أنا إستسلمت

795 33 5
                                    


"خالد"
أتعرف أن إتخاذ القرار الصحيح أصعب من إتخاذ القرار الخطأ؟
لأنك إذا أتخذت القرار الخطأ و شعرت بالندامة و الألم في قلبك تذهب إلى الطرف المقابل و تطلب السماح و الرجوع و ترتاح
لكن إذا إتخذت القرار الصحيح حتى لو شعرت بالألم لا تستطيع أن تذهب إليه لأنك إتخذت القرار الصحيح و هذا سوف يعذبك.
هذا ما أشعر به حاليا، أنا أشتاق لها أريد رؤيتها و أريد سماع صوتها، أريد أن أطرق بابها و أريد الإتصال بها؛ لكن لا أستطيع لأنني إتخذت القرار الصحيح بالإبتعاد عنها.
و ها هي تمر الأيام و الألم ينخرني داخلا، يأكل مني كل يوم؛ لا أعرف ليلي من نهاري، كل تفكيري بها و الحزن إستولى علي.
أحاول نسيانها، أحاول تجاوزها، لكنني أشعر أنني سجنت في قلبها لا أستطيع أن أغادر هذا المكان أبدا.
نورا: أنظر إلى حالتك؟ هل هذه حالة إنسان طبيعية؟
خالد: و هل أسمى إنسان الآن؟
نورا: لماذا لا تتكلم معها؟
ضحكت بسخرية: أنت من أخبرتني أولا أن أبتعد عنها و الآن تريدنني أن أعود إليها؟
نورا: حسنا، دعنا ننسى الآن ألن تذهب إلى حفلة الطلاب؟
خالد: و هل أبدوا في حالة أنني أستطيع الذهاب إل حفلة؟
نورا: أنا لا أستطيع الذهاب أرجوك أرجوك خذ مكاني.
وهكذا تقرر مرة أخرى مصير حياتي من طرف صديقتي.
أنا لا ألومها ما حدث معي لكن لو لم تكن في حياتي لكنت الآن خطفت مريم وذهبت بعيدا، نكون قد تزوجنا ولدينا منزل على طرف جبل بعيد عن الناس، نحضر قطة و كلب و تحضر لي مريم المعكرونة في العشاء.
وصلت إلى الحفلة، كنت أريد أن ألتقي بأحد طلابي أعطيه نتيجة الواجب و أذهب من هنا.
لكن من قرر القدر أن يضعه في طريقي؟
معذبتي...
كانت تجلس هناك، مع طالبي العزيز، للوهلة الأولى لم أر شيئ في هذا المكان غيرها.
حبيبة قلبي تجلس في ذلك المكان تبتسم و تنظر بعيون براقة يا إلاهي كم وددت معانقتها.
لكن عندما رأيت جميل معها، قريب منها و يبتسم معها شعرت أن حجرة حطت على صدري و منعتني من التنفس.
شعرت أن هناك ماء مغلي يتصاعد في عروقي ذاهبا إلى دماغي و حرق كل شيئ...
كل شيئ حرفيا لأنني لا أدري ما الذي فعلته تاليا.
إقتربت منهم...
عندما رآني جميل وقف و إبتسم معي: مرحبا دكتور أنا...
قاطعته: ما الذي تفعلينه هنا؟
نظراتها إلي لم أفهمها، بقيت تنظر إلي صامتة لا تتحرك.
جميل: ماذا؟...هل تعرف...
و قاطعته مرة أخرى: أنا أسألك ألن تجيبي؟
وقفت بهدوء و أمسكت ذراع جميل و إقتربت منه: أنا أستمتع دكتور.
تخول ذلك الماء المغلي إلى ماغما قابلة للإنفجار في أي لحظة.
خالد: تعالي معي.
مريم: لماذا؟
إستفزازها لي فجر البركان الذي داخلي، أمسكت تلك الذراع التي تمسك بذراع شخص آخر و أذختها بقوة، لم أكن أسمع و لا أرى شيئ...
عندما وصلنا إلى البوابة التي تأدي إلى الخروج، توقفت إثر إحساسي بضرباتها لي.
لكنني لم أترك ذراعها.
مريم: ألن تتركني؟
خالد: سأتركك عندما تجيبين
مريم: طلبت مني دنيا أن آتي، غير ذلك لماذا أشرح لك انت...
قاطعتها: هل تعرفين ما الذي ممرت به الأيام الماضية يا مريم؟ لقدكنت أذوب مثل الشمعة و لا أستكيع أن أنقذ حالي حتى و أنتي ناذا كنت تفعلين؟ تتسكعين مع هذا و ذاك؟
أبعدت يدها بقوة و إقتربت مني و قالت بغضب: يا ترى ما هو سبب عذابك يا دكتور؟ هل مريم سبب عذابك؟ أو نفسك؟
و غادرت المكان، لكنني تبعتها فأصبحت تركض و أنا أركض وراءها لم تتعب و لم أتعب أنا أيضا، هل ستتعب عندما ترى أن حياتم في الهاوية و يجب أن تمسك بها؟
لكنني توقفت و قلتها: أنا أستسلم.
فتوقفت هي أيضا و عادت إلي مثل إعصار قاتل: يبدو أنك إستسلمت منذ وقت طويل.
لم أكن أريد ذلك لكن نزلت دمعة من عيني و خارت قوتي و سقطت أرضا: لقد إستسلمت يا مريم.
بقيت شامخة تنظر إلي،يا إلاهي من تعطيها هذه القوة أعطيني و لو قليل.
لم تتكلم بشيئ إنما بقيت تنظر إلي.
أمسكت ساقها وقلت: ها أنا أستسلم تحت رجليك يا مريم،أنا إستسلمت لهذا الحب مريم، لا أستطيع العيش بدونك و لا أستطيع التنفس، لقد...لقد حاولت أن أقنع نفسي أن أبتعد لككني لم أستطع.
و ها قد سقك أخيرا هذا الجدار الشامخ جنبي و أمسكت وجنتي، فراشتي تنزل دموع من عينيها رغم مقاومتها لها.
مريم: ما الذي يعنيه هذا؟
أمسكت وحنتيها أنا الآخر لأمسح هذه اللآلئ التي تغرق وجه حبيبتي: أنا أخبرك أنني إستسلمت، أنا أقدم لك قلبي بيدي أرجوك أوقفي عذابي.
إبتسمت بتألم و قالت: هل إستغرقك كل هذا الوقت لتستسلم لحبنا؟
خالد: أنا الآن لا يهمني شيئ، لا المجتمع و لا المنطق و لا القانون و لا شيئ أنا أريدك، لا أريد خسارة شخص آخر من حياتي مرة أخرى.
عاقتني بحضنها الدافئ، رائحتها العبقة و ملمسها الناعم جعلني أريد أن أنام.
خالد: لم أشعر بهذا الحضن منذ أن كانت والدتي حية.
زادت شهقاتها و ضمتني أكثر.
بعد أن هدئنا، وقفت بطلتي و أمست يدي فوقفت أنا الآخر.
ركبنا السيارة و لم أستطع المغادرة، بقينا هناك لعدة دقائق و الصمت سيد المكان، ننتظر من سيتكلم الأول.
فنطقت: و الآن؟
نظرت إليها و إبتسمت: الآن مادمت معك لا يهمني ما سيحدث الآن.
فإبتسمت هي الأخرى في خجل
ثم قالت: سأخبر عائلتي بكل شيئ، سأفعل المستحيل من أجلك.
شعرت براحة غريبة و كأن كل شيئ توقف.
و نعم مثل ما حدث في الأيام القادمة أخبرت مريم عائلتها بأمر علاقتنا، رفضوا في الأول لكن عندما رأوا إسرارنا قبلوا.
أخبرت نورا أننا أصبحنا معا و عكس ما توقعت كانت سعيدة جدا.
و لم نكن نريد أن نكيل الأمر أكثر لذلك قررنا الزواج في الربيع القادم.
مريم: أنا لا أصدق أننا سنتزوج.
خالد: أنا منذ اليوم الذي ركعت فيه عند رجليك لا أعلم إذا كنت أحلم أو هذا واقعي.
جاء الربيع إلى حياتي أخيرا....
بعدما خسرت والدتي و أنا فأمس الحاجة لها و خسرت والدي الذي كان سبب عذابي و كنت وحيد، ملأ الله حياتي بإمرأة ملأت كل الفراغ و أصبحت والدتي ووالدي حبيبتي و زوجتي رسميا.
ومثل ما حلمت إشتريت بيتا صغيرا في طرف الجبل بعيدا عن كل الناس.
أخي رفض في الأول زوجتي لكنه إعتاد عليها حتى أنه أصبح يزورني أكثر من الماضي و نقضي أغلب أوقاتنا معا.
مريم: ألم تخبرني أننا سنحضر قطة و كلب؟
أمسكت خصلة شعرها التي تغطي جبهتها و أعدتها إلى الوراء و قبلتها.
مريم: هااي ركز.
إبتسمت و قلت: من يستطيع التركيز و كل هذا الجمال أمامه.
إبتسمت في خجل: خالد القطة و الكلب؟
قلت بهمس: ما رأيك أن ننجب طفلين عوض ذلك؟
ضربتني بخفة: أنت لا تخجل أبدا..
وقفت: حسنا، حسنا اليوم بعد الظهر سنذهب لإحضارهم.
فوقفت و قلتني في خدي: شكرا حبيبي.
خال: آه يا قلبي يا عيون حبيبي....
عانقتها بشدة وأقبل رقبتها تحت ضحكاتها: توقف، أنت تدغدغني..
حياتي كانت مثالية لدرجة أنني لم أكن أعرف ما الذي كان ينتظرني.
جهزنا أنفسنا و خرجنا، أخذنا السيارة لنذهب إلى المدينة.
مريم: المرة القادمة ستعلمني القيادة مثل ما وعدتني.
قرصت خدها و قلت: أكيييد...
نزعت مريم يدي: أنظر أمامك.
خالد: و ماذا يوجد أمامي؟ أنت هي الحياة و لشمس و الطريق...
قاطعتني بصراخها: خاااااااالدددددددد
لأنظر أمامي و أرى شاحنة تأتي نحوي و صوتها العالي و أبيض كل شيئ حولي بعد ذلك....

خطفني طبيبيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن