رمَــادِي 25

9K 636 1K
                                    

أستـغفِر اللّـه العظِيــم وأتُـوب إلَيــه

🥀

هِيَ لَم تكُن أبدًا إنطِوائِيّة، كانَ فقط لَدَيها قناعةٌ
تامّة أنّهُ لاَ جَدوَى مِن الإخـتِلاطِ بأشخاصٍ لا يُشبِهونَها.
لَم تكُن تُفضّلُ الصّمت، ولكِنّها كانَت تتمنّى أن يُحارِبَ
أحدُهم لِينتزِعَ كلِمةً مِن فمِها.

هِيَ كانَت رَقيقَةً لِدرَجةٍ تجعلُها تُدقّقُ في أبسطِ
التّفاصِيل، تتلَعثمُ إن نظرَ أحدُهم لِعَينَيها مُباشرَةً وهوَ
يتكلّم، هِي هادِئة، هادِئة جدًّا تُحبّ أيّ شخصٍ تقرّب
مِنها، لكنّ قُدرتَها علَى التّجاوُزِ مُخيفة! تجعلُك
تُراجعُ نفسكَ في التّقرُّب مِنهـا..

بعد ثلاثةِ أيّـام، السّاعة العاشِرة مسـاءً..

فِي تِلك الأثنـاء، وبالجِهةِ الأخرَى، يسكُن هُدوء
اللّيل بِأوجاعِه وَصرخاتِ الصّمتِ التِي تتراقصُ فِي
رُكن ُمعتَم مِن الزّمن. حيثُ يتدثّرُ البُندُقِيّ في سرِيرِه
مُحتضِنًا دُبّهُ المَحشُوّ معَ دمُوعٍ تُذرف ببَذخ، في حِينِ
آيلا، الفتَاة ذاتُ العَينين البُنيّة المُكحّلة، تُمسكُ
بِهاتِفهَا تُخاطِبُه بقلبٍ مُنفطِرٍ علَى حالِه.

تنظُر بالكاميرَا الأمامِيّة التِي تتصلُ بوَجهٍ يكتسِي
بِالحُزن، وَيسكبُ عِطر الفَزع فِي عَينيهِ البُندُقِيّتَين. كانَ
يبدُو لَها مكسورًا، يَبحثُ عنِ الأمانِ وَالدّفئ، ضائعٌ
وكأنّه يسيرُ فِي الظّلام الطّامِس وَحده.

«تايهيونغ، توَقّف عنِ البُكاءِ رجاءً!»

فاهَت آيلاَ بصوتِها الرقيق الذِي دائِما ما يتسلّلُ
لِبراوِيزِ قلبِه ويمُدّه بالقُوّة.

إستنَدت كلِماتُها إلَى قلبِه المُتعَب، حيثُ يَتسارعُ
نابِضُه جرّاءَ الخَوفِ الذِي يلتفُّ حَولهُ
كسِلسِلةٍ مُظلمَة وخانِقة.

«ولكِنّ تايتـاي خائِف آيلا..»

نطَق تايهيـونغ بِصَوت هَامِس، كأنه يَفتحُ بابًا
آخرَ لِعالمٍ مِن الضّيَاع.

رفعَت آيلا عيُونَها تتوَغّلُ فِي نفسِ تايهيـونغ
مُحاوِلةً طَمأنتَه.

«أختُك تتلقّى العِلاج الآن تايهيـونغ، ستتحسّنُ قريبًا!
وسَنخرُج ونمرَح سوِيًّا! ألاَ تثقُ بِي؟»

تدَلّت دمَعة يتِيمَة مِن عَين البُندُقِيّ، تلامسُ الوِسادةَ
كنجمَةٍ هائِمة لِيشهقَ ماسِحًا محجَرَيه.

«بلَى تايتـاي يفعَل، لكنّهُ يُريدُ أن يرَاها، أخبرِيهَا أن
تأخذَنِي إلَيها أرجوكِ! تايتـاي سيبقى عاقِلاً
ولَن يُحدِث الفَوضى»

 رمَادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن