في أروقة الصف الثاني عشر، كانت الأصوات تتلاطم والضجيج يعزف سيمفونية الطلاب. لكن بين هذا الضجيج، كانت همسات الأستاذة كفيلة بشغل انتباهي. إعلانها عن وصول أستاذ جديد لمادة الفنون كان كمن رشقني بماء بارد - لكوني من محبي هذه المادة - لكن الصمت الذي أعقب تلك الكلمات كان أكثر فجاجة من الإعلان نفسه.
الصمت الذي ساد الصف يُظهر لي أن زملائي يراهنون على العلوم والرياضيات و باقي الموضوعات العقلانية، فكانت أفكارهم تدور حول الأسرار الكونية والمسائل الحسابية ، وعلى ما يبدو الفن لديهم ما هو إلا "لوحات ملوّنة تُسلي العقول الفارغة ".
الصمت العميق بدا وكأنه نكتة ساخرة في تلك البيئة العقلانية، كأنه يقول: "أهلًا بك، أستاذ الفنون، سنجعلك تشعر بأنك في العالم الخاطئ!"
كانت هذه اللحظة لها طابعها الخاص. بينما الجميع يُفكرون بالمعادلات والتجارب والنظريات فقط، كنت أنا والصمت، نتأمل الفنون والألوان، مشككين في كيفية رؤية الناس للفن، وإن كان يستحق حقًا الصمت العميق الذي انتاب الصف في تلك اللحظة المحددة.
في ذلك اليوم، ومع انقضاء الدرس، غادرت الصف وأنا محملة بالتساؤلات التي تدور في ذهني. كيف يمكن لشيء كالفن أن يكون مصدر اهتمام لبعض الناس وتجاهل للبعض الآخر؟ وكيف يمكن أن يكون شيء يُعتبر "لا يُسمن ولا يُغني من جوع" جزءًا من واقع الكثيرين؟ كانت هذه التساؤلات تُشعل نيران فضولي حول القيمة الحقيقية للفن في مجتمعنا المادي اليومي.
أنت تقرأ
"عودة الحياة إلى اللوحة"
Teen Fiction"انتظرت هذا اليوم طويلاً... يومٌ كان وراء الجدران، يوم يبدأ مسيرة قد تُغير مجرى حياتي. لم أنتظر فرصةً أفضل من هذه، وها أنا اليوم أقف أمام بوابة الفرص، مكانٌ أعده الوقت والجهد بلا حدود. تتساقط الأمطار بغزارة خارج نافذة غرفتي، كما لو كانت السماء تستعد...