كان لابد لي أن أنتقل لوحدي.. عمل أبي وبداية جامعتي لم يتوافقا.. لذلك اضطررت للسفر لوحدي.. والإنتظار هناك في ذلك البيت الخالي.. في البداية كان المكان موحشا.. غريبا.. خاوي من كل المشاعر.. اه هذا ما نكون عليه في البداية أليس كذلك!؟ خاوين من كل المشاعر.. لا نعرف معنى الفقد والحزن.. نبتسم من أعماقنا دون أن نضطر للتظاهر.. فكرت للحظات بهذا.. وبدأت أنظف كل العيوب التي أراها في تلك الزوايا الغريبة عني والغريبة أنا عنها.. وضعت بعض الأثاث الذي أُرسل الي في أماكن قررت لوحدي أنها المكان الوحيد المناسب لها.. وفي نهاية اليوم كنت سعيدة بترتيب تلك الغرف كما أريد.. بينما أفكر كيف سأجلس تحت النافذة منتظرة بشوق وضوح القمر.. كيف سأنام على نسيم الليل البارد.. وبعدها كيف سأضطر لاغلاق النافذة.. وكيف سأدرس على طاولة الطعام بعد أن أنتهي من تناول عشائي.. لقد استمتعت بتحقيق خيالي..! مرحبا انها أنا.. هل سترحبين بي بعد كل مساء.. هل ستودعني كل صباح وتنتظرني لأعود..!
خلال هذا الأسبوع أحببت العودة للمنزل.. كان الأمر منعشا ومريحا! كنت أستمتع بروتين ما بعد الجامعة.. أستحم وأعد لنفسي كوبا من القهوة السوداء المرة وأضيف مكعبا واحدا من الشكولاطة الحلوة.. أجلس بجانب النافذة أتأمل جمال السماء الزرقاء قبل أن تغيب الشمس بدقائق.. بعد أن تغيب الشمس يصبح كوب القهوة والبيت وقلبي معتما.. كعتمة السماء الآن.. أتذكر أشياءً لاأود مررورها حتى على ذاكرتي.. ولكنها تأتي مرغمة.. مقيدة.. لا تعرف سبيلا لتحررها.. يأتيني ذلك النسيم البارد.. يداعب النسيم شعري.. أشعر كما لو أنه هدية خفيفة قدمت لي... كي أتوقف عن التفكير وأركز على خصلات شعري.. وأنشغل بإعادتها خلف أذني مرة.. واثنان.. وثلاث..
أفرغ من قهوتي أضيء الغرفة وأحاول أن أدرس قليلا.. أتخيلك تجلس أمامي بين الفنية والأخرى.. أنظر لك بطرفة عين.. على الرغم من يقيني بتواجدي لوحدي في هذا البيت الكبير! الا أني آمل في كل مرة رؤية طيفك وأنك حقا هناك تتأملني كعادتك.. وتتبتسم لي.. ثم حين تكتفي.. تقول "هل نأكل شيئا؟!.. لقد كنت تحلين المسائل منذ" وتنظر لساعتك لتكون دقيقا في حسابك لساعات! "منذ 45دقيقة" هل تعلم كيف كنت أنظر أنا اليك؟.. متأكدة أني لم أخبرك يوما عن كيف كنت تبدوا بالنسبة لي! لم أفعل شيئا سوى الصراخ بوجهك وإبعادك عندي أكثر!.. مبررة ذلك بأني سأنتقل عاجلا أم آجلا.. وأنه لا يجب علي أن أعتاد وجودك.. لأنه سيكون من المؤلم تجاوزك.. اه.. كيف كنت مقتنعة أن ما أفعله عين الصواب!؟... ما كان يجب علي.. ولكن ما فائدة قول ذلك.. فاات الأوان بالفعل!.. تمر الساعات.. أشعر بالجوع! أفكر في أن أعد عشاء خفيفا.. أقشر البطاطا.. أقليها حين تجهز أضعها في مقلاة أخرى أضيف عليها بيضتان وجبن المدزاريلا.. وأخيرا تجهز.. ولكن شعوري بالجوع اختفى بالفعل.. ولا أود أن أتناول أي شيء.. وتركها هكذا سيكون هدرا للطعام! أضعها في الثلاجة وأنا أفكر في أنني سأتناولها غدا مساءً بما أني أتناول غدائي خارجا!
أتجهز للنوم.. أضع رأسي على وسادتي أغمض عيناي وأنا أفكر أنه لابد من أن يكون الغد أفضل..!
أنت تقرأ
وهم
Fantasyأريد أن أعود للوراء برهة بعد.. أريد أن أقوم بكل الأشياء التي منعت نفسي عنها! أريد أن أقول كل تلك الكلمات التي تراكمت بداخلي.. أريدها أن تغادرني وتتجه دائما للشخص الصحيح في الوقت المناسب!.. هل ستستطيع فعل ذلك يا ترى؟ أم أنها ستعيد نفس الخطأ! تعتبر كج...