إنك تُسعف نفسك من تحت انهيارات دروس الحياة الموجعة وتخرج روحك منها وتعيد تعمير ما انهدم وترمم ما تبدّد منك فهذه نعمة عظيمة تستحق الشكر..'
في مكتب اللواء أنور منتصر وقف "جاسر" وبجانبه "هادي" يدلوان بتقرير المهمة التي كللت بالنجاح علي عكس المتوقع ، فتحدث اللواء بفخر قائلاً:
"كنت واثق إنك قد المهمة دي يا جاسر بس محتاج حافز يحركك ، بفضلك قدرنا نوقف إمتداد المخدرات اللي كانت بتدخل البلد بإنتظام ومش عارفين مصدرها، وكشفت الخاين ، حقيقي فخور بيك يا إبني"
وقف "جاسر" إنتباه وأدي التحية العسكرية ثم قال بنبرة جامدة وكأنه آلة:
"ده واجبي يا سيادة اللواء."
إبتسم له اللواء "أنور" بفخر ثم وجه حديثه لـ"هادي" قائلاً:
"عرفت إن كان لديك دور كبير في نجاح المهمة يا هادي"
أدي "هادي" التحية العسكرية مثلما فعل "جاسر" ثم أردف:
"تحت أمرك يا فندم."
نهض اللواء من مكانه حيث كان يجلس علي مكتبه بشموخ ثم نهض يضع يديه خلف ظهره ومشي خطوات ثابتة حتي وقف أمامهما ، ليقول ببسمة هادئة:
"اللي أنتم عملتوه ده يستحق مكافئة ، عشان كده هصدر أمر بعمل حفل تشريف ليكم وصرف مكافئة مالية تقدير لمجهدكم يا أبطال ، ومتقلقش يا جاسر مفيش سفر خلاص ، تقدروا تتفضلوا."
إمتثل الإثنان لأوامره وتوجها الخارج بعد تأدية التحية العسكرية ، ليقف "هادي" أمام باب المكتب يكتف ذراعيه بحنق قائلاً:
"مكافئة مالية إيه فين الترقية! هاخدها بعد ما أموت يعني ولا إيه مش فاهم!!"
طالع "جاسر" تذمراته تلك ببسمة خافتة ثم تجاهله يسير أمامه قائلاً ببرود:
"أنت ليك عين تتكلم بعد ما كنت مستخبي ورا الحاويات زي الفرخة! ألا ما هزيت طولك ورفعت سلاحك في وشك حد غيري"
رمقه "هادي" بقرف ثم تبعه للخارج ليركب معه سيارته ثم قال بتذمر:
"بقولك إيه أنا هاجي معاك تجيبلي الملف اللي سرقتهولك أحطه مكانه قبل ما حد يكتشف عملتي وبدل ما أترقي أتكدر ، وبعدها مش عاوز أعرفك تاني ، إحنا نقطع علاقتنا لحد كده وأنا هقدم إستقالتلي وأخدلي بيت في الريف وأرعي بقرتين وأتجوز"
نظر له "جاسر" بطرف عينه ثم قال بحاجب مرفوع:
"ترعي بقرتين ليه يا هادي يا حبيبي وأنت موجود"
زفر "هادي" بعنف من صديقه الذي لا يوفر فرصة ليثير حنقه ثم قال مغيراً الحديث:
"مقولتليش عملت إيه في سراج ومراته وأبنه؟"
تنهد "جاسر" بعمق متذكراً ليجيبه:
"سراج إتحبس ، قبل ما أوصل علي الميناء كسرت علي عربيته وسلمته لعسكري يوصل بيه المركز ، بالنسبة لمراته وإبنه فكان بينا إتفاق وهي اللي سلمتني جوزها بإيدها"