|1| كلّ حُلفاؤك خانوك يا ريتشارد

442 26 83
                                    

الفصل الأول ….

"أنا خوفت ١٢ مرة و لِسَّه فاكرهم بالترتيب، مرة أمّا لاقيتني بكلم نفسي وأنا بطولي، و١١ مرة أما مشيتي وسيبتيني غريب"

- إسلام خلف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كانت تجلس فوق الأريكة ذات القُماش الأزرق المُتهالك من كثرةِ الجلوس فوقِه، وتُشاهد إحدى المُسلسلات التُركية الرُومانسية، وتبكي بلا توقف، شلالات من الأذى النفسي، والآلم، وفُقدان الشغفِ تجاه الحياة، والشعورُ بأن النهاية قد حلَّت، وبأن الأيام مهما تواليت وأخذت من عداد عُمرها، فهيّ جامدة، صامدة، تبكي وتُجفف مدامعها؛ لتبكِ مرةً آخرى!

أيامها باتت روتينية بشكلٍ مُمِل، تستيقظ، تأكل، تُشاهد مُسلسلات تُركية، تبكي..
لا شيء آخر، ماذا تتوقعون منها بعد مرورها بصدمةٍ عاطفيةٍ، وهي لم تكد تُكمل عامها الخامس والعشرين، لقد أصابها في مقتلٍ، كسر قلبها، وبعدها جاء ليطلب منها ألّا تتألم، فكتمت جروحها مُنتظرة مَن يأتي ويجعلها تلتئم.. هكذا الدُنيا، أحدٌ يهدم وآخر يبني.

سحبت منديلًا ورقيًا آخر؛ لتزيل عباراتها التي تسقُط كلّ مرةٍ، وتخون ثقتها، ثُم ألقى فوق كومة آخرى من المناديل تُشكل هرم زوسر المُدرج، وجذبت جهاز التحكم وأغلقت التلفاز، وأغلقت معه جفونها، وهيّ تُمتم بصوتٍ مُتهدج آثر البُكاء طيلة الليل والنهار :
– هوّ نساكِ وعايش حياتُه عادي، وبينزل صورُه إنستجرام، وبينزل الـ Videos بتاعته على اليوتيوب عادي.. إنتِ كمان انسيه!

ليُخبرها قلبها وهوّ يصيح بلوعة الحُبّ الّتي أذابته :
– طب مهوّ يوتيوبر، طبيعي يطلع يضحك ويهزر قُدام الناس، وينزل صورُه عادي.. بس بينه وبين نفسُه أكيد مضايق عشان سبتيه.

فزعت كمن لدغتها حيّة، وقالت بدفاعٍ عن نفسِها :
– أنا مسبتهوش، هو اللي سابني، أنا سمعتُه بيقولي إنّي خلاص مبقتش فهماه ولا هوّ فاهمني.. الشُهرة أخدته، وغرِّته.

سمعت صوت عقلها المُشمئز ممّا يحدُث :
– وإنتِ هتسيبي نفسك كدا؟ هو هيعيش حياتُه عادي وإنتِ هتفضلي تعيطي على اللي راح وتسهري تعدي الجِراح؟ وفي الآخر تزعلي لمّا تطلعلك هالات سودة وتتنمري على بشرتك قُدام المراية؟ وطبعًا هتتلبسي من قعدتك قُدامها بالساعات يا هانم!

قلبت عيناها في الغُرفة، ثُم عقدت حاجبيها مُستفهمة :
– اومال أعمل إيه؟

قال عقلها مرةً آخرى بتجاهل :
– مُستعدة تكوني البطلة الشكاءة البكاءة في رواية أحدهم؟   

هزَّت رأسها ممّا يدُل على النفي، فاسترسل بمُكرٍ :
– يبقى لازم تكوني امرأة قادرة على المواجهة والتحدي، امرأة لا تُقهر، امرأة.. اللي هيّ بيخاف منها الرجال دي.. اسمها إيه؟

أجابتُه :
– آه.. الـ أسترونج إندبينت وُمَن؟

أيَّدها قائلًا :
– أيوة هيّ دي.. أخرجي واتصوري وكلمي صحابك، وانسيه!

 دعوِّة زِفاف (مُكتَملَة)   حيث تعيش القصص. اكتشف الآن