الرسالة الاولى
صديقي الغالي:رحيم
أرسل إليك حروفي من خلف القضبان، لا ألومك إذا تهربت ومزقت خطابي قبل قرائته فمثلي الآن عار على كل من يعرفه.
لكن تمهل قليلًا سأخبرك بالعديد من الأشياء التى جعلتني من طالب متميز في كلية تجارة إلى مجرم داخل السجن..
ستعرف جيدًا متى كانت السقطة..؟!
بالرغم من إنك صديقي المقرب ولكن كنا مختلفين في كل شيء كنت عنيدًا أحب التجربة وأنت تميل لكل ما هو معتاد أريد أن أخبرك يا صديقي الحبيب إني طالما أحببتك.
أعلم أني لم أخبرك بذلك فرفضي لأفكارك ونصائحك يوحي أني لا أود الإقتراب منك
ولكن كرمك الممزوج بالحب فاق تعصبي، ولين قلبك فاق جمود روحي.
أتدري..! لم أكن أريد مرافقة ايهاب والبقية
كل ما أردته أن أتميز في شيء، لا أستطيع التفوق في دراستي مثلك فأنت دائمًا الأول، الأمهر أصبح تفوقك مغناطيس يجذب الفتيات، وبمثابة إلهام ومثل أعلى لكثير من الشباب
أتعلم حقًا أفتخرت دومًا إنك رفيق الدرب
لا أدري لِمَ أكتب لك خطابي هذا!
أيقنت لحظة القبض علىَّ إن العمر قصير يا صاحبي، لحظات فارقه بين الموت والحياة لا نعلم متى وأين!
فقط أردت أن أخبرك قبل أن ينقض العمر ..
ماذا سيحدث أذا أنتهى العمر ولم أخبرك بمدى حبي على الرغم من ابتعادي عنك في السنوات الأخيرة، ولكن أنت لم تتخلى عن مساندتي
أتذكر أول مرة رأيت بيدي سيجارة، احمرت وجنتاك ودمعت عيناك من خلف نظارتك، لم تيأس من نصيحتي ولم تتخلى عن صداقتنا
اليوم فقط أدركت كلماتك يا رحيم الصديق الحقيقي من يكون على يقين بصديقه
تتذكر يا رحيم عندما أخبرتني لولا معرفتك بنقاء قلبي لكنت تخليت من سنين
ساعدتني بكل قوتك وساندتني في أشد المحن.
كل يوم بداخل السجن أكتب لك، لقد ندمت اعلم أن الندم لا يفيد الآن لكن يكفي أن تعلم أن كبريائي قد تحطم ودفنت غروري تحت الثرى
لا أملك الشجاعة الكافية على إرسال هذه الرسالة، لكن سأظل أكتب لك حتى مماتي لعل كلماتي تكون شفيعة لي سأخبرك بكل ما في قلبي حتى يخف الثقل على كاهلي قليلًا
عندما جرفتني الحياة وتم قيادتي من رفقاء السوء هويت في النار ولكن دومًا كنت جنتي تمسك يدي وتعيدني إلى الصواب بالرغم من ذلك ذنوبي غمرتني حتى النخاع لم أستطع المقاومة، ولكن صدقًا كنت أود بشدة التراجع حتى تعرفت عليها جمالها فتني لحد الجنون عندما عرفتها أيقنت حينها إن سقوطي هذه المره لا رجوع منه، ابتسامتها بمثابة الضربة القاضية لا تؤاخذني يا صديقي حينما أخبرتني إنها ليست جديرة بقلبي وإنك تفهم جيدًا في معادن الناس حاولت بكل ما أوتيت من قوة أن توقظ روحي وضميري، لم أحاول تفهمك فهي المرة الأولى التى تنجذب لي فتاة أعلم أني أحزنتك بكلماتي القاسية حينها، ونعتي لك بالغيور ومدعي المثالية، أعتذر يا صديقي سحرها ملأ كياني وجعلني مغيب العقل هربت من لقاك كثيرًا فنظرتك كانت بمثابة الماء البارد الذي ينقذني من النارالذي وقعت فيه إلى حد الأحتراق، وقعت في الحب يا رحيم ولم أدرك إن السقطات ستأتي بشكل متتالي بهذه السرعة، عشت في زمانها ومكانها فقط بدأت بإهمال دراستي ورسبت وأنا في السنة النهائية من الجامعة لا أهتم بدموع أبي ولا انفطار قلب أمي وهم يرون أبنهم الوحيد ضائع، هائم في عالم الجحيم، الغريب إني الوحيد الذي كنت أرى النار نعيم، أشعر بالخجل وأنا أخبرك أني فعلت كل شيء حرام وجعلته بقلبي يرتدي ملبس العفة والمباح.
قادتني لطريق الظلام فلم أرى غيرها تنير عتمتي
أدمنت كل شيء من خلالها ومن رفقاء لا يستحقون هذه الكلمة على الاطلاق، سؤالك عني وعن أهلى وصلني يا رحيم كنت ممتن لك بداخلي لكن لم أستطع مواجهتك فأنت بمثابة الضياء الذي خفت من أن ألقاه وأنا بداخل العتمة التي ادمنتها فأضعف وأتراجع عن حياتي التي سحرتني ولا استطيع الاستغناء عنها، أتَعلم عندما اقتربت النهايه قد شعرت بها لا أدري كيف ومتى ولكن شعور داخلي أن كل شيء سينتهي عن قريب
وذلك اليوم طعنتني بقوة عندما تركتني فكل ما ميزني من قبل أصبحت عيوبًا تضربني بها واحدة تلو الأخرى من انهزامي أمامها وتحملي غضبها ومزاجيتها ورفقي بها أصبحت أتهامات ترميني بها وفي قرارة نفسي علمت أن هناك سبب واحد فقط وهو نفاذ نقودي لا أستطيع توفير لها متطلباتها واحتياجاتها أصبحت كالمجنون فقدت بصري وبصيرتي بوجودها وعند فقدانها فقدت نفسي كليًا وهنا تعاطيت أكبر كمية من المخدرات لم يكن هدفي حينها أن أنسى وأفقد الوعي كل ما أردته أن يموت جسدي كموت روحي.
دعاني رفيقاي حينها للمرح بالسيارة لم أشعر بجسدي المترنح سوى بصفعي من أحد الضباط
أتعلم يا رحيم ما شعوري بعدها جاءت لي صحوة لم تأتي لي أبدًا منذ سنين كأن هناك إنسان جديد تم ولادته من جسد أنسان آخر مات ودفنته بيدي لا أعلم لم تذكرتك حينها فصوتك أحاطني دومًا رغم هروبي منه ولكن خلف القضبان وحدي لا يمكن الفرار أبدًا من قدر محتوم وتحملت عقاب لكل ذنوبي فأنا أستحق ولم أضع نفسي موضع المظلوم لقد وقفت أمامي بطريق مستقيم تمد لي يدك وتدعوني فقطعت كل وصالك وذهبت بكامل إرادتي بطريق أعوج لا طائلة منه أكتب لك وأنا أعرف أن عقوبتي خلف القضبان ستنتهي يومًا ولكن لا أعلم متى تنتهى عقوبة نفسي التى شوهت بالذنوب.
يتبع..