حين فتحت جوري الباب الأحمر، توقفت للحظة مترددة بين الشّجاعة والخوف، حيث كانت تتأمل الظّلام الذي يخترق الغرفة المظلمة أمامها، زادت دقّات قلبها، كموجات عاتية تهزّ صدرها، ورغم تردّدها، استقرّت خطوَتها الأولى في عمق الغرفة.
عندما ألقت نظرة في الدّاخل، استغربت من المنظر الذي واجهها،لم تجد صراخًا ولا مواجهات، بل وجدت السّكون المريب يحل في كل زاوية،كانت الأرض تبدو كمجموعة من الرّماد ، والجدران تتأرجح وتنبض بأسرار مظلمة.
أَسرت الدّهشة قلبها ودبّ الرّعب في جسدها ممّ رَأت !
تمتمت بهمَسات خافتة كَادت أُذناها تَسمعها : إنّه الرّضيع ،الرّضيع الذي أدخلت يدي في جَوفه، والذّي أدخَلتُه بيتي في ليلة حالكَة السّواد !
كَان بقامة ضَخمة ومرعبة، تصل لمترين ونصف تقريبًا، تخلّل جسمه السّواد والظّلام، كأنّه مصدر للظّلام الذي يعتري البيئة من حوله، له عينين حمراوين لامعتين مليئتين بالخُبث،وجسم مشوّه بالأشواك والتّشوهات الغريبة.
تنبثق من رأسه قرون طويلة وحادّة تلتوي نحو السّماء، مما يزيد من جاذبية رعبه وقوته، مع فك مفترس تنساب منه أنياب طويلة وحادّة، كالسّيوف المستّعدة للانطلاق في أي لحظة، لـه جناحين ضخمين من الجلد المتيبس يغطيه الظلام، يمتدان على جانبيه بشكل مهيب.
تتناثر حوله رائحة الكبرياء والفخر المتغطرس، تملأ الجو بالفزع والرّهبة، له قوة خارقة تتجلّى في كل تفصيل من تفاصيله، وحضوره يعطي الإحساس بأن الظلام نفسه قد اتخذ شكلًا شيطانيّا يظهر أمام ناظريْها.
وجدت نفسها أمام الشّيطان المتنكّر في شكل الرّضيع أخيرا، وكان عقلها يدور في دوامة من الشك والفزع،لم تكن لديها أدنى فكرة عن ما يجب عليها فعله الآن، لكنها كانت عازمة على مواجهة ما يأتي أيّا كان.
شعرت جوري بتناقض داخلي بين الرّغبة الملّحة في الهرب أو مواجهة الحقيقة ومصيرها المجهـول .
وسط صمت مقطوع فقط بأصوات خفيفة تتسلل بين الظلال،حاولت جوري تجاوز الرعب الذي يتسلل إلى قلبها ونظرت لـه .
"من أنت؟" سألته جوري بصوت يرتجف، لكن داخلها كانت تتمنى أن يسمع صوتها الثابت المختلج بالقوة، كانت تعرف من يكون ، لكنّها لم تكن تدري أي الكلمات تختار لتعبّر عن خوفها وتكسر حاجز الصّمت اللّعين !
ضحك الشّيطان بصوت ملتوٍ، تسلّلت قهقاته إلى كل زاوية من الغرفة، "أنت لست الأولى التي تتساءل عن ذلك، جوري، أنا مجرد نقطة صغيرة في عالم كبير من الظلام، وأنت الضّحيّة القادمة لقوّتي."
نظر الشّيطان لـِ جوري بعيون مليئة بالغضب والطّغيان، تحدّث بصوت هادئ ومظلم يتغلغل في عمق الرّوح،وأردف:
أنت تقرأ
صدفة شياطين-Coincidence of demons
Horrorهل تظن أن صدفة هي أم ڪان القدر؟ أم الشيطان هو من جمع بيني وبين اللعنة تحت مايسمى بالصدفة.. حلت علي في ليلة سوداء ڪان لمعان قمرها يودعني من دون أن أعلم، أمواج طيف السلام قد جزرت في لعنة مأساوية ڪان عنوانها-الوداع في ليلة قمرية صاخبة-" وهل ڪانت هذه...