أثر الظلام

البداية

توقف تيار الكهرباء فجأة، دون سابق إنذار... كانت تلك التجربة غير مألوفة تمامًا بالنسبة لي. وكنت في غرفتي التي اجتاحها الظلام الكثيف، وجسدي يرتجف بشدة من الخوف. كنت أترقب بعينين واسعتين كل حركة غير متوقعة في الظلام المحيط بي. اجتاحتني مشاعر القلق والتوتر، وتلاعبت بخيالي المرهف في ذلك الوقت الذي لم أتجاوز فيه عمر العشر سنوات.

الظلام المحيط ألقى بثقله الشديد على كل ركن في غرفتي. لم يكن لدي أي وسيلة لإضاءة البيئة المحيطة، ولذلك اعتمدت على القليل من الضوء الطبيعي القادم من النافذة لكي أميز بين الأشياء. كان كل شيء يبدو مظلمًا ومخيفًا في عيني، وكأن الظلام يختبئ وراء كل زاوية، مما زاد من حالة الخوف التي كنت أشعر بها.

كنت ضعيفا وحائرا في هذا الظلام الذي يغمرني، فلا توجد أي تفسيرات ملموسة لتوقف التيار الكهربائي بشكل مفاجئ. لم أكن أدرك بعد ما يحدث حولي، ولكن الخيال البريء في داخلي خلق صورًا مخيفة وتوهمات عن وحوش وأرواح شريرة تكمن في كل زاوية من الظلام.

رعشة الخوف تملأ جسمي، وكانت الأفكار تتسابق في عقلي بسرعة مذهلة. أنا لم أكن مستعدة لهذا الواقع المرعب الذي استدار حولي.

اخترق الظلام المرعب صوت اختي الكبرى لمى. كانت تبكي بصوت عالٍ وتصرخ " قلت لك مو معي!" لم تكمل كلامها حتى التقطت أذني صوت تلك الصفعة القوية.

صاحبه صوت الرجل انبعث بقوة وثقل يملأ المكان  :  " قلت لكِ جيب الولد أحسن لكِ! "

ردت عليه وقد بدا على صوته الارهاق "قلت لك مو فالبيت...... ( بعض لحظات من الصمت )  راح مع أبوي"

رد عليها وهو يتنهد، "قلتِ مع أبوكِ....  والله تضحكين. أبوكِ ما يدري عنكم.  اهتمامهم الوحيد هو الفلوس والنساء، وأنتِ تقولي معه!"

كانت عينها تلقي السخرية، وقد سعت لإلقاء كلماتها المؤثرة لكنها أدركت أنه لا يوجد لديه شخص تتحصن به. فردت عليه وهي تستسلم، "تراه في غرفته..." ثم سقط الصمت عليها، ودركت في تلك اللحظة أن الشر قد وقع عليهما.
وبينما كانتُ في حالة من الذهول، سمعت صوت أقدام تقترب من غرفتي. سارعت مباشرةً للتخبأ تحت السرير، لكن جسمي لم يساعد في ذلك.
عندما دخل إلى غرفتي، طغى الهدوء المخيف والغموض على الجو المحيط.لكن القليل من النور المنبعث من النافذه سمح لي بان المح ذلك كان يرتدي ثوبًا أبيضًا يلتف حول جسده. بينما يحمل في يده مسدسًا أسود اللون، يحاول جاهدًا إخفائه وراء ظهره المنضب، ويتلثم بشماغٍ كئيب لا يبرز منه إلا عينين سوداوين .