الفصل الخامسة ج٢
كانت تقطع الطريق في اتجاه الموقف الخاص ببلدتهم، بجدية لا تناسب ابدا شخصيتها المرحة التي يعرفها، تحمل دفترها وحقيبتها، ترتدي ملابس عصرية محتشمة، وجهها الخمري النضر ، مكتسبًا لونًا برونزيًا جاذب للنظر ، جميلة وانيقة ومهذبة، من يراها لا يصدق ابدا شراستها ومغامراتها مع زينهم ،
انتبهت عليه لتقطب عاقدة حاجبيها بدهشة حتى اقتربت بخطواتها منه لتبادره بمزحتها:
- ايه الحكاية؟ بجيت واخد الطريق جياسة انت ولا ايه ؟
اشرق وجهه باستقبالها المبهج، وابتسامتها التي تأسر النظر اليها، فرد يبادلها المزاح:
- لا وانتي الصادقة قدمت على طلب اقامة قبل ما اخد الجنسية.- اممم
زامت بفمها تعقب على قوله:
- يبجى هتتعب كتير، عشان احنا بلدنا تختلف عن أي بلد ، ظروف الإقامة والجنسية بتاعتها تكلف كتير جوي تجدر تعتبرها من دول العالم الأول.- وانا قدها وقدود.
قالها مواصلا تفكهه، والذي بدا منه وكأنه مقصود ، ولكنها لم تعطي بالا، لتسأله بفضول :- ماشي يا عم الجامد، بس انت ايه اللي جابك هنا ؟ ليك حد جريبك في الجامعة؟ ولا جاي تخلص مصلحة في الإدارة؟
تحمحم يجلي حلقه، ليتحول للجدية مبررًا:
- لا طبعا مدخلتش الجامعة اصلا، انا بعد ما خرجت من المحطة، خليت سواق التاكسي يلف بيا على معالم البلد عشان اتعرف عليها اكتر، بس بقى لما شوفت الطلبة خارجين من الجامعة هنا، لقيت نفسي بوقفه، ونزلت قريب كدة وقعدت ع القهوة استمتع بالأجواء ، قبل ما اروح البلد وافاجئ غازي ، اصله ميعرفش بزيارتي .
اومأت بابتسامة رزينة جعلته يعلق بمشاكسة:
- هتصدقيني لما اقولك اني بجد بتفاجئ بأي رد فعل منك، وانتي هادية كدة وليدي، عكس وردة اللي بشوفها في البلد عندكم ، وشراستها في السيطرة على زينهم.ردت بابتسامة لاحت على ملامحها:
- ما احنا جولنا ان الجامعة غير البلد، ولا انت غاوي بس تفكرني؟ ع العموم انا بعتز بأصلي، وفخورة بيه كمان، عن اذنك بجى .قالتها وتحركت بدلال اعجبه، قبل ان يوقفها عارضًا:
- طب بدل مواصلات البلد المتعبة، ما تستني اوصلك في التاكسي اللي هياخدني البلد، او حتى اتصل ببسيوني يجي ياخدنا احنا الاتنين.ارتفع حاحبيها بذهول ، لا تصدق السهولة التي يتكلم بها وهذا العرض الكريم الناتج عن شهامة في غير موضعها، فردت ترفض بمناكفة:
- لا متشكرين يا عم الشهم، انا بحب الموصلات وتعبها، سيبتلك انت العربيات،.... احسن حتى لمصلحتك.
فهم للمغزى الذي تقصده، فتبسم متقبلا بصمت، ليتركها تذهب، ، يتابعها بعيناه حتى اختفت من امامه، ليغمغم داخله:
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
Literatura Femininaوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...