إضافيًا وتضيفه.
ضحك الأب بخفة على عادة أمهم التي لا تتغير، ربَّتَ على عضد ابنه بخفة وقال مشجعًا بنبرة لا تخلو من الضحك:
-ساعدك الله، لا تنسى أن تأخذ الحطب وعدة الشواء، وتأكد بأن لا تنسى أمك شيئًا فتعيدنا في نصف الطريق.
ثم ابتعد وهو ما يزال يضحك، ومشى نواف لينجز أموره، لكنه تذكَّر أمرًا فعاد يستوقف أباه:
-أبي!، إن سُمية ترفض المجيء معنا حتى الآن.
تضايق الأب وهزَّ رأسه بتفهم، فسار نواف في طريقه وصعد هو كي يرى ابنته، طرق بابها بهدوء، فجاءه صوتها من خلف الباب تسأل:
-من؟
-والدكِ.
فتحتْ الباب وهي ترحب به بوجه فَرِحٍ تخلله بعض التعب، وفورًا أغلقته خلفه. سألها والدها بعتبٍ:
-ما هذا الذي سمعته يا سُمية، تريدين أن نذهب دونكِ؟
أجابت بلطف: اعفني من هذه الرحلة يا أبي، فما زلت أشعر بالتعب، ولا رغبة لي بالذهاب مطلقًا.
قال وهو يمسح على خدها بلطف:
-أوَ تحلو الرحلات دون بُنَيتي؟ دون أن آخذ معي زهرتي المُنيرة؟ من يسليني في الطريق بصوته الجميل ويزورني كل ليلة قبل أن أنام إن لم تأتي!
-: لكنني متعبة يا أبي والجو هناك سيزيد الأمر سوءًا، اسمح لي بالبقاء هذه المرة من فضلك.
-: وأنا لا أقوى على فراقكِ يا ابنتي، ولا يسعني أن أدعكِ في هذا المنزل الكبير وحدكِ، ارتدي ما يدفئكِ وتعالي معنا حتى لا تفقد الرحلة طعمها! هيا!
ابتسمت ابتسامة صفراء وقالت مجاملةً:
-حسنًا يا أبي إن كنتَ تُصِّر، فأنا لا أقدر على رؤيتكِ متضايقًا.
ابتسم لها والدها بلطف واستحسان لقرارها، وإن كان يقرأ الرفض وعدم الرضى في عينيها، لكنه كما أردف لا يقدر على تركها وحيدة في المنزل لعدة أيام.
أوصلته إلى الباب وأغلقته بسرعة خلفه، ليكتسي ملامحها المكر والخبث، أسرعتْ إلى هاتفها الذي سمعت نغمة التنبيهات منه قبل مجيء والدها، كانت رسالة من والدتها: