الفصل الثالث والعشرون
لم يكن غضبًا هذا الذي يكتسحه من الداخل، لفد تعدى الانفعال، تعدى السخط ، تعدى المقت والكراهية لكل من تسبب في حرمانه منها بعدما كان على مسافة بعض أمتار صغيرة، وكأنه عاد لنفس النقطة التي كان يقف عليها منذ خمس سنوات، قلة الحيلة والعجز عن تحقيق ما يتمناه بالقرب منها.
وما فائدة الإنجاز الاَن؟ وقد فقد الغاية التي من أجلها فعل الكثير وتحمل الأكثر، حتى يحصل عليها، بمكانة تليق به معها، لا يصدق انها باعته بهذه السهولة، كان واثقا من عشقها، واثقا من ولاءها له، واثقا منها وقد انتظرت دون كلل او ملل ، ماذا حدث الاَن لتتبخر من بين يديه بهذه السهولة؟ كيف استطاع هذا الملعون اقناعها ونزع قلبها الموشوم باسمه من صدرها لتدعسه بأقدامها .
زمجرة بصوت وحشي مرعب ، خرجت منه اثناء اندفاعه لداخل غرفته، يدفع كل شيء تطاله يداه، او أقدامه، حتى أنه القى بكوب الماء الزجاجي على المرأة ليتحطم مع الزجاج الذي تهشم، ليسقط بصورة افزعت شقيقته، والتي دلفت من خلفه لتلحق به، كي تسأله عن سر وجومه وتجهمه، بعد العودة من موعده الهام، لتلتصق بالحائط سائلة بجزع:
- مالك يا عمر؟ حصل ايه لدا كله؟
التف اليها بحدة هادرًا:
- بيجولي اتخطبت يا جميلة، وبيلومني عن سبب انتظاري سنين على ما اتجدملها، طب انا كان ايه بيدي؟ مش كنت مسافر، كنت بجمع الجرش اللي يكفيني بجوازي منها، صبرت خمس سنين وجات ع اليومين مجدرتش تستحمل.....ابتعلت شقيقته تلتزم محلها لبعض الوقت ، تطالعه بصمت، حتى وهو يستجدي تأيدًا لم تطاوعها نفسها عليه، ليصرخ ضائقًا من صمتها:
- ساكتة ليه؟ ما تتكلمي، صاحبتك خدعت اخوكي وخليت بيه على اخر لحظة يا جميلة .
حاولت ان تهادنه بتردد:
- ما تلومش عليها يا عمر، دي برضك في الاخر ولية مكسورة الجناح، هي أكيد مغصوبة.......- مش مغصوبة يا جميلة، وروح بالذات دونًا عن كل الحريم مش مكسورة الجناح، انا عارفاها اكتر ما انتي عارفاها، انا كنت متأكد منها .
قالت في محاولة لمجاراته؛
- طب ما يمكن يكون الكلام كدب، وهي مش مخطوبه ولا......
صرخ مقاطعًا لها:
- انا سامعها بوداني يا جميلة، وهي بتتكلم مع المحروس اخوها ع الشبكة اللي رايحة بكرة تشتريها مع عريس الهنا، واد عمها عارف، تصدجيها دي؟ عارف اللي فسخت خطوبتها منه وسابته مركون جمبها بالسنين عشاني، جاية دلوك تجبل بيه!طب هي بتعمل كدة ليه؟ كانت بتعلب بيا مثلا؟ انا هتجن، نفسي اعرف ازاي ده حصل؟
توقف وصوت انفاسه التي تصعد وتهبط بقوة يصل لخارج الغرفة، ليُكمل بهياج:
- انا خدت جلم النهاردة مخدتهوش في عمري كله يا جميلة، اخوها يجولي جيت متأخر، ومفيش حاجة مضمونة في الزمن ده، مين اللي مش مضمونة؟ دا انا كنت ضامنها أكتر من نفسي.
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
ChickLitوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...