أجاهد نفسي كي لا أحبك، ثم أجد نفسي غارقا في سحر عينيك. سبحان الله كم أنا عاشق..
بعد تلك الليلة الموحشة عادوا منتصرين للمنزل بأقل الخسائر الممكنة، كانت بالفعل العائلة مجتمعة في الطابق الثالث في شقة "محمود زاد" والقلق قد فعل بهم الأفاعيل، رغم مكالمة "أحمد" لهم والتي حاول فيها طمئنتهم بأكثر الكلمات الممكنة، لكن لن يصدقوا ما لم تراه أعينهم.
دلف الشباب للبيت تباعًا وكلاً منهم يضم رفيقة دربه أسفل ذراعه والأخرى مستكينة كأنها تستمد منه الأمان، فيما ركضن السيدات لهن تطمئن عليهن بلهفة وخوف ظهر جليًا على وجوههن، فصاحت "مروة" باكية تضم إبنتها :
"حبيبة قلبي وروحي أنتِ كويسة؟ حصلك حاجة.."
نفت "أمينة" ببسمة سرعان ما تحولت لشلالات دموع إنهمرت بقوة لتعلن عن سقوط قناع القوة الذي حاولت رسمه حتى لا تثير قلقهم، فربتت عليها والدتها وأخذت تقبل رأسها وتهدئها بعبارات مطمئنة، فإقترب منهم "أمين" والخوف مسيطر عليه، فأفسحت له "مروة" المجال ليضم إبنته حتى حملها عن الأرض وهمس لها بنبرة عبرت عما داخله من حب وحنين :
"الف حمدلله على سلامتك يا نور عيني، لو كان حصلك حاجة كان قلبي وقف وراك يا روحي."
ضمت "أمينة" نفسها له بقوة ثم قالت باكية :
"بعيد الشر عنك يا بابا متقولش كده، أنا كويسة أهو وحلوة مفيش حاجة."
تنفس "أمين" براحة ثم تركها بعدما طبع قبلة عميقة على جبهتها ثم وقف مقابلاً "لأسيل" فإبتعد عنها "قاسم" بعدما كان يضمها، فأخذها هو بين أحضانه وربت عليها بحنين لم يقل عن حنينه نحو إبنته، ثم قال براحة :
"الحمدلله أنك بخير يا حبيبة قلبي، حقك عليا أنا معرفتش أحميكِ وأنتِ في بيتي..قولتلك إعتبريني أبوكِ بس مأديتش دوري صح.."
حركت "أسيل" رأسها نفيًا بين أحضانه وقد إزدادت حدة بكائها ثم قالت :
"متقولش كده يا بابا حضرتك أحسن أب في الدنيا وأنا محظوظة عشان في بيتك..اللي حصل محدش ليه دخل بيه، ده نصيب والحمدلله إن عدت على خير ومحدش فينا حصله حاجة."
فصل "أمين" العناق ثم قبلها بحب فتنحنح "قاسم" بضيق زائف ثم قال مغيرًا الأجواء :
"ما خلاص يا حاج ولا مش عاجبك عمود السواقي اللي واقف ده! "
تعالت الضحكات عليه التي إختلطت ببكاء البعض حتى رد عليه "أمين" بلؤم :
"أنت هتسكت ولا أخبيها منك لحد ما تتربى! "
ضيق "قاسم" ما بين حاجبيه ثم جذبها بقوة يضمها قائلاً :
"ده أنا متربي خمس مرات، صح ياض أنت وهو! "
زمجر لأصدقائه اللذين أومأوا بجدية، ثم هتف "شادي" مؤيدًا :
"بيصلي الجمعة مرتين على يدي يا حاج "