كان ابيض الشعر جالسا في غرفته بمفرده...
حسنا انها الثانية بعد منتصف الليل ...
قطع شروده طرقة خفيفة على الباب و كان صاحبها يدعو الا يستجيب الآخر...
"ادخل..."
وقف وردي الشعر مترددا عند باب الغرفة...
"ا.. آسف سأعود لاحقا.."
تلعثم بكلماته محاولا اغلاق الباب ليعيده صوت الاكبر القوي و لكنه كان لطيفاً...
"تعال يوجي...اريد الحديث قليلاً..."
تنهد الفتى و اقترب من معلمه جالسا على السرير حيث اشار له غوجو...
بقي يلعب باصابعه يحاول قول شيء ما...
لم يستعجله الآخر...لطالما كان صبورا مع طلابه...
"غوجو سينسي....انا... آسف..."
اردف الفتى اخيرا بكلمات متقطعة ليضع المعلم يده على كتفه...
"لم تعتذر؟"
سال برغم انه علم الإجابة سلفا...
"آسف لايذاء نفسي...كان تهورا مني..."
نظر ذو الستة عشر عاما للأرض محاولا الا ينظر لمعلمه..
"يوجي ارفع رأسك...لا مزيد من التوبيخ أعدك..."
رفع المراهق بصره بعد بضع ثوان من التردد لتقابله عينا معلمه..
كانت زرقاء كالمحيط...
انها مزيج من القوة و اللطف...
لكنها أودعت السكينة في قلب الصبي...
"يوجي.... أتفهم موقفك...بصراحة...لا الومك على حالتك النفسية..."
صمت قليلا ليتسنى للجالس أمامه التفكير بكلماته...
"لا بأس...جميعنا نمر بلحظات ضعف...فقط في المرة القادمة قبل ان ترسم الخرائط على يديك...تعال إلي ؟...وعد؟"
شعر الفتى بالاحراج قليلا بسبب نبرة معلمه الساخرة و الصارمة...
"ح..حسنا...سالجا اليك في المرة القادمة.."
ابتسم غوجو براحة بينما يربت على ظهر الفتى الذي تثاءب بعد محادثتهم القصيرة و ازداد ثقله على جانب معلمه...
"حسنا حسنا..يبدو أن شقيا ما يحتاج للنوم..."
سحب الصغير و وضعه في سريره غير آبه بتذمرات متعبة...
"نم الآن و لا داعي للجدال..."
قبل ان يدرك الصغير كان قد انجرف لعالم أحلامه..
كان متعبا اكثر بقليل مما اعتقد...
تنهد الاكبر بينما يعدل الاغطية و ينهض عن السرير
"يبدو انني سانام على الاريكة ...اه لم اعلم ان التعليم صعب هكذا..."
برغم تذمره لم يبد منزعجا على الاطلاق من احتلال سريره بينما يغمض عينيه على الاريكة ...
استيقظ ابيض الشعر في الثامنة صباحاً..
نظر للغرفة ليجد ان الفتى لا زال نائما بعمق...
ابتسم لا إراديا ثم اغلق الستائر كي لا يزعج الضوء طالبه...يستحق بعض الراحة الإضافية...
استحم و بدل ملابسه ..
بدون إضاعة المزيد من الوقت اتجه لغرفة الفتى الآخر...
"شوكو؟!...غريب لم أتوقع رؤيتك باكرا..."
اردف ببعض الاستغراب بينما يحدق بزميلته التي تبدل محاليل التغذية للطفل...
"نحن بحاجة لمراقبة مؤشراته الحيوية...دعك مني ما الذي تفعله هنا؟"
"ماذا؟ ..الا يحق لي رؤية طفلي؟.."
تمتمت الاخرى ببعض الشتائم تحت كلماتها ثم ناظرته بملل
"بما ان بابا ساتورو هنا...دعني اعلمك كيف تحرك عضلاته...لا اريد الاعتناء بضمور عضلي عندما يستيقظ.."
برغم نبرتها الباردة...لكنها كانت تهتم لامر الفتى بحق...
في الواقع...لطالما بقي نائما عندها في صغره حين انشغال زميلها "الغبي" على حد تعبيرها بمهام خارج المدينة...
"حسنا... جيد...فقط حركات بسيطة لساقيه....نعم نعم...احذر لا تبالغ ..."
أعطت تعليماتها بحذر بينما يقومان بتحريك عضلات الفتى...
"حسنا يكفي لليوم...تاكد من فعل ذلك يومياً..."
كانت على وشك الخروج قبل ان يناديها صوت ساتورو
"شوكو...متي سيستيقظ؟...."
تنهدت ...برغم انها لم تستدر لتواجه صاحب السؤال..امكنها رؤية القلق بعينيه...
"اخبرتك سيستيقظ...مؤشراته تتحسن...ربما... اسبوعين على الاكثر..."
خرجت دون المزيد من الكلام...
بقي الاكبر قرب الصغير ممسكا يده...
"اتعلم ميغومي..لقد افتقدتك كثيرا..."
اخذ شهيقا عميقا بينما يمسح على شعر الفتى...
"افتقد عبوسك...صراخك في وجهي ..محاولتك للتظاهر بانك بالغ...لا تفعل هذا ارجوك.."
لم يدرك انه كان يبكي حتى شاهد دموعه تتساقط على وجه الطفل...
مرت عشرة ايام..لا زالت الأمور على حالها...
ربما باستثناء يوجي الذي تحسن بشكل ملحوظ و استعاد معظم وزنه...
"غوجو سينسي ؟...ايه لم اعرف انك هنا..."
دخل وردي الشعر لغرفة زميله ليجد معلمه جالسا قرب السرير يبدو انه اعطى فحمي الشعر حماما عندما لاحظ ان شعر زميله مبلول قليلا......
اعتاد يوجي فعل ذلك منذ تعافيه ...
انه يزور ميغومي يوميا...يروي له ما يحدث...
يقوم بتهوية الغرفة ...
لا يعلم ان كان ميغومي يستمع ام لا...
لا يهتم...المهم انه يعلم لو كان في غيبوبة لفعل فوشيغور نفس الشيء ..
برغم ان يوجي امتلك العديد من الأصدقاء..الا ان ميغومي كان اقرب لاخ ...
بينما هما يتحدثان عن امور عشوائية...
احس غوجو بضغطة ضئيلة على إبهامه....
