الفصل الثاني والعشرون

17.9K 720 52
                                    

الفصل الثاني والعشرون

خرج من مرحاض الطابق الأسفل، يجفف بالمنشفة الصغيرة على خصلات شعره التي تخللتها المياه من منذ قليل، حينما احنى رأسه اسفل الصنبور ليهدئ من ثورته، من أجل أن يستفيق لنفسه، كي ينفض عنه هذه الافكار الغبية، ولكن كيف يستطيع ذلك؟

لقد اهتز وتبعثر كل كيانه لرؤيتها فقط بدون حجاب، جمالها الطبيعي عن قرب، عيون الريم حينما ترمقه بالسهام التي قد ترديه قتيل هذه النظرة،
رائحتها التي ما زالت عالقة في انفه، والأهم من كل ذلك، وهو اصطدامها به، حتى وهو قد تظاهر بالقوة امامها ، يدعي الأمر عادي، ولكنه كان غير ذلك على الإطلاق.

وقد عادت اليه كل المشاعر التي اكتنفته قبل ذلك، في هذا اليوم الذي انهارات به مع غياب صغيرها عنها،  حينما سقطت فاقدة الوعي بحضنه، واضطر وقتها ان يحملها حتى منزلهم، لن ينسي ابدا نعومتها بين يديه، براءة ملامحها،  طراوة جسدها الغض.....

نفض رأسه مرة أخرى ليطرق بقبضته على ذراع المقعد القريب منه، هذا العبث لابد له ان ينتهي، غباء تفكيره وعودته مرة أخرى لهذا الهذيان والاندفاع الأحمق،  لن يحدث، لقد عرف رأيها عنه، وعرف انها لن تنظر اليه،  وطيف الراحل زوجها تضعه حاجزًا وحائط صد لكل من يبتغي القرب منها .

ثم ماله هو من الأساس بها؟ رجل عرف حظه القليل من  مباهج الدنيا والنساء، رجل حكم عليه ان يضلل بجناحه على الجميع، ولا يجد هو من يضلل عليه؟ رجل يهابه الجميع، ومع ذلك لم يجد التقدير من اقرب الناس اليه، مع من كانت زوجته وأم اولاده،

إذن ماذا ينتظر؟ لابد ان يجد حلاً لمأساته، لابد ان يبتعد!

- غازي .
التف منتبهًا لصاحبة النداء والتي عرفها من صوتها، لتزداد دهشته، مع تفاجأه لقدومها من الخارج بعباءة الخروج السوداء، 

- انتي جاية منين؟ امتى سيبتي سريرك وطلعتي؟
هتف سائلًا بتبرة خشنة اختلطت بقلقله عليها،  والتي لم تجد من الردود او الكلام،  وقد عجز لسانها عن النطق في حضرته، فلم تشعر بأقدامها وهي تركض بدون تفكير لتلق بنفسها بحضنه، لتلف ذراعيها حول خصره، وبصوت باكي:

- وحشتني يا غازي، وحشتني يا واد ابوي، هونت عليك، هانت عليك روحك يا غازي؟

زفر يغمض عينيه، ليكبت لوعته، شقيقة روحه تسأله وكأنها لا تعلم، او تريد تفسيرًا لابتعاده عنها، وهي التي شقت بجرحها جدار الطمأنينة المتبقي له من هذا العالم، والوحيد الذي كان يستند عليه حينما تضيق به كل السبل ولا يجد راحته الا عندها..

- على كد المعزة بيكون الجرح يا روح، كان لازم تسألي نفسك انتي السؤال ده الأول، لما خبيتي وسبتيني في حيرتي ووجعي عليكي، اضرب اخماس في اسداس عن سر عزوفك عن الجواز، وانتي عندك الجواب ومدارية عليا.

ميراث الندم   الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروححيث تعيش القصص. اكتشف الآن