2| أهي النّهاية..؟

44 11 28
                                    

.. إتكأت في السرير وغطت نفسها .. لم تستطع التحرك الآن ، التفكير وصل نهايته .. لكن مهلا ..

أطلقت صيحة ألم قبل أن تفقد جوري وعيها ..

.

.

.

- عيناه ..! 
جلست فوق الأريكة في وسط الصالة ، النّور ينبع من نوافذها الكبيرة ، الحياة مشرقة هنا ،طالما نور الشمس قد عبر خلالها ..!

- هي السلاح الوحيد الذي أرفع يدي استسلاما أمامه ، نورها لا ينطفئ ، كشمعة خالدة في وسط الظلام ، .. لكن ..! أسيأتي ريح الدّهر فيطفئ نورها ..؟ على مداد الأيام ؟ 

كم مرّ وأنا لم أرى ذاك النّور ، تلك العسليتين الجميلتين .. كم مرّ وأنا لم أرى صاحب أجمل حدقتان في العالم .. 

متى ألتقي بك مجددا أيها العزيز الرّاحل ، يا من مددت على حياتي ظلاما دامسا قبع فيها بعد رحيلك .. !

أيقظها من تأملاتها صوت بكاء الرضيع ، تنهدت في كسل .. وكلّمت نفسها مجددا : هل أضفت على نفسي مسؤولية ؟ أم أنّ هذا الطفل حقا من مسؤولياتي .. تعبت ، صرت أما قبل أن أتناول من كعكة الزفاف ..! أليس هذا غير عادل ؟ 

صعدت له وهي تحمل الرّضاعة في يدها بتكاسل ،وصراخه يعلو يكاد يفجر سقف المنزل الواسع ، .. اقتربت منه فتوقف عن البكاء فجأة وكأنه لم يسقط دمعة قط ..! ثم نظر إليها ببراءة مع أنّه  كان يبدو غاضبا ..

- ماذا بك أيها الصغير ؟ .. أ تأخرت عليك ؟ وهل يجب أن أصلك مسرعة ؟ ..
أشربت له  الحليب بتكاسل وإهمال ، ثم وضعته في مهده ، لكنّه ضلّ متشبّثا بيدها ... حتى أحست أن أظافره الصغيرة قد غرزت في أوعيتها الدموية ..! 

صرخت بألم وبقيت حاملته وهي مفزوعة من الذي حصل لها .. ارتعدت أوصالها وذعرت مما حدث ، وعلا وجهها الشحوب وقالت بصوت مضطرب ..
- بالليلة الماضية عضضتني من خدي ..! لا أكذب عليك أيها الصغير ..كنت أحسبه 'يروج' لكنه لم يكن هو.. والآن ماذا تريد فعله ؟ 
أبعد أن استيقظت صباحا ولأول مرة مسرعة لأجلب لك مستلزماتك الضرورية .. أهذه مكافئتك لي .. 

استطردت بحنو : أيها الصغير.. ؟ 

تمعنت في عيناه .. ظلام حالك .. وكأنه الظلام القابع في قلب معظم البشر .. ! 

أخذت تفكر في الأمر الواقعي . اقشعر بدنها ..وأخذت الهواجس تساور جوري  ثم اشتدّ بها الخوف.. 
تسمرّت مكانها لا تستطيع الحراك ، وعلا وجهها الشحوب وارتعشت أوصالها  ، لم تستطع إبعاد عينيها عن عينيه .. 

كلمت قلبها' ما الذي يحدث يا خالق السماء ..! اللعنة على هذا الطفل الصغير، كيف لا يمكنني الحراك ولو تغيير نظرةٍ مني وإبعادها عن عينيه الثاقبتين .. أكاد أقسم أنها ليست عيني بشر.. !'

جمد الدم في عروقها حين أمسك بيده الصغيرة إصبعها .. كانت تحس بتدفق الدم فيه ، ابتسم ابتسامة واسعة خبيثة .. 

صدفة شياطين-Coincidence of demonsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن