"التشابتر الثاني"

138 17 20
                                    

هزِيمةٌ نكرَاء
_____

مرّت ساعتيِّ المحاضرة والتي كانت اطولَ ساعتينِ في حياتي كُلّها، خرجتُ من هُناكَ واخذتُ خطواتي نحوَ الكافتيريا التي كانت بعيدةً نسبياً عن المبنى الخاصِّ بالصيدلة الإكلينيكية ..

هُناكَ طلبتُ ارخصَ وجبةٍ في قائمةِ الوجباتِ كالعادة حتّى اوفّر، ورثتُ عادةَ التوفير والاقتصادِ من امي التي كانت صارمةً جداً وبخيلةً عندما يتعلّقُ الأمر بالمال، لهذا انا اعيشُ جيداً الآن رغمَ اني ادفعُ فواتيرَ جامعتي وايجارَ شقّتي بنفسي ..

كانت امي قاسيةَ التعابيرِ وجافّةَ المشاعر، ولم تكن اماً جيدةً حقاً، لكنَّي اكتسبتُ منها عادةً مهمةً حقاً افادتني في حياتي الحاليّة وجعلتني معتمدةً على نفسي، لذا لا استطيعُ سوى ان اشكرها عليها ..

جلستُ على احدِ المناضدِ وحيدةً اتناولُ طعامي، لا اريدُ ان ارفعَ رأسي حتى لا يرى باقي الطلابُ وجهي المُتعب، فجأةً اهتزَّ هاتفي لأرى اسمَ صديقتي المفضّلة مكتوباً على شاشته كونها تتصلُ، رفعته بمحاذاةِ اذني واجبتُ ..

جولين : "ايتها الساقطة ! اينَ انتِ منذُ الأمسِ لم تُجيبي عليَّ ! هل انتِ في الجامعة الآن ؟" .

ابتلعتُ اللقمةَ التي كانت في فمي وابتسمت ..

رينا : "انا في الجامعةِ جولي ! لماذا انتِ غاضبة ؟" .

اجابت فوراً ..

جولين : "انتِ في الكافتيريا صحيح ؟ انا قادمةٌ اليكِ وعندها سوفَ اخرجُ عينيكِ من جمجمتكِ واقليها على نارٍ هادئةٍ واتناولها مع النبيذ الأبيض الفاخر" .

ما ان انهت جُملتها حتى اقفلت الخطَّ غيرَ سامحةٍ لي بالردِّ، ضحكتُ مع نفسي تزامناً لوضعي للهاتفِ على المنضدةِ مُجدداً واكمالي تناولَ طعامي ..

مرّت حوالي سبعِ دقائقَ قبلَ ان ارى هيئتها الغاضبة تقتربُ مني، صديقتي العزيزةُ جولين جونز، بشعرها الاحمرِ الطويلِ والكثيفِ، وملابسها السوداءَ الجلديّة، جسدها الممشوقُ ومشيتها التي كانت كعارضي الأزياء ..

ما ان اقتربت مني وابتسمتُ لها حتّى انشبّت على ياقةِ لباسي تشدّني نحوها بعنفٍ فاستقمتُ من على الكرسيِّ، لحسنِ الحظِّ كلتانا في نفسِ الطولِ تقريباً والا لخنقتني بفعلتها ..

مُـفتَرقُ طُـرق | Crossroadsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن