PART39(ماضٍ تعيس)

411 28 3
                                    

هزائم تلو الأخرى، كلما ظن أن الحياة ستبتسم له، منحته صفعة قوية تعيده إلي قاع الواقع المظلم.

قاد "أحمد" السيارة نحو مقر عمل "قاسم" حيث أخذها منه من قبل، صف السيارة جانباً وصعد إلى الطابق الذي يحوي مكتبه، دلف له دون أن تسمح له موظفة الإستقبال، ولم يعبأ بالأشخاص الموجودين رفقته.

كانت ملامحه جادة، لكن عينيه كأنها تحاكي الموت، أنتبه "قاسم" على حالته تلك، فنهض له مندفعا:

"مالك يا أحمد؟ أنت كويس يابا!"

بدا "أحمد" له كطفل تائه يلتفت حوله في تيه وشرود، ناوله مفاتيح السيارة ثم قال بأحرف مبعثرة:

"دي المفاتيح.. شكرا على العربية.."

كاد يرحل لكن "قاسم" أمسك يده بسرعة يمنعه من الذهاب وقد تناسي تماما وجود أشخاص معه، فحمحم أحدهم وقال:

"طيب أحنا هنستأذن ونبقي نيجي لحضرتك وقت تاني يا متر "

أومأ له "قاسم" ليرحلوا، و أعاد هو بصره نحو "أحمد" قائلا بنبرة قوية :

"مالك يا أحمد؟ حصل حاجة مع ريهام! أنطق ساكت ليه."

اخفض "أحمد" بصره حزناً وقال :

"ريهام سابتني.. مرضيتش تسمعني ولا تسمع تبريري..هي علاقتنا ضعيفة لدرجة أنها تصدق أي حاجة تتقال عليا.. أنا غلطت في إيه عشان تسيبني قبل خطوبتنا بيوم.."

جذب "قاسم" يده وأجلسه على مقعد، وجلس أمامه ثم قال بنبرة عاقلة :

"أهدي و أحكيلي إيه إللي حصل بالظبط "

تنهد "أحمد" بأسى وقال :

"بعد ما اشترينا الحاجة روحنا قعدنا في كافيه وكنا حلوين وبنهزر، بس خدت بالها من بنات بتبص علينا وتضحك وقاعدين يتهامسوا، فهي اتضايقت وطلبت نمشي، بنت منهم اعترضت طريقنا وفضلت ترمي كلام وتقول حاجات محصلتش، بس أنا كنت زي اللي مضروب على دماغي مقدرتش أنطق, والوقتي هي رميتلي الدبلة في وشي ومشيت "

همهم "قاسم" متفهمنا، ليقول :

"وأنت تعرف البنات دول؟

أومأ"أحمد" في خذي وقال :

"بنت منهم نسمة زميلتي في الجامعة، فاكر حواري معاها؟ "

ضم "قاسم" حاجبيه بتفكير، ليتسال في شك :

"دي البنت إللي صاحبتها في أولي جامعة وجات تسأل عليك في البيت قبل كده؟ "

زفر "أحمد" بضيق وقال :

"هي بعينها، أنت عارف كان علاقاتي عاملة إزاي أيام الجامعة، أه كان عندي أصحاب كتير منهم بنات، بس عمري ما عشمت واحدة فيا ولا وعدتها بجواز، أو تجاوزت حدودي معاها بكلمة أو غيره، كنت بتعامل مع الكل عادي، هي إللي سمحت لمشاعرها تتحكم فيها وحبيتني وأنا وقتها مكنتش بتاع حب، كان كل همي أخلص كلية وأبدأ حياتي، لما لاقيت الوضع زاد عن حده وبقيت تطاردني في كل حتة لدرجة أنها تجيلي البيت هنا تسأل عليا بعدت عنها وعن الشلة كلها، قطعت علاقتي بالكل والتخرج ساعدني في ده، غيرت رقمي بسبب البنت دي أكتر ورفضتها رفض مباشر، بعدها اختفت نهائي ومبقتش أسمع عنها حاجة لحد النهاردة شافتني مع ريهام ورمت الكلمتين دول وبوظتلي حياتي "

الدُخلاءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن