الفصل العشرون

11.2K 180 24
                                    

شددت فوق كتابها تضُمه لصدرها و قد غامت عينا بحزن تسير خارج الجامعة بخطواتٍ وئيدة، رفعت عيناها الكريستالية بدمعاتٍ حارقة و بمقلتيها شبح لهفة لوجودُه، لكي تركُض تختبئ بأحضانه تستنشق رائحتُه التي أدمنتها و لكن زمت شفتيها بحزن أكبر عندما لم تجدُه و وجدت الطريق فارغ أمامها، فإرتجف جسدها و الهواء يلطمها كل جانب لترتعش بقسوة كزهرة ضعيفة في مهب الريح، ظلت على حالها دقائق لتعزم على ركوب سيارة أجرة و الذهاب بمفردها للمرة الأولى، فهي إعتادت دائمًا أن تخرج من بوابة جامعتها بملامح مُشرقة فتجدُه مستندًا على سيارته بتلك الهالة المُحيطة به مُرتديًا نظارته السوداء فاتحًا زراعيه لها و إبتسامة خفيفة تُزين ثغرُه، و لكنها اليوم تجد أثرُه فارغ للمرة الأولى، و هي في أشد الحاجه إليه، تحركت بخطوات سلحفاه لكي تشير إلى سيارة أجرة و لكن إنحبست أنفاسها برئتيها و عادت خطوات للخلف عندما وجدت سيارته آتية على سرعة عالية ناحيتها ليتوقف على مقربة منها فـ تحتك مكابح السيارة بالأرضية مصدرة صريرًا عاليًا، ثم يترجل من السيارة و على ملامحه اللهفة عليه يُبعد النظارة عن عيناه لكي يتأمل بصدمة وجهها المُخضب بإحمرارٍ قاني و لآلئ صغيرة تنبثق من عيناها، و بدون مقدمات كان يقترب منها ليقبض على رسغها يجذبها لأحضانُه وأنفاسُه مهتاجة و كأنه أتى ركضًا لها، يقول بصوتٍ مُتلهف يضغط على جسدها داخل أحضانه يريد أن يُدخلها بداخله:
- آسف .. أنا آسف!!!

بنبرته الحنونة و بأحضانه الدافئة كانوا كـ إذن لها بالبكاء فـ أجهشت بالبكاء داخل أحضانه متشبثة بقميصُه الأبيض، ظنها تبكي لتأخيرُه فإلتاع قلبه أكثر يُغمض عيناه يسب نفسه و يسب من كان السبب في تأخيره عليها، أسرع بـ فتح باب السيارة لها و أمسك بعضدها يُبعدها عنه بلُطف و يقول بهدوء:
- طب إركبي يا حبيبتي!!
إستقلت السيارة و لا يمُر من أمام عيناها ضحكات من كانوا بالمدرج عليها و أستاذها الذي نهرها أمام الجميع لتأخيرها عشرة دقائق فقط، و عندما دافعت عن نفسها رافضة أن تُهان بهذا الشكل تعالى صوتُه و طردها ليخبرها بأن تستعد لمُلحق مادتُه!
أغمضت عيناها و جسدها ينتفض فشعرت بمن يمسك كفها يُقبله عدة مرات يُميل عليها قائلًا و القلق يغزو حروف كلماتُه:
- يا عُمري .. إهدي .. ششش مش عايز عياط أنا جيت و جنبك!

ثم إبتسم لمُدللته يقول برفق:
- يعني كل الإنهيار ده عشان إتأخرت شوية!

طالعته بحُزن ثم أنكست رأسها تنفي بهزَّات خفيفة من رأسها، فـ تجمدت ملامحه لثوانٍ يقول و القلق غزى قلبه أكثر:
- لاء! أومال إيه؟ في حاجه حصلت جوا؟ حد إتعرضلك؟!!

تصاعدت نبرته من فرط قلقُه و كفها رغمًا عنه إشتد على ذراعها فـ نظرت له بخوفٍ تقول بين شهقاتها لتخرج كلماتها هسيس:
- أنا كويسة .. مافيش .. حاجه عايزة .. بس أروَّح!!

إنفلتت أعصابه ليلفها له يحاول إحتواء حزنها يمسد على خصلاتها من الأمام يُردف لحنان:
- ششش بس .. حد زعلك جوا؟ قوليلي يا حبيبتي أنا فهد ..قولي و متخافيش من حاجه!!!

انتقام ملغم بالحب - للكاتبة سارة محمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن