الفصل الثالث عشر ج٢
كالعادة وفي كل يوم خميس، تجهزت على الميعاد، لترتدي عباءتها السوداء ثم تناولت سلة المخبوزات التي اعدتها منذ الأمس لتهبط الدرج من الطابق الثاني إلى الأول،
ولكن وقبل ان تحط قدميها على الأرض جبدًا وصلها الصوت المتحشرج عن قرب، لتفاجأ به بجوار والدته في الصالة الداخلية، جالسًا بجذعه على الأريكة الخشبية، يحيط رأسه بكفيه، ويغطي نصف جسده بغطاء ثقيل وكأنه.......
- انت نمت هنا يا فايز؟
صدر منها السؤال بما تفكر به ، لينتبه لها مع سكينة التي تكفلت هي بالرد:
- ايوة يا بنتي، امبارح كان راسه تعباه جوي وانا اللي دجيت عليه يبيت هنا، خوفت ليمجدرش يكمل للبيت هناك ولا يوقع في الطريق.كانت الكلمات تخرج منها بنبرة اسفة وكأنها تخشى غضبها، حتى شعرت سليمة بالحرج لتعقب ملطفة لها:
- انا مجولتش حاجة يا مرة عمي، انا بس اتفاجات انه....
يبيت هنا ويسيب اهل بيته هناك لحالهم....- مش جاعدين لحالهم يا سليمة
قالها فايز لترتفع رأسه اليها مستطردًا :
- خوات شربات لسة بيبتوا معاها ومش سبينها، على ما تهدى شوية وترد لعجلها، يمكن تبطل عمايلها، اطمني يا بت عمي انا مش جاي ارمي بلايا عليكي زي كل مرة،برغم كل ما حدث وما لاقت منه، الا ان رؤيته بهذا الانكسار بالفعل يؤلمها، ولكنها ايضًا لن يفوتها السؤال الملح:
- طب وبناتك يا فايز، هتسيبهم ومرتك بالحالة دي اللي بتجول عليها؟ردد خلفها بما يشبه العتاب:
- دول عرضي يا سليمة اسيبهم كيف؟ اسيبهم كيف وهما الحبل اللي ربطني بامهم دلوك، يعني مهما شوفت منيها مجدرش افوتها عشانهم، دول هما اللي باجينلي في الدنيا.تأثرت سليمة بالمرارة التي تنبع مع حرف يخرج منه، حتى عبرت له عن تضامنها بالدعاء:
- ربنا يخليهمولك، وتلاجي العوض فيهم.اومأ يطرق رأسه ويعود لحالته الأولى، لتمسك سكينة دفة الحديث معها، بسجيتها المعهودة:
- انا كنت جايمة اعمله كوباية شاي عشان رأسه المصدعة، تجعدي تشربي معانا؟ ولا نعمل فطار ونفطر مع بعضينا احسن .تبسمت سليمة لعفوية المرأة، لتتحلى بالزوق ف الرد لها، حتى تتحاشى ان تخذلها:
- افطروا انتوا بالهنا يا مرة عمي، انا ماشية اصلا للمدافن، دا ميعادي في زيارة المرحوم، عن اذنكم.قالتها لتتحرك على الفور ذاهبة، وتتمم سكينة من خلفها بأسى
- اذنك معاكي يا بنتي، تعيشي وتفتكري يا حبة جلبي.
قالتها ثم انتبهت على ابنها الذي تجمد في متابعتها وهي تذهب، وحسرة ارتسمت على ملامحه الجامدة، تشطر قلبها المعذب بالحزن عليه وما جناه بفعله
.
❈-❈-❈هل طالت الايام ولم يشعر هو بها لقربها منه؟ تبا، انه لم يمر سوى اسبوعين منذ زواجه الصوري منها، ولكن قلبه المعذب يتألم لألمها، جزعها على شقيقها الذي طالت غيبوبته لتقارب الشهر ، تجعلها زهرة ذابلة امامه، لولا انه يجبرها بإلحاحه على مشاركته الطعام لما وضعته بفمها ابدا، كيف السبيل ليجعلها تفرح؟
زفر قانطًا في محاولة منه لمخاطبتها:
أنت تقرأ
ميراث الندم الجزء الاول والجزء التاني نسائم الروح
ChickLitوضعها القدر تحت رعايته، لتستنجد به من غدر أعز الأحباب لديها، من أجل حمايتها، متعشمة في رجولته كي يساندها، حتى تسترد حقها وما سلب بخسة منها، ولكن ما لم تحسب حسابه هو أن تقع اسيرة بين يديه، وقد اغراه الطمع في فتنتها، يريد الاستئثار بها ، يختلق الحجج و...