قصاصات من ورق الزيتون

48 1 2
                                    

لم يهد إليه غص زيتون ... اكتفى بالوقوف قبالته صاغرآ .. فيما اﻵخر واقف كالطود الشامخ ... اﻷرض الصخرية التي نبت العشب عليها متفرقآ شاحبآ .. ومتصلبآ فضل الرقص صامتا ودون صخب ... الهشاشة التي علقت بعظام رجل ناحل ألقت بوجعها في قلبه حطمته أصبح طريحآ لا يقوى على السير سوى بضع خطوات لا غير الجبل المتاخم لقرية يحيط بها كما يحيط السوار بالمعصم .. يحجب الشمس عن المنازل القريبة ويطلق الماء من عليائه بكبرياء يقبله كثير الطود يجلس تحت زيتونة متباهية ﻷطفالها ... اﻷرض تغتسل بالزيتون وتتخلى بحبات سوداء بعضها ناعم واﻷخر مجعد.
السور الذي بناه العتاة في غفلة اﻷعين جعل من القرية مكان مقفر بدون حقل الزيتون طريق لا يوصل إلى مكان معين .اﻷصوات العالية التي تعلو من خلف السور ، تمزق الأجساد السامقة ، وتحيل اﻷماكن إلى فراغ قاتل ، يبدئ من حد لا ينتهي أبدآ وراء ظهره يخبئ الغصن اﻷخضر المتغصن بقوة يعصره ، يقطر زيتآ ، يتضاءل الغصن ينكمش يصبح لا شئ لكنه لا يهدى ﻷي كان.
سكان القرية يقفون على روؤس أصابع قدميهم ليروا ما وراء السور وكأن عالم من السنين فات عليهم ... وكأن لم يكن قبل قليل شيئا .أم الرجل النحيل ، تدهن جسد ابنها بالزيت الباهظ الثمن ، تهدر بعض القطرات ، تنظر بحسرة تعقد مقارنة ظالمة بين ابنها وزيتونة متغربة. اﻷزيز يرتفع كلما مر يوم ، لا أحد يفكر في الابتسام ، أطفال يتعاركون على حبة زيتون . الزيتونة تتملص من اﻷيدي الخائفة لا أحد في مواجهة اﻵخر ، الكل سجين ، القرية تقبع في أقصى اليسار حقل الزيتون ينأى يمينآ وحده ، السور يتمدد يزيد الهوة. أين يدفن القرويون موتاهم ؟ أين يمكن أن تزرع اﻷجساد الحية ؟ والحقل أصبح بورآ ، بكى الرجل النحيل ، اﻷم تنظر إلى بقايا الزيت المسكوب... الطود يتبسم لكن هذه المرة مات مرة ثانية ، القرية أصبحت مجموعة بيوت متفرقة ، لا حقل زيتون ، الزيت تأتي به منظمة إغاثة مشبوهة هي نفس المنظمة التي بنت السور ؛ الطود هو رئيس مجلس إدراتهاا... اﻷطفال واقفون في الطابور ينتظرون دورهم .

🎉 لقد انتهيت من قراءة قصاصات من ورق الزيتون 🎉
قصاصات من ورق الزيتونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن