وسط ضوء الشوارع الباهت والمطر الذي بدأ يتساقط بشكل أكثر كثافة، توقفت السيارة في ساحة واسعة لركن السيارات امام مركز الشرطة.. نزل ( أحمد ) من السيارة بخطوات طويلة محاول تجاهل البرد القارص الذي بدى وكأنه يلاحقه .. تاركًا لي ألتقط بعض الأمتعة من المقعد الخلفي.. تبعت ( أحمد ) بخطوات متثاقلة بينما كنت استعد لسحب دخان من سجارتي .
وقبيل وصولنا لاحظت ان زميلنا لنا كان ينتظرنا ..إقترب وألقى التحية فرددناها ثم قال ( أحمد ) بصوت مهزوز من البرد :"أنا ذاهب لداخل يا ( أسامة ) لنتحدث لاحقا ، البرد صار لا يُطاق"
( أسامة ) رفع حاجبه بدهشة قليلة، ثم أجاب: "حسنًا، سأكون هنا قليلا ."
عندها وجدت نفسي و ( أسامة ) وحدنا وسط ذلك البرد القرص وصوت المطر الذي بدأ يتساقط برفق، تمشيت وهو نحو المركز. وبينما كان يمشي.. سأل ( أسامة ) : "هل وجدتم أي دليل جديد في مكان الحادث؟"
عدت تفجير الدخان من سيجارتي وأجبت: "لا شىء جديد ، كل شىء كما هو ."
(أسامة) ..بوجهه الصارم، اضاف : "لم نعلم بعد أسرة ( آدم ) بوفاته، هل أبلغت والديه ؟"
أخذت لحظة للتأمل، وأجبت بصوت هادئ: "لم أجرؤ على القيام بذلك بعد، لكن سأقوم بذلك قريبًا."
أخذ يحتار للحظة قبل أن يقول: "لكن العائلة تحتاج إلى معرفة الحقيقة، يجب أن نخبرهم."
فقلت بصوت هادئ: "أعلم، ولكن لدينا أسبابنا. هذا ليس سهلًا كما تتصور،( أسامة )."
تنهد قليلًا، ثم قال بلطف : "أنت تعرف، ( ريان )، أنت تحمل الكثير على كتفيك ، كما أن الفقيد رفيقك . هل أنت بخير حقًا ؟"
نظرت إليه بعمق وابتسمت ابتسامة خفيفة ورددت: "أنا بخير، شكرًا لقلقك. ولكن الآن، دعونا نركز على ما هو مهم "
( أسامة ) أعطى نظرة محاطة بالتفهم وقال: "أتمنى أن تظل على هذا النحو، فالعمل يتطلب منا قوة الإرادة في مثل هذه الظروف ولكن لا تجهد نفسك كثيرا ."
هززت رأسي شاكرا لكلماته .
ثم قال :" لندخل فلينا تبدو وكأنها تنتظركما منذ الأزل. "
****
عند دخولي واسامة المقر ، لاحظت ان الأجواء كانت تختلف تمامًا عن البرد الذي كان يلاحقنا خارج المبنى. المكان محفوف بالأجواء الدافئة، مما جعل الشعور بالراحة ينتابني فور دخولي، الإضاءة الهادئة تضفي لمسة من الهدوء على المكان، وصوت الأحذية وهي تتقدم على البلاط يعطي انطباعًا بالهدوء والجدية.
كما ان وجوها العاملين التي استقبلتنا بكل اشراق اضفت شعورًا بالاستقرار لدفىء المكان .
وبينما قمت انزع سترتي المبللة بفعل الرطوبة ،تقدم ( أحمد ) ناحيتي وهو يحمل كوب قهوة وقال :"انظر لقد حظرت ( لينا ) لنا القهوة" ثم واصل كلامه معرب عن استياءه :"لكني ارغب بكوب شاي "
أنت تقرأ
The shadows of numbers
Mistério / Suspenseمدينة لورنتاين، مدينة مسالمة بات ، الغموض يلف كل شبر منها. ففي يوم ماطر من الخريف، وجد السكان انفسهم في مواجهة لأكثر الألغاز تعقيدًا جريمة قتل غامضة تركت قلوبهم مشوشة وعقولهم محتارة. وفي خضم هذا انا ريان المتحري صرت بطل لسلسة من الاحداث المعقدة...