كلتانا هربنا من واقعنا الذي ربما لو تقبلناه لصار أفضل مما كان!
ظننا أن الهروب والابتعاد هو الحل الأمثل! وأننا قد نغير شيئا ما بما فعلنا.
ولكن ما حصل، اننا حين تركناهم خلفنا، تركنا كل شيء، حتى سعادتنا.
والدي أخطأ بحق والدتي كما فعل والدك، والدتي اتخذت قرارا خاطئا ظنا منها بأنها تحسن التصرف، بينما كانت تقتلني ببطء.. كما فعلت والدتك!
لجأتُ إلى ما قد يعيد إليها عقلها ويجعلها تتصرف بشكل مختلف من أجلها هي ليس من أجلي، كما فعلتِ أنتِ!
ندمتُ أنا أشد الندم، لم تندمي أنتِ أبدا، كما لو أن قلبكِ أصبح من حجر، لا يتأثر بشيء مطلقا.
كان هذا هو الاختلاف الوحيد بيننا، لأنكِ شاركتني بكل شيء فعليا، حتى الرجل الذي تزوجتُ به!___
رواية: تحت الرماد وميض جمر
العنوان مقتبس من قصيدة لـ: نصر بن سيار
قراءة ممتعة للجميع 🤍🤍
لا تلهيكم الرواية عن الصلاة وذكر الله.____
.. مقدمة ..
أَمِن عينيكِ ينتثرُ الرَّمادُ؟
ويحملهُ إلى السّهْد البعادُ!
وتقطُرُ دمعةٌ حَرّى بكفٍّ
تصافِحهُ وداعاً يا رقادُ- مروان المزيني
______
لطالما تساءلت.. كيف تعيش هذه الفتاة؟
كيف لا زالت بخير؟
بكامل قواها العقلية والبدنية؟
كيف لا زالت تتمتع بهذا النشاط الفارط؟
فهي وعلى الدوام، تكون مسودة الوجه متجهمة الملامح.
سريعة الغضب، قلّ ما أراها هادئة، بل قلّ ما أرى ذلك الجبين الصغير على وضعه الطبيعي دون خطوط!
عنيدة للغاية، عليها أن تحصل على مبتغاها.. أيّا كان، والعجيب أنه دائما ما يكون هناك أحدا لأجلها، يلبي تلك الرغبات الغريبة دون تأخير أو تأجيل!
لا يهدأ هذا المنزل الواسع والكبير ساعة واحدة، إن مرّ بعض الوقت دون أن يسمعوا به صراخها يصعدوا إليها ليطمئنوا!
تساؤلاتي الكثيرة، ربما يكون لها تفسيرا ما.. سواء كان منطقيا أم لا، فبالتأكيد هناك تفسير ما.
ولكن ما لا أجد له إجابة شافية ومقنعة، هو تساؤلي الكبير الذي يدور في رأسي الدائري ليل نهار ( لمَ أحبها؟ )!تقبل نحوي تلك الجنية الصغيرة، تتذمر كعادتها.. إلا انها لا تضرب الأرض بقدميها كما تفعل دائما حين تكون غاضبة، يبدو أنها منزعجة فقط هذه المرة وليست غاضبة.. حمدا لله، فأنا حقا لستُ بمزاج يسمح لي بالاستماع إليها الآن.
فستانها العسلي القصير والذي يصل إلى الساق، ينسدل على جسدها بكل نعومة ولا يتطاير على الإطلاق، ليس هناك أي هواء في هذا الوقت من الصيف.
جلست على المقعد الذي أمامي، في الجهة المقابلة لي.. سكبت لنفسها كوب عصير بارد قبل أن تفرغه كله في فمها دفعة واحدة، ضحكت فجأة حين تجشأت.
هذا بالضبط ما أريده وأحيا لأجله، ابتسامتها المشرقة التي تعيد الحياة إلى صدري.
ابتسمت، فسألتني هي بتعجب:
- ليش تضحك؟
- ليش ضحكتِ انتِ؟
ترفع سبابتها تشير بها إلى عنقها الطويل بأناقة:
- عشان الصوت.
وضعت قدما فوق الأخرى بعشوائية، بينما كانت بعيني طريقة أنيقة للغاية.. كما أرى كل ما بها بتلك الطريقة، لتمسك بحبة كرز بتلك الأصابع الطويلة والبيضاء.. تضعها في فمها ثم تعود للنظر إليّ.. وتمسك بي متلبسا، تضحك مدعية الخجل:
- لهالدرجة أعجبك؟
تجاهلت سؤالها، لأنني أعرف نفسي جيدا، لا أستطيع الكذب أو الانكار:
- ايش فيك معصبة اليوم؟
خلال لحظات عادت كما كانت قبل قليل وهي مقبلة عليّ، تجهم وجهها مجددا وتغضن جبينها بانزعاج تام:
- بكرة طالعين مع خالاتي.
قلت باستنكار:
- وهذا الشيء مزعلك لهالدرجة؟
- طبعا ثائر شهالسؤال؟ أبغى أرتاح في البيت ما لي خلق أطلع.
أومأتُ رأسي بتفهم، أنا أكثر من يعلم أنها تكره الخروج من المنزل.. بل تقدّس المنزل وتحب البقاء فيه طوال اليوم.
أصغت سمعها إليّ وعيناها تلمعان بحماس شديد:
- طيب ايش رايك بهذا؟
- وشوو؟ أي شيء ثائر أي شيء يخليني أقعد في البيت وما أطلع، أرجوك.
- خلينا نهرب.
زمّت شفتيها باحباط:
- نهرب وين انت حتى ما عندك سيارة.
- نروح عند أهلي.
اتسعت عيناها بدهشة وغرابة، قبل أن تحاول ضبط ملامحها مجددا وهي تقول بعد أن تنحنحت:
- خلاص بروح غصبا عني ما عندي حلّ ثاني.
أنت تقرأ
رواية: تحت الرماد وميض جمر
Storie d'amoreفتاتان، خلف كل واحدة منهن قصة تخبئها عن الآخرين، لديهما حياة أخرى غير التي تعيشانها، واسماء غير التي تُعرفان بها. إيما وهانا.. عربيتان، زوجتان لرجل واحد ألماني. احداهن هربت من عائلتها بعد ان ضاقت احوالهم المادية، وتوفى والدها فعرض عليهم زوج والدتها...