١٠

12 3 0
                                    

جَلَسَ الملكُ (عدنان) على كُرسَيِّه الخشبي الضخم المُرَصَّع بالذهب والأحجار الكريمة اللامعة، ومن حولِهِ أعضاء مجلس الرَّأيِ الذين حضروا على عَجَلٍ تلبيةً لاستدعاء ملِكِهم لمناقشةِ وُجُودِ نشاطٍ في غرفةِ البوابةِ في الجهةِ المقابلةِ، وقال:
- هل أبْلَغْتُم (حمزةَ) بالحضُور؟
أجاب أحد الجالسين: أبلغناه يا سيدي، وقال أنه سيحضُر فَوْرَ الانتهاء من أمرٍ ما.
وقال آخر: لا يسعنا أن ننتظر حضوره، لابد لنا من التصرُّف فَورًا.
قال (آزريل): وماذا تقترح أن نفعل، هل تقترح كالعادة أن ندمر السبيل الوحيد لاسترداد القطعة؟
- وهل هناك حلًا آخر، الشاب الموجود في غرفة البوابة يعرف ما يفعل، هل سننتظر أن نجد دخلاء بيننا في مدينة (الزهران) من عالم الإنس؟
- ومنذ متى ونَحنُ نَخشَى أفرادَ الإنس، لقد كانوا يعبُدُونَنا في يوم من الأيام والآن نخشى تسلُّلِهم إلى عالمِنا، كيف أصابكم الوهن لهذه الدرجة؟!
قال الملكُ بصرامة:
- لقد وَلَّت هذِه الأيام يا (آزريل)، لقد كان بعضُ أجدادهم يستعينون ببعض أجدادِنا، ولكن ديننا الحنيف حرَّمَ علينا هذا، وليس من المنطقي أن نناقش هذا الآن.
أجابه (آزريل):
- نعم يا سيدي ليس من المنطقي أن نُنَاقشَ هذا، وليس من المنطقي أيضًا أن نَهْلَع لوجود حفيد السيد (سعد) الذي كنا نبحث عنه في غرفة جدِّه، من الواضح أنه يحاول العثور علينا.
سَرَت همهمة وسط المكان وقال الملكُ:
- من أين لك بمعرفةِ أنَّهُ هو؟
- لقد أخبرني الحراس وأنا في طريقي إلى هنا أن هناك هالة تحيطُ به تمْنَعُهُمْ من الاقتراب منه، كما أن حرَّاس الميثاق لم يتدخلوا، من في رأيكم تتوفر فيه هذه الصفات؟
استمرت الهمهمات وسط القاعة، وفُتِحَ الباب ودخل منه (حمزة) وهو يقول لوالده: أرجو المعذرة يا سيدي، فلقد كان هناك أمرًا طارئًا.
عاتبَهُ الملكُ: أمرٌ طارئٌ أكثر من وجودِ أحدَ الإنس يعبَثُ بغرفةِ البَوَّابة؟
- هذا هو الأمر الطارئ يا سيدي، فالإنسي الموجود بغرفة البوابة هو السيد (زياد) حفيد السيد (سعد)، والوحيد الذي يُمكِنُه فتح الصندوق المغلق الموجود بحوزة جلالَتِكُم، وأنا وهو الآن نُرَتِّبُ لعبورِهِ لفَتْحِ الصندوق.
قال الملك (عدنان) بلهفة:
- هل سيَعْبُر ليفعل هذا؟
- هذا اتقافي معه يا سيدي، وهذا ما كنت أرتِّب لفعلِهِ خلال الفترة السابقة كي نستطيع أن نُنْهي ما بدأناه بخصوص قطعة الصولجان.
قال (آزريل):
- إذن لقد كنتُ محقًّا يا سيدي بالتريُّثِ حتى يتضحَ الأمر، فالانصياع وراء مدمني التدميرِ والحربِ لن يجلِبَ لنا الأمان.
هَمَّ الرجل صاحب اقتراح تدمير البوابة بالاعتراضِ على عبارة (آزريل) إلا أنَّ الملك أوقَفَهُ وقال:
- حسنًا، وماذا تقتَرِحُ يا (آزريل)؟
وقف (آزريل) بجوار (حمزة) وقال:
- إذا استطعنا تدمير قطعة الصولجان بما يحويه الصندوق من أسرار فالفضل يعود للسيد (حمزة) في ذلك، وبالطبع أصدقائِهِ من الإنسِ، لذا فأنا أطالب بصلاحيات كاملة للسيد (حمزة) لإدارة هذا الموقف، وأن نُقَدِّم له كل الدعم الذي يريده حتى يستطيع إنهاء هذا الأمر.
أدهَشَ هذا الطلب الجميع، حتى (حمزة) نفسه لأنَّ مثل هذا الطلب لا يصدر أبدًا عن عَمِّه، وبدت علامات الدهشة أيضًا على وجه الملك وهو يقول:
- أأنت واثق من هذا؟
أجاب (آزريل) بحَسْمٍ:  نعم ياسيدي.
قال الملك مخاطبًا الجميع: هل يعترض أحد منكم على هذا؟
رفع اثنان فقط يَدَهُمَا من المجلسِ المكوَّن من ثلاثة عشر فردًا، فقال الملك:
- إذن حُسِم الأمر، أنا أُفَوِّضُ (حمزة) لإدارة هذا الموقف على أن يستجيب الجميع لأيِّ طلبٍ يطلُبُه ولكن لن يتم فتح الصندوق إلا تحت ناظري.
ونظر إلى (حمزة) قائلًا:  هل يناسبك هذا؟
- يناسبني تماما يا سيدي.
- حسَنًا، انتهى النقاش فلينصرِف الجميع.
بدأ الجمع في الانصراف ومال (آزريل) على أذن (حمزة) قائلًا:
- لقد قدَّمتُ لك الآن كل ما أستطيع تقديمه، لا تجعلني أندم على دعمِك.
قال (حمزة): فلندعوا الله ألا يَنْدَمَ أحدُنا.
وأومأ برأسه محيِّيًا إيَّاهُ وانصرف متَّجِهًا إلى (كاينيل) الذي كان ينتظره قَلِقًا عند باب القاعة وقال له:
- هل قمت بتجهيزِهِ؟
قال (كاينيل): نعم، كما طلبتَ تمامًا.
- حسنًا لتَبْقَ مستعدًا.
وترَكَهُ وانْصَرَفَ.

ميثاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن