ليست كل السعادة تتلخص في لحظات من النوم الهانئ ، ربما تجد ذلك الشريك الذي تبقي ساهرًا لأجله بكل رحابة صدر..
شعور الدفئ الذي طغي على المكان جعل رجفة غريبة لكن محببة تسري في أرجاء جسده..
ذلك اليتيم الذي فقد سعادته في طرفة عين ، ها هو يشهد بناء عالم جديد له رفقة السعادة التي إختارها قلبه ، وسط أناس تقبلوه بكل حب دون مقابل..لاحظ "قاسم" شرود "عمر" وعيناه مثبتة على باب منزله مع بسمة بلهاء كبيرة مرتسمة على محياه ، فإقترب منه يضم كتفه ، ليقول بنبرة مرحة :
"حاسب عينك هتطلع على الباب يا رايق ، قدامهم ساعات طويلة لحد ما يتكرموا ويطلوا علينا بطلتهم البهية يا حبيب أخوك."
ردد "عمر" ورائه بإستنكار قائلاً :
"ساعات!! ده زمان المأذون على وطول."
هز "قاسم" رأسه بثقة قائلاً :
"لأ رن على أحمد يتأخر شوية ، ده أسيل ما بتصدق تطلع روح الميكاب أرتست اللي جواها وهتمسك البنات واحدة واحدة ترسملهم وش فوق وشهم ، المشكلة إن هيطلوا في الأخر شكل العفاريت ، نفسي أقولها إن موهبتها إللي مقتنعة إنها مفيش منها دي تستحق الدفن بس خايف تزعل مني.. ، ربنا يكرم بس ويخلصوا على بكرة الصبح عشان ورانا شغل."
كان يتحدث بشرود كأنه يناجي نفسه ، فأنفلتت ضحكة من بين شفتي "عمر" ، ليقول:
"شكلك كاتم جواك كتير ومستحمل "
أومأ "قاسم" بأسي مصطنع :
"فوق ما تتخيل يا صاحبي ، مش عارف أنا إيه اللي مصبرني على هبلها ده...يمكن عشان ده أكتر حاجة شدتني ليها..! "
ضيق "عمر" جفنيه بسخط قائلاً :
"عيشت وشوفت اليوم اللي أشوفك فيه تايه والحب مدوخك ، الله يرحم أيام ما كنت بتتريق علينا كل ما حد فينا يقول أنه معجب بواحدة ، لحد ما كرهتا في الصنف كله ، طلعت سوسة وحبيب في السر."
في تلك اللحظة أقترب منهما "طارق" و"أدهم" ليوافقا "عمر" الرأي ، واضحي ثلاثتهم يرمقون "قاسم" بنظرات مستنكرة ، ليقول هو :
"ما بلاش الذكريات اللي تخليني أقلب عليكم تاني دي ، متنكروش إني شدتي معاكم ظبطت أخلاقكم وإلا كان زماني جايبكم كل يوم من قسم شكل ، وبالذات اللي اسمه سابق سمعته ده "
قطب ثلاثتهم جبينهم بتعجب ، ليخمن "طارق" أولاً :
"قصدك أحمد! طب ده أغلب واحد فينا ، ده من البيت للشغل ومن الشغل للبيت ، في أطيب من كده! "
أطلق "قاسم" ضحكة مستهزئة من بين شفتيه ، ليقول بخبث :
"أهو الطيب ده أكتر واحد سوسة فينا ، سيبني مداري على فضايحه أصله عازم البنت اللي بيحبها والحيطان ليها ودان ممكن كلمة تروح كده ولا كده نفضح أخونا ، بس متقلقوش لينا سهرة فضايح سوي ، أنا معايا سي ديهات لكل واحد فيكم."