الجزء الاول: الدثور

38 1 0
                                    

انظر لنفسي في المراة هذه هي اللحظة التي افقد فيها الاحساس بالزمن لبعض الوقت كلما رأيت هيئتي في انعكاس المراة اتسائل هل هذه حقا هي هيئتي؟ هل ابدو بهذا الشكل حقا في عيون الناس هل هذه هي هيئة كل افكاري, واغوص في سيل طويل من التفكير في ما ابدو وكأنني رأيت وجهي للمرة الاولي في حياتي, لن يمكنني تجنب المرايات طوال الوقت بالطبع سانظر فيها في وقت ما لكن ان انسي هيئتي هذا ما لم افكر فيه من قبل كما انه شيء مزعج جدا ان انظر لهذه الهيئة التعيسه لاكثر من مره,

اشيح وجهي عن المرآة وبدأت في ارتداء ملابسي, ذهبت الي الخارج وانا اشعر بالارهاق في انحاء جسدي ولكن لا يهم هذه واحدة من قواعد العالم الحديث التي استسلمت لها مؤخرا لا يهم ما تشعر عليك فقط ان تنتظم في استسلامك وان تهب روحك وجسدك في اوقات العمل تحت سقف لا يهدف لشيء سوي ان يبقي كيان وهميا علي قيد الحياة وهذا الكيان غير انساني اطلاقا ولكن اجتمع البشرعلي تقديسه كالمال, خطوة خلف خطوة بين العوادم والحرارة الغير طبيعيه والاراضي الصفراء والمهملات في الانحاء وثرثرة البشر حولك في كل مكان, ركبت الحافلة ذهابا الي العمل كشخص عادي جدا هل قلت انني ايضا لا اؤمن بالمال؟ لقد جعلناه ضروريا لقد فقدنا الايمان بانفسنا وبالاديان واصبحنا عبدة المال, امر سهل ادراكه جميع البشر في هذا العالم الحديث يفقدون ايمانهم الفطري بالاله بسهولة جدا فينتهي بهم الامر اخواء عميان يسعون طلبا للايمان من اي مصدر اخر فيخرج العالم الحديث بثوب المسيح المنقذ يقدم يده اليهم بمنتج العناية بالشعر والسيارات الفخمه واعلانات المنازل المنمقه والملابس الجديده, فيؤمنو بها انها بالطبع ما سيمليء هذا الخواء بداخلهم, وان ابتلعته اجوافنا وبالت نأمل ان يتواجد منتج جديد يعيد ملء هذا الخواء بداخلنا, ونعود منازلنا عرايا مجردين من انسانيتنا ومن ايماننا علي سريرنا كالاطفال في ايد احبتنا او نبكي في وحدتنا, ونؤكد لانفسنا انه لا شيء من هذا كاف لاشباعنا.

هذه هي طريقتي المسليه في ملء عقلي كي اقتل الوقت ان اغذي فلسفتي الشخصيه في احتقار جميع اصناف البشر ومن بينهم نفسي, ولكن علي اي حال وصلت الي الكيان الذي وهبت نفسي له الاضواء الناصعه الاوجه المزينه والاجساد الممشوقه والاصوات المرتفعه لا يهم من يكونو او كيف هي حالتهم المزاجيه او مشاكلهم الشخصيه فهذه كلها اشياء يستطيع الجميع تزييفها في مكان العمل بالمساحيق والثرثره والابتسامات حتي وان كنت قد قتلت شخصا قبل ان تأتي الي هنا فحتما ستكون علي شاكلتهم بلا اي فارق بينك وبينهم ستعملون جميعا تحت كاميرات المراقبه تتمون عملكم في الانجاز كالشخصيات المنتجه والناجحه!

جلست علي كرسي العمل بدأت في النظر الي الشاشة المضيئه اقوم بالعمل كموظف مثالي لثمان ساعات متواصلة انا في هذا المكان لا اري تقدم اي شيء والجميع بنظراته الغريبة علي يمقتون طريقتي البارده في العمل دون الانخراط في حديثهم وان تدخلت كنت دائما املك رأيا مختلفا عنهم يجعلهم يمقتوني اكثر فأكثر ولكن لا يهم فلطالما رأيت انه من درب الغباء ان تعتقد انك ستصنع اصدقاء في مثل هذا المكان, لا تنسي ابدا امام المال لا يوجد شرفاء وامام الالم لا يوجد ابطال وامام النساء لا يوجد رجال وفي هذه الاماكن فالجميع يعمل بألم نفسي للمال ومع رغباتهم تجاه النساء فما الذي كان انسانيا منذ ان انشيء هذا المكان؟

ذهبت الي الحمام بعد ان شعرت ببعض الالم في عيني, اغلقت باب الحمام وتجنبت النظر في المرآة واسندت رأسي علي الحائط واغمضت عيني افكر في ارض طهارتي تلك المساحة الهادئة الشاسعه التي لا اشعر فيها بالجوع او البرد علي رماد ارض نظيفه لا تطأها قدم غير قدمي ولا اشعر فيها بالوحدة او الغربه ثم قمت بطقطقة اصابعي وعدت الي العمل حتي نهاية الدوام وخرجت من هذا اللامكان الذي يفتقر لاي شكل من اشكال التأمل او مظاهر الجمال في اي جانب منه انه لا مكان حقا, شيء لا يمكن للمرأ ان يتواجد فيه الا لتنفيذ الغرض الذي انشيء المكان له وبلا ادني مهلة للتأمل في ما يحيط بك. هذا حقا لا مكان وبالطبع اعتدنا عليه لاجل المال.

عدت الي منزلي ومجددا سأنظر في المرآة ذاتها في حمام منزلي اري جسدي النصف عاري اتحسس علي وجهي والمس شعري اتنفس بهدوء وانا لا افكر في شيء غير انني احاول ان احافظ علي صورة واحدة لهيئتي كي اذكرها ثم فتحت الباب وعدت الي غرفتي انظر الي الفتاة الجميله التي تقف امام لوحة معلقة علي حائط الغرفه تحت ضوء اصفر خافت تحمل بيدها الهادئة سترة رقيقه علي جسدها العاري اقتربت منها في هدوء وانا امد ئراعي اليها تشبثت به وواصلت النظر الي وجهي لا اعرف ان كانت تري الهيئة ذاتها التي في المرآة لكنني متأكد ان بين كل الاوجه التي تراني عليها فلا واحد منهم كالهيئة التي يراني بها بقية البشر من حولي, هذا ما يجعلها مميزة بشكل ما, سقطت السترة عن جسدها وانا احتضنها بين ذراعي مع لمساتها الناعمة علي جسدي اشعر وكانني استلقي علي ارض رطبه ناعمه, وشعرها يتخلل بين اصابع يدي كالزرع الاخضر في الربيع مع قبلاتها الهادئة علي رقبتي, حملت جسدها الخفيف بين ذراعي اضمها الي صدري ونبضات قلبي تتسارع بصوت مرتفع حتي تشعر بصداه علي صدرها وواصلت الشعور اكثر بدفئها, كونها دافئة اليس هذا يعني انني اجعلها تشعر بقليل من البرد وعدم الراحه؟, لا اعرف ارغب في الشعور بهذا, دفعتها علي سريري وامسكت برقبتها بهدوء اقتربت بأنفي الي رقبتها وبدأت في شمها انها تملك رائحة اشبه برائحة اوراق الورد, عضضت بشفتي علي اذنها وانفاسي تعلو علي اطراف وجهها بينما شفتاها تمتص اصبعي, اشعر بماء نهر ينساب بهدوء بين اصابعي, امتد بيدي الي ثمار طازجة فيفيق رأسي علي صوتها الانثوي بينما اصبعي يقطف اكثر من ثمارها رفعت رأسي لاري اي واقع انا فيه الان, هل انا اتقدم اكثر في ارض طهارتي ام انني اجعل هذه الفتاة المسكينه تعاني بين يدي, انظر اليها بنظرة باردة واذا بيدها تتحسس جسدي وترجوني ان املكها, رأيت في هذه اللحظة عين ماء في الارض وانا هزيل عاطش فدفعت برأسي داخل بئر الماء استلذ بشرب كل قطرة منه.

انتهينا من الامر قد يكون لحظة رؤية بسمتها هي اللحظة التي اشعر فيها بشعور افضل تجاه نفسي, ونظرتها الهادئة التي تتأمل في غموضي هي التي تجعلها مميزة بالنسبة لي، ضممتها بين ذراعي وراخ رأسها علي صدري ان كانت ترغب في ان تبقي علي هذا الحال حتي الصباح لن امانع ومع مرور الوقت غابت عينها الهادئة الي النوم وانا اراقب ملامحها لاتذكرها علي عكس وجهي الذي نسيته بالفعل.

الملاذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن