حُلم جميل

114 12 13
                                    

ظلام ودماء والكثير من رائحة الدماء المتعفنة التي تملأ المكان وأشلاء الجثث المتساقطة بعشوائية أخذت من الأرض مسكن لها لتُلعن عن مغادرتها لهذا العالم الشنيع بطرق قاسية.

صوت أقدام تخطو ببطء كسرت هدوء المكان المميت مثل الجثث المتواجدة به لتظهر معالم تلك الفتاة هزيلة الجسد كانت ترتدي ملابس شبه مُمزقة من الأعلى والتي أخذت نصيبها من بحيرة الدماء المتواجدة أسفل قدميها لتصبح الملابس بأكملها مغطاه باللون الاحمر الداكن.

توقفت قدميها في منتصف المكان والتفت ورائها لتنظر بفراغ مريب تتفحص المكان وبالتحديد وقعت عيونها على تلك الجثث لترتسم ابتسامة مخيفة على ثغرها وكأنها فخورة بما صنعتهُ يداها لكن سرعان ما تلاشى شبح ابتسامتها لتحتل مكانها ملامح أخرى مُفزعة، وبسرعة دارت حول لنفسها وهي تكاد أن تُجن كيف حدث كل هذه في هذه الساعات القليلة..

ألتفت أيسرها وقع بصرها على مرآة كبيرة تفوقت على طول الفتاة صاحبة العشرون عامًا لتظهر في المرآة بكامل هيئتها المُبعثرة حدقت الفتاة بانعاكاسها بصدمة وبيديها المرتعشتين لمست شعرها الذي بالكاد يصل إلى نحرها وهصدرها أصبح يعلو ويهبط وأثناء فزعتها لاحظت للتو ملابسها المليئة بدماء الجثث المتواجدة حولها لتصرخ بقهر.

"لمَ، لمَ" فعلتِ هذا اللعنة توقفتِ"

بقهر اخدت تنتحب وهي تضرب بيديها اليمنى أعلى صدها، ظلت على تلك الحالة الغريبة بضعة دقائق وعندما هدأت أعادت نظرها نحو انعكاسها في المرأة لتتمعن النظر لها بعمق وهي تشهق، سحبت ماء أنفها بعدها هربت شهقة أخرى منها لتقول:

"حسنا أنتِ من أردتِ هذا سأخلص اليوم من كلتينا"

صمتت تناظر انعكاس عيونها في المرأة وكأنها تنظر لأحد ما ثم أردفت:

"أعلم لن أستطع التخلص منكِ لذا سأتخلص من ذاتي معك"

نطقت جملتها بانكسار وهي تطالع هيئتها بتقزز التي لم تتعرف عليها كيف أضحى شعرها الطويل قصير بهذا الشكل والملابس التي تلونت بدماء ضحياها التي سلبت أرواحهم بكلتا يديها وظلال عيونها القاتم مثل سماء الليلية الممطرة لتعلن عن حدادها على هولاء الأصدقاء الذين ضاع دمائهم هدر وضاعت كذلك أرواحهم نتيجة لذنب لم يقترفوه بالفعل.

"اتخلين نفسك تقوي على فعل ذلك"

صوت آخر اُنوثي كسر هدوء المكان لتنطق بنبرة ساخرة لا تقل عن ملامحها التي كانت مُرتسمة على وجهها الآن.

نظرت الفتاة صاحبة الشعر الاسود القصير صوب مصدر الصوت والتي كان صادر من انعاكسها في المرأة لترى نسخة منها تماما تشبها في الشكل ولا تختلف عنها بشي سوى ما يقبع بداخل كل واحدة منهما، واحدة مفرغة من الداخل واحتل سواد العالم باكملها قلبها والأخرى ضحية لها كل ما كانت تريده أن تعيش بهدوء برفقة قطتها التي قتلتها أيضًا بكلتا يديها أو ليست هي من قتلتها لكن على أيّة حال من سيصدق ذلك..

حُلمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن