حكاية ١٢

13 3 0
                                    

  "القلب يألف من يُعامله بلطف، فكن لطفًا لقلبي دومًا."
                         ...........................

هيحصل اى لو كل حاجة بقت هادية، لو الدوشة اللي جوه عقولنا هديت، لو عرفنا خطواتنا رايحه لفين وليه، لو بطلنا خوف من المستقبل، وقلوبنا اطمنت وسَكنها اليقين إن ربنا في إيده كل حاجة، وإنه على كل شيء قدير.
                             .........................
_ اى دا إنت هتنط!
قال بانفعال: _أه هنط ومتحاوليش تمنعيني.
" كنت بتمشى الصبح على البحر ولقيت واحد واقف على الكوبري وبيستعد عشان ينتحر."
رفعت كتافي بلامبالاة وأنا بنط أقف جنبه وقولت: _ومين قالك إني همنعك،أنا هنط معاك أنا أصلاً زهقانه من الدنيا.
بصلي باستغراب وقال: _إنتِ هبلة هتنطي اى انزلي.
_قولت بابتسامة بادرة: _ما إنت هتنط يعني إنت أهبل!
قال بضعف: _يا ستي انزلي إنتِ أهلك أكيد عايزينك أنا مفيش حد عايزني.
بصيت للبحر وقولت بشرود: _لأ في دي متقلقش، أنا لسه خارجه من الملجأ من يومين يعني مليش أهل.
بصلي بشفقة ونِزل، وأنا ابتسمت بإنتصار ونزلت أنا كمان
قعدت على الأرض وشاورتله يقعد جنبي وقولت:
_ ممكن أعرف كنت عايز تنتحر ليه؟
بص قدامه وقال بدموع : _مفيش حد عايزني، كل حاجة في حياتى بايظه، مش عارف أرتاح، قولت أموت نفسي يمكن ألاقي الراحة هناك.
اتنهدت وقولت:_ أنا مش هقولك إنك أكيد مكنتش هتلاقي الراحة هناك بعد ما تنتحر، ولا هقولك إن دا يأس من رحمة ربنا، ولا الكلام اللي بيتقال في المواقف دي، أنا كل اللي هقوله إنك متستاهلش تتعذب مرتين، متستاهلش تتوجع في الدنيا والأخرة، نفسك متستحقش إنك تشارك في عذابها عشان تخلص من عذاب مؤقت، مينفعش نهرب من وجع لوجع، إنت متستاهلش اللي كنت عايز تعمله في نفسك من شوية.
قال باستغراب: _وإنتِ ليه متأكدة أوي كدا إني شخص كويس، ما يمكن أكون شخص مؤذي لكل اللي حواليا.
ابتسمت وقولت: _مفيش حد هيفكر ينهي حياته لو هو شخص مؤذي، اللي بيفكر ينتحر بيبقى تعبان بشكل مرهق ليه ودا معناه إنه بيحس، ومفيش إنسان بيحس إلا لو كان إنسان كويس.
اتنهدت وأنا بكمل:_ ممكن أسالك سؤال، إنت ليه مفكرتش تلجأ لربنا وتدعيه إنه يخلصك من وجعك؟
قال بدموع: _تعبت، تعبت من إن مفيش دعوة ليا بتُستجاب، مفيش حاجه دعيت بيها وحصلت، كل لما أدعي الدنيا تتعقد أكتر، مبقتش بدعي، أصل هدعي ليه، اى اللي هيتغير يعنى، أنا حتى الصلاة مقصر فيها وبقضيها حركات بس عشان مش قادر أعمل أى حاجه وقلبي تعبان.
شاورت على قلبه وقولت: _عشان دا محتاج ربنا دايمًا، قلبك بفطرته محتاج ربنا، زي ما قلبك بفطرته بيحس ويدق ويحب ويحس بالخير والشر والخطر والأمل، بيحتاج يطمئن، ومفيش طمأنينة ولا أمان إلا مع ربنا، قلبك بيحتاج يهدى ويرتاح، ومفيش راحة إلا في القرب من ربنا، مين قالك إن دعائك مش بيُستجاب، مفيش دعوة إنت بتدعيها إلا لما ربنا يسمعها ويستجيبها، لكن ربنا له سر التحقيق وسر اختيار الوقت، احنا في وقت الإبتلاء بنبقى عايزين نخلص منه بأى شكل، عقلك متفلتر إنه ادعي وربنا هيستجيب، فلما الإبتلاء مش بيخلص بالسرعة اللي إنت عايزها بتقول أنا ليه ربنا مش بيستجيب لي، أو لما حاجه كنت عايزها مش بتحصل برده بتقول أنا ليه ربنا مش بيتستجيب لي، ربنا بيستجيب ويسمع دعواتنا كلها وبيحقق لنا كتير من دعواتنا في يومنا، لكن احنا اللي مش بنركز على لطف ربنا والدعوات الكتير اللي اتحققت، وبنركز بس على الدعوة اللي ربنا أراد يأخر تحقيقها لحكمة عنده هنعرفها بعدين أو ممكن منعرفهاش، لكن احنا مع الوقت بندرك إن اختيار ربنا لينا هو أحسن حاجة، أهم حاجة تعرف إن دعوتك استجابت واتسمعت وربنا عالم إنت عايز اى، لكن برضو عالم امتى دا يناسبك، امتى دا يتحقق، امتى الدعوة دي لو اتشالت ليك ليوم الحساب هتساعدك،
ربنا بيقول "وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" كلنا بنركز على أُجيب وبننسى فليستجيبوا لي ، ومش شرط فليستجيبوا لي إنهم يعملوا الطاعات بس، الاستجابة بتبقى الرضا باللي ربنا اختاره، والرضا بتأخير موعد تحقيق الدعوة مش استجابتها لأنها كدا كدا استجابت.
إنت بتحتاج تدعي عشان قلبك يطمئن ويهدى ويرتاح ويرضى.
سِكت لثواني وكملت:_أما بالنسبة للصلاة، فالصلاة علاج للروح، لما الروح تبقى هادية ومطمئنة حتى لو جسمك واجعك، بتبقى عامل شبه الفراشة، روحك خفيفة وقلبك هادي، كل الوجع اللي بعد كدا بيهون، وجع الروح أقوى من وجع الجسد، عشان كدا ربنا أمرنا نصلي بكل الطرق حتى بالعين لو الجسم كله مش بيتحرك، لأن الصلاة بتهون كتير جدًا على الإنسان، بتخليه قادر يكمل يومه ويواجه مشاكله، في الصلاة بتلاقي ربنا سامعك، الملايكة محوطاك، ووجه ربنا قصاد وجهك بالظبط، وربنا بيرد عليك، متخيل إن ملك الملوك بيرد عليك وبيكلمك، ربنا بينادي عليك خمس مرات في اليوم، ونداء خاص في الثلث الأخير من الليل، بيقولك لبيك عبدي لما تقول يا ربّ، بالله في راحة واطمئنان أكتر من كدا، بالله كنت عايز تسيب كل الجمال دا وتمشي.

حكاوي رؤى وسليم.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن