الفصل العشرون

75 11 0
                                    

بصوتٍ عالٍ يُنادي باسم ابنته -مصدره الشارع- انتفض والد'أمل' نحو أقرب نافذة وفتحها في سرعة حينما وجد عريس ابنته في الشارع ومعه شابين يقفان خلفه، وهو يهلل، ويصيح بوقاحة وخسة، لا يعرفها الرجل الحقيقي:
"اشهدوا يا ناس، اشهدوا يا عالم، أمل بنت الحاج حمادة مدوراها، جيت أتقدم ليها زي الناس المحترمة رفضتني ومش هنا المشكلة عشان تعرف واحد تاني ومقرطسة أبوها."

في دقائق معدودة تجمهر الجيران على صوته، وهو يكمل وصلة الردح، ويتمايل ليس كامرأة وإنما كشخص ليس له تسمية أو كائن ليس له نوع صاح به كهلًا بعصبية:
"أتلم يالا وغور من هنا، أمل أشرف منك ومن عشرة زيك."

لوح بيده وهو يرد بقلة احترام:
"والنبي استنى أنت يا عم الحج."

رفع وجهه حتى رأى والد 'أمل' ينظر له بغضب، وقال وهو يشير له بيده:
"أبقى ربيها يا حج."

تقدم إحدى شباب المنطقة منه وربت على كتفه، وقال يحذره:
"يلا من هنا وبطل الشغل دَ."

تقدم منه خطوتين ودفعه بصدره:
"ولو مسمعتش الكلام يعني أنت هنا الفتوة، ولا مدوراها معاك أنت كمان."

اقترب منه شاب أخر، وهو يرمقه بازدراء ويدفعه في صدره:
"هو مش قالك يلا."

اقترب منه أصدقاؤه بعدما رأوا تطور الموقف، وحاولوا احتوائه فزمجر مرة أخرى:
"أنتم ه تشطروا عليا أنا! بدل ما تلموا البيه الفوق وبنته."

اقترب منه شاب أخر، ولكمه، وهو يردد بشهامة واضحة:
"دَ أنت مصمم تتهان بقى، وبعدين جي وتعمل النمرة دِ على بنت حتتنا وعايز تمشي عادي، دَ حتى أحنا نبقى ****."

وسدد له ضربة في قدمه، فاقترب منه صديقه وهو يسنده قائلًا:
"حقكم عليا يا جماعة، أنا آسف والله هو خلاص اتربى."

انتشله من بينهم، ووضعه في السيارة عَنْوَة، واندفع بها قبل أن تمسه الأيدي مرة أخرى...

أغلق'حمادة' النافذة ودلف لابنته وكانت تبكي بحرقة على سمعتها الذي ستصبح سيرة من السير الآن، فتح الباب دون إذن، واندفع كالثور الغاضب بعينين يشعان غضب، وصفعها دون مقدمات، وجذب خصلات شعرها بين يده وهو يصيح بها:
"جرس تيني في المكان يا بنت الكلب."

ولم يشعر بنفسه إلا وهو يدفعه ناحية الأرض بقسوة ويركل ظهرها بقدمه في منظر بشع، وأخيرًا ظهر لوالدتها دور واندفعت هي وأختها لتخلصها من براثنه وتنقذها من غضبه ولكن لم يخرج إلا بعد أن أفرغ طاقته بالكامل فيها...

وقف ينهج بصدره ويلهث ثم قال بكلمات متقطعة:
"البت دِ... ملهاش خروج... من البيت نهائي، وأي حد هيجي يطلبها ه أجوزها له عشان... أخلص من الهم دَ.

يجعلني أبكي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن