تنبيه:
هذه الرواية فيها جمع غفير من الشخصيات الحقيقية.. يؤدون أدوارًا مبنية على أحداث حقيقية حدثت في حياتهم.. جميع المعلومات العلمية المذكورة في الرواية مأخوذة فقط من الأبحاث العلمية المعتمدة.. وجميع المعلومات الدينية مأخوذة فقط من القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة.رسالة:
أحببتك فاستحى قلبي أن يحب بعدك أحدًا.
يقول قلبي: ما أدخلت بداخلي أحدًا وأكرمته إلا لأجلها.. فما أدخلت الأب إلا لأني رأيته يكرمها.. وما أدخلت الأخ والأخت إلا لأنهما أبناؤها.. وما أدخلت الزوجة إلا لأن فيها جزءًا يشبهها.. ولن تدخل الابنة إلا لأنها من نسلها.. لو أن أحدًا من هؤلاء أساء إليها للفظته خارجي ولأغلقت الباب دونه إلى الأبد.
علمت أن الجنة بفردوسها وأنهارها وأبوابها.. ما كان لها أن توضع في مكان أكرم من أسفل قدميك.. وعلمت أن الله لا يكرمني الآن إلا لأجلك.. ولا يسترني الآن إلا لأجلك.. وأنه لن يرضى عني حتى ترضين.أحبك أمي.
إهداء:
إلى صديقي العزيز سعد ياسين.. الذي حكى لي أول مرة عن عالم من السافلين.. يعيشون مختفين تحت أنوفنا كلنا.. حقًا أشكرك جزيلًا.تحرر..
تحرر من كل شيء وأنت آتٍ..
وانزع عن روحك لباس كل شيء..
تحلل من كل شيء يثقل هذه الروح..
ألق بهمومك في هذه القمامة بجانبك..
أريدك فقط روحًا..
صافية حرة متقدة.. لا تأتيها المشاغل من بين يديها ولا من خلفها..
حطم أي قضبان تحدد حدودًا لفكرك..
أريدك حرًا طليقًا لا حد لك..
فإذا مللت مني أغلق دفتي كتابي هذا وانطلق بعيدًا إلى صفحات أخرى.. وعوالم أخرى..
فإذا أتيت عالمي هذا ثانية تحلل.. وانزع عن روحك لباس كل شيء.. وألق بهمومك في هذه القمامة بجانبك..
ثم ادخل إلي بهذه الروح.. أنا أريد هذه الروح.. أريد أن أحدثها..
ليس حديثًا أكون فيه أنا المتحدث وأنت المستمع..
بل حديث آخذ بيدك فيه وندخل معًا في عالم.. لست أظنك ستخرج منه كما دخلته..
فإما أن تخرج منه حاملًا كتابي هذا وملقيًا به في أقرب محرقة حانقًا علي وعلى كل من يأتيني من بعدك..
أو ستخرج من عالمي وأنت تنظر إلى عالمك هذا بنظرة مختلفة عما اعتدت عليه..
نظرة غير راضية.. وغير مرتاحة.. نظرة تريد أن تتحرر من هذا العالم أو تصلحه..
هيا تحلل يا صديقي.. وانزع عن روحك لباس كل شيء..
وألق بهمومك في هذه القمامة بجانبك..
فإني آخذك إلى أرض ليست كأي أرض..
أرض السفلة خزنتها.. والسفلة سكانها..
والسفلة ورثتها..
أرض موجودة أسفل قدميك.. يمكنك أن تخطو إليها بحركة واحدة في التو واللحظة..
أرض سافلة.. فيها كل شيء مسموح به..
كل شيء شرعي..
القتل مسموح به.. والاغتصاب..
السرقة مسموح بها.. والمخدرات..
الدعارة مسموح بها.. والجنس مع أي سن مسموح به ولو كان مع طفل.. أو حيوان..
الخطف مسموح به.. والتعذيب..
أكل لحم البشر مسموح به.. وسلخهم أحياءً مسموح به..
الكذب مسموح به.. والإرهاب..
ليس هذا عالمًا افتراضيًا تجود عليك به قريحتي المريضة.. بل هو عالم حقيقي وموجود.. وسيظل موجودًا..
سأعلمك كيف تدخل إليه في لحظات.. وتخرج منه في لحظات.. كلما أردت ذلك وأحببت..
ثم سأتركك أنت وضميرك الجميل الفتي.. فإما أن تصير سافلًا مع السافلين..
و إما أن تصير رشيدًا مع الراشدين..
ولستُ مسؤولًا عنك أو عن أي مريض نفسي ستكونه بعد زيارة هذا العالم..
فأنا سأفتح لك أبواب كل شيء.. لتفعل كل شيء.. وأي شيء..
ولن يراك أحد.. أو يتعقبك أحد.. أو يعرف أحد أنك تدخل وتخرج..
ما رأيك.. أتتبعني إليه؟ أتتبعني إلى أرض السافلين؟
أم أن الهم الذي في حياتك يكفيك؟
لا تخف من أن يقبض عليك أحد.. فالعالم الذي أحدثك عنه مصمم ليكون أبعد من أي عين حكومية تستطيع أن ترصدك فيه..
والآن دعنا من هذه العبارات الغامضة.. أرى أن في عينيك الرغبة في أن تأتي معي..
مد إلي هذه اليد.. وأعطني هذه الروح أتلقاها وأصاحبها..
تعالي أيتها الروح القارئة لهذه الكلمات.. ادخلي..
فتى كنت أو فتاة.. رجلًا كنت أو امرأة..
ادخلي في أرض السافلين.. واعلمي أنك لست بخارجة منها إلا إليها..
روحًا أريدك بلا جسد.. تتنقل معي حرة بين جنبات عالم لا يحدنا فيه زمان ولا مكان..
ولا يرانا فيه أحد ولا يشعر بوجودنا أحد.. فقط أنا وأنت..
على بوابة هذا العالم يجب أن نقف.. أنا وأنت..
لأتلو عليك كلمات.. ولن أفصل فيها كثيرًا..
هي فقط ستروي لك ذلك الفضول الذي تنامى بداخلك وأنت تسمعني أقول أن هذا العالم ليس افتراضيًا من خيالي.. بل هو حقيقي.. وأنه تحت قدميك.. وأنه شديد السفالة.
فإذا كان حقيقيًا.. أين هو بالضبط.. وكيف تدخل له في لحظات؟
هذا العالم موجود تحت سمعك وبصرك.. وأنت تملك مفتاح الدخول إليه في جيبك.. أو ربما على مكتبك..
ولا أحد يقول لك أن هذا المفتاح يمكن أن تفتح به هذا العالم السافل.. وتدخل عبره إلى هذا العالم السافل.. فتصير سافلًا مع السافلين.. أو تصير أكثر رشدًا.
إنهم يطلقون كنية على هذا العالم السافل.. كنية تغلفها البساطة.. لكن وراءها عالمًا لن تدركه..
إلا لو وضعت يدك في يدي ودخلناه معًا..
يطلقون عليه اسم "ديب ويب"..
هل أضاء الاسم في مخيلتك أي شيء؟
يسمونه شبكة الإنترنت السفلية..
هناك إنترنت أنت تعلمه ولا تمضي ساعة من عمرك إلا وأنت تنظر إليه..
وهناك إنترنت سفلي سافل ممنوع.. وهذا الذي ربما أنت لا تدري أصلًا أنه موجود..
هي شبكة تجري فيها كل الأعمال السافلة في عالمنا هذا.. كل شيء على الإطلاق يدور هنا.. من أبسط شيء إلى أعنف شيء..
لم تعد المخدرات تباع وتشترى في أزقة جانبية مخفية يسلمها لك رجل مجرم وأنت تتلفت حولك.. بل صارت الآن تباع وتشترى على هذه الأرض الإلكترونية المخفية.
لم يعد تأجير قاتل محترف أمرًا صعبًا.. بالعكس.. بضغطة زر واحدة تستطيع أنت نفسك أن تأمر قاتلًا أن يقتل فلانًا الذي تكرهه.. كل القتلة المحترفين يعرضون خدماتهم عليك ويعطونك قائمة أسعارهم بكل علنية وفخر.
العصابات كلها تعرض خدماتها عليك.. تريد أن تخطف فلانًا.. تعذبه.. تجعل منه عبرة لأمثاله.. نحن نفعل لك ذلك.. ماذا؟ تريد أن تشاهدنا في بث مباشر ونحن نعذبه؟ لا مشكلة.. كل ما عليك هو أن تطلب الخدمة من موقعنا في الديب ويب.
تشعر أنك بحاجة لبعض المال؟ لا عليك.. يمكننا أن نطبع لك النقود التي تحتاجها.. ولن يفرق أحد بينها وبين النقود الأصلية.. سنعطيك أوراقًا نقدية بربع سعرها أو أقل.. لا تحب الأوراق النقدية؟ ما رأيك أن نعطيك كلمات سر لكروت ائتمانية تشتري بها ما تريد؟
تريد أن تجرب أكل لحوم البشر؟ لا تريد.. ماذا تريد.. هل تريد عضوًا بشريًا معينًا بسعر زهيد؟ لا تقلق.. هذا تخصصنا.
هل تحب السحر الأسود.. هل مزاجك منحرف.. هل تحب الدماء؟ كل هذا موجود بأبشع صورة يمكن أن تتخيلها..
مخابرات الدول تضع مواقعها هنا.. مواقع الإرهابيين كلها هنا تحت كل حجر..
القائمة تطول.. ولست هنا حتى أفصل لك فيها.. فسندخل إليها معًا ونقتحمها بعد قليل.. ثم إنني سأعطيك مفتاحها حتى تدخل إليها بعد ذلك في كل وقت.
إن كل مواقع الإنترنت الظاهرة للعيان والتي تدخل إليها أنت وغيرك كل يوم وتنهلون من مناهلها وتنهل من مناهلكم، كلها بكل ضخامتها وشهرتها وزائريها لا تمثل سوى 5 % من الإنترنت الفعلي..
الـ95 % الباقية هي مواقع مخفية.. سوداء.. مظلمة.. حقيرة.. تم إخفاؤها عمدًا لسفالتها.. يعمل أصحابها فيها كل ما يريدون بلا رقيب..
الفكرة التي جعلت لمثل هذا العالم أن يوجد هي أن من يدخل إلى شبكة الإنترنت السفلية لا يستطيع أن يتعقبه أحد.. فيفعل ما يحلو له.. ليس الأمر مثل الإنترنت العادي الذي إذا فعلت فيه أمرًا إجراميًا يهرعون لتعقبك برقم الـIP الخاص بجهازك حتى يصلوا إلى رأسك.. أنت في الإنترنت المظلم مثل ثعبان.. لا تدخل من جهازك مباشرة.. أنت تدخل من جهاز آخر في بلد آخر.. وذلك الجهاز الآخر يدخل من بلد آخر.. وذاك يدخل من بلد آخر.. وهكذا في سلسلة ثعبانية متطاولة يستحيل على أحد أن يتعقبك فيها أو أن يحدد أين موقعك بالضبط.. أأنت في كندا.. أم هولندا.. أم أمريكا.. أم اليابان؟ لن يعرف.. ففي كل مرة أنت تدخل من مكان مختلف.
ولهذا العالم السافل عملة سافلة خاصة به.. عملة إلكترونية غير قابلة للتعقب ولو بأكثر الطرق حداثة.. يسمونها "البيتكوين" Bitcoin.. تشتري بها المخدرات.. وتشتري بها العاهرات.. وتؤجر بها القتلة.. وتفعل بها أي شيء مشين.. وتظل غير قابل للتعقب من دولتك أبدًا مهما فعلوا.
ما علاقة الأرواح بهذا الأمر؟ لماذا أنا أريدك روحًا حرة؟ لأنك لم تأتِ إلى أرض السافلين فقط لتشاهد هذا.. فأنا لا أريد أن أصنع منك مجرمًا.. إنما جئت بك هنا لتشارك السافلين حياتهم.. فتعرف كيف يصنعون.. فلا يخدعك من بعد هذا قولهم أو فعلهم.
وكما أنك في صورتك الإلكترونية حين تدخل إلى الشبكة السفلية تكون كثعبان حر لا يستطيع أن يمسك بك أحد.. فأنت حين تتحلل من صورتك المادية وتصير روحًا حرة متحررة.. تصير كالزئبق لا يقدر على الإمساك بك أحد.
أنت تتحول إلى طور الروح هذا كل يوم عندما تنام.. عندما تخرج روحك من جسدك الخروج الأصغر..
فتكون حرة ترى أي أحد وتعيش أي مشهد..
لا تجري عليها قوانين المكان.. فقد تكون أنت في الهند بينما روحك تجالس روحًا أخرى في المكسيك.. وتجتمع إليكما روح آتية من نيجيريا..
ولا تجري عليها قوانين الزمان.. فقد يحدث أن روحك ترى نفرًا من أرواح السابقين وتحدثهم وتتسامر معهم.
يمكنك أن تتحدث مع التماسيح والسيارات والجدران والشخصيات الخيالية.. لا توجد قوانين، كل شيء مسموح به في طور الروح..
وحين ندخل أنا وأنت من هذا الباب.. سندخل في طور الروح.. وكل شيء كان مستورًا سينكشف..
هات يدك.. أعرني هذه الروح البيضاء التي يحويها جسدك.. ضع يدك على يدي وادفع معي هذا الباب.. وتذكر أن ترمي همومك في مكان لا تستطيع أن تتذكره.. ألق بها وسألقي أنا أيضًا.
▪ ▪ ▪
فور أن انفرجت دفتا الباب.. سَحَبَنا ذلك العالم إليه فجأةً.. كما يسحبك باب الطائرة لو فتحته فجأةً.. فوجدنا أنفسنا أنا وأنت نهبط من السماء.. إلى أرض هي أعجب أرض.. وجبال هي أعجب جبال.. تعلونا طيور سابحات.. وننظر بأعيننا إلى مشهد غني جدًا.. مدينة عظيمة أسطورية.. كل جزء منها يختلف عن الآخر في تضاريسه وطراز سكانه وأحوالهم.. فجزء تغطيه نيران الحروب وجزء يغشَّاه الظلام وتسكنه الشياطين.. جزء مبهج جميل.. وجزء مقبض حزين.
أشخاص يضحكون هنا وأشخاص يموتون هناك.. أناس يتقاتلون هنا وأناس يتناقشون بهدوء هناك.. أناس تحملهم بيضة زجاجية إلى السماء ينظرون منها في تعجب.. وأناس تحملهم سفينة عظيمة من بر إلى بر.. أناس يسجدون لأناس وأناس يرقصون لأناس.. أطفال يقفون صفًا ويشيرون لنا في بؤس.. ونساء مائلات مميلات يرفعن إلينا أيديهن في شوق.. أناس يمشون مقيدين بالسلاسل وأناس يسكرون ويضربون زجاجات الخمور بعضها في بعض.. إن لم تكن هذه أرض السافلين.. فكيف ستكون؟
وقفنا في الهواء وملابسنا تتطاير.. أشرت لك إلى مبنى معين في المنتصف يبدو مثل قاعة دائرية مليئة بالنوافذ.. قلت لك إن هذه وجهتنا الأولى.. من هناك سنبدأ.. وإلى هناك سننتهي.. فيها سننزل.. ومنها سنعرج تارة أخرى خارجين.
دخلنا إلى القاعة الدائرية من أكبر نوافذها وهبطنا على أرضها.. إن هذا الطور الذي نحن فيه مريح للغاية.. لا تهمنا أسماء ولا لغات.. الكل يعرف الكل.. والكل يفهم الكل.. كان أول ما طالعنا في القاعة رجلًا طويلًا ذا هيئة مريبة.. عليه معطف أسود وفوق رأسه قبعة سوداء.. يلبس على وجهه قناعًا.. أو نصف قناع.. ابتسم لوصولنا وقال:
جئتم فتشرفت بكم الأجواء.. جئتم بأرواح بيضاء مترقبة بريئة لا تدري شيئًا.. تمني أنفسها بالإثارة..لكنها قد تنصرف من هنا سوداء قاتمة.. وقد تنصرف
من هنا أكثر بياضًا.. وقد لا تنصرف من هنا على الإطلاق.
ابتسمت ابتسامة واسعة أنا الآخر وحييت الرجل ونظرت لك وقلت:
هنا مبدأنا يا صاحبي.. من قاعة "هارموني".. من عند هذا الصديق الذي ستعتاد على سخافاته فيما سيأتي من الأيام.. السيد "سكوربيون".. وهو ليس سيئًا بقدر ما تظهر لك هيئته.
أنت تقرأ
أرض السافلين
Horrorأرض السافلين هي الارض التي تخون فيها زوجتك وتبيع فيها دولتك وتكفر فيها بربك... ولا تبالي... فكل قانون على هذه الارض سقط.. وكل قناع على هذا الوجه انكسر.. ولم تعد فيها الا سافلاً... تسير مع السافلين ولا تبالي.. علماً بانني لست الكاتب الحقيقي انا فقط ن...