الفصل السابع
إلي حَبيبتيّ القَابعة في المَجـهول:
ها أنا ذا أرسمُ خطوطًا لتعطيني شكلًا أماميّ في رحلتي الطَويلة واكتبُ كلماتٍ لا يمكن تأجيلها لتكون صادقةً للغاية ، انا هنا الآن أتمنيّ لو أستطيع تَسمية الأيام ، والسنواتِ مثلما هي مُسماه
كل منها يُلقب بشئ مميز حدث ، أُقر أن رحلتي لم تخلوا من يومٍ واحدٍ مُميزٍ منذ خروجيّ من مَملكتيّ البعيدة ، اعتقد أني سأقوم بتسمية الكتابِ بإسمِ رحلات البَحار فرانسـيس أو ربما رحلاتٍ لمن تُحب
أو ما رأيكِ أن نقوم بتسميةِ الكتاب سويًا؟
أتمني أن تكون كل أيامكِ كئيبةٍ أو رُبما حزينةٍ لأشعر أنني ذلك البطلُ الذي انتشلكِ من وحدتكِ في عيونك الجميلة يا جميلتي!
لا أدري إن كانت تلك أنانية منيّ ، ولكنيّ سأودُ وَ بشدةٍ أن أكون أنانيًا فيكِ يا صاحبة العيون البُندقيةِ.(٢٩)
بدأت الحكاية بدخولي انا وعلي الي منزل السيدة عزيزة التي استقبلتنا بدهشة و بعد أن أُمرت الطفلين بالدخول الي أحدي الغرف ، في ذلك المنزل الصغير الهَرم ، الذي لا يختلف عن المنازل المجاورة له في تلك القرية الصغيرة، دَخلتُ مع علي ، وجلسنا علي الأريكة ،ثم أحضرت لنا السيدة عزيزة طبقًا به بعض الفاكهة ، وأردفت"أستأخذونهم؟"فأجاب عليّ "ما هي أسماءهم؟"
"ليلي ، وفارس"
أردفتُ في ابتسامة " ليلي إذًا..."
وقفت عزيزة ثم أحضرت حقيبة واحدة ، واخبرتنا أن هذا كل ما يتعلق بالطفلين .. ليس بكثير ، أعطاها علي كيسًا آخر من النقود ، وتركناها تودع الطفلين ثم أخذناهم لنستكمل رحلتنا،كنتُ أستطيع أن أريّ تَعلق عزيزة بالطفلين،يبدو أنهم عاشوا حياةً سويةً خالية من القسوة،يتيمان هما في منزل بعيد عن منزلهما ولكن لحسن حظهما يمتلكان مُربية بقلبٍ نَقي رغم حُبها لهما لكنها لم تكذب عليهما،ولم يحتل قلبها حُب التملك الموحش الذي بإمكانه إيذاء الطفلين بسهولة لقد أخبرتهم أنها ليست والدتهم واخبرتهم أن في يومًا ما سيأتي زائرٌ ما ليبحر بهما في رحلة رائعة يتخيلها كُل طفلٍ في سِنهما الصَغير،ليلتقيّا بأهلهم الحقيقيين!في حقيقة الأمر ، أكثر ما كان يُضحكني هو كون تلك الفتاة الصغيرة تغني بعض الاغاني الغريبة حتي وصولنا للمنزل و علي ما اتذكر انها كانت تغني "جاء أبي جاء" مجرد غنوة مكونة من ثلاث كلمات ، وأحيانًا تضع في نهاية الجملة "فارس" وكأنها تُطمئن أخيها الصغير حتي لا يقلق كنت احاول كتم ضحكاتي ، وما كان علي يعير الأمر اهتمامًا كبيرًا
وَصلنا الي المنزل ، وكان هذا بعدما رآنا بعض من في المدينة ، وكنت أعلم من سيطرق بابي بعدها للسؤال
لذلك اتجهتُ إليه مباشرة وتركت علي مع الطفلين.. استكملت طريقي الي القاضي مُحمد ، الذي كان يجلس مع أحد العساكر الشُبان ، يلقي عليه بعض الكلمات وعن منجزاته التي قد أعطاها للبلاد ..إلخ ..
ابتسم العسكري ابتسامة صَفراء ليّ، وكأنه يطلب مني مساعدته علي الهروب من تلك الجلسة التي يبدو أن ليس لها مفر ، فإبتسمتُ له ووضعت كفي علي كتفه ثم أردفتُ"أحتاج الحديث معك في أمر سيدي" نَظر لي، وقد أشار العسكري بالخروج ،فخرج مسرعًا واستطعتُ الشعور بكلمات الشكر في قَلبهِ ، ثم جلست وقد راقبت نظرات القاضي بينما أسرد عليه تلك الحكاية.
- أتذكر سيدي اسم "ليلي"؟ تلك الفتاة التي كنتُ دائمًا أتمتمُ به أثناء نومي
أردف القاضي بعجلةٍ والتشوقُ لِبقية حديثي يقفز من عينيهِ "نعم! نعم!"
أردفتُ بإسراع
"كانت سيدة حبلي أخبرتك أيضًا أنها كانت ترافقني في رحلتي حتي توفيت"
وعندما أومأ برأسه ابتسمتُ مرة أخري ، ثم وضعت اصبعي علي أحدي الاوراق التي كانت امامي ، واردفتُ "لقد وجدتُ اليوم الطفلين.."
لَمحت نظرة الدَهشة التي اعتلت وجه القاضي ، ثم صَمت لبرهة من الوقت وأردف وهو ينظر إلي النافذة
"تعلم عن حبي لك كأحد ابنائيّ لي ولكنك تريد الرحيل إذًا أيها الشاب"
وقفتُ ثم اقتربت منه، وقد ابتعد عن كرسيه ليقف امامي ، وعانقته بحرارة ، شاكرًا له عما فعله لأجلي طوال تلك المدة التي قضيتها في المدينة
- إذًا ما طلباتك؟! -سألني بإبتسامة
ابتسمتُ أنا الآخر بحماسة ، ثم طَلبت منه عنوان أحد البحارة ، وأن يأمرهُ بأن يأخذني انا واصدقائي في رحلة بلا متاعب .. الي ميليسيا مباشرة
فقط رحلة الي ميليسيا ،اتمني أن لا ننزل من علي تلك السفينة في مغامرة جديدة، اريد فقط الذهاب في سلام!
فوافق
وقبل مغادرتي تذكرتُ أمرًا كان يجب عليّ إخبارهُ به
فثقلتُ خطوتي و التففتُ له مرة أخري وأردفت
-هناك طلبٌ آخيرٌ سيدي!
أنت تقرأ
فتاة لوحة ميليسيا /painting of mellisia girl✓(مكتملة)
Lãng mạnاسم الرواية السابق: لعبة ميليسيا عِند الحديث عن التَعلق بأحد اللوحات الفَنية، يقال أن راسمها تاجرٌ من بلاد بعيدة ، فعِند رؤية ابن الحاكم المَسيحي تلك اللوحة، وتلك المرأة التي قد فَتنتهُ مُزينةٌ بالألوان الزيّتية علي اللوحة،قرر أن يجُول العالم بحثاً...