بعدما خرجت صوفيا من بيتها، ترسمت ابتسامه بسيطه محياها، اخيرا سوف يتحقق حلمها، أجرت عربه حتى تذهب بها للسور الذي يفصل بينهم وبين المدينه
- ارجوك ان تسرع الوقت يداهمني..
نظر إليها السائق وقال :
- هذا اسرع ما لدي، ان لم يعجبك هناك سائقين غيري
تنهدت صوفيا وقالت في نفسها :
- "لم يكن علي ان اختار عربة رخيصة....،ياله من سائق وغد"
بعد مرور ساعة ونصف...يصل السائق للسور، تنزل صوفيا بعد ان تعطيه الأجره :
- شكرا سيدي
رد السائق :
- انتبهي لنفسك يا آنسه
تسمع صوفيا صوت لجام الحصان بعدها ينطلق وتبتعد العربه تدريجيا ، حدقت صوفيا بالعربة وهي تذهب ثم ألتفت للحراس الذين واقفين كالصف وراء بعضهم امام بوابة السور، فالخروج ليس بهذة السهوله..اخذت نفس عميق ثم ذهبت ل الحارس الأول وهو المسؤول عن السماح بالخروج واخرجت ورقه بها جواب الدعوه للعمل في القصر
- عذرا سيدي، كما ترى لدي دعوة هنا تسمح لي بالدخول للمدينه، ثم للعاصمة
نظر الحارس لها و سحب الورقه وتصفحها جيدا ثم أعاد النظر لصوفيا وسمح لها بالمرور، وذهبت لكل حارس لتأكد الموافقة حتى تصل لآخر حارس ويسمح لها بالخروج..وعندما تخرج تجد محطة قطار، تحجز تذكره وتجلس في مقاعد الأنتظار وهي متحمسه وتملئها البهجه، يتطاير شعرها الزمردي القصير..وتتلئلئ عيونها العسلية من البهجه وتترسم على وجهها ابتسامه واسعه وتبرزت غمازاتها وهي تحتضن حقيبتها المستطيله، ويقطع اللحظه شخص مار من جانبها و يضحك :
- اول مره ارى كرفس حقيقي
تجمدت صوفيا ونظرت له بغضب وقالت :
- كرفس؟؟
فنهضت ونظرت لوجهه فتوقفت فجأه وحدقت به ، فما كان امامها هو رجل وسيم، بدأت صوفيا بالتأتأه :
- ال..الكرفس مفيد..ها ها ها
اكمل الغريب طريقه وضحك بخفه وقال :
- غريبة أطوار
سرحت صوفيا بخيالها وقالت لنفسها..:
"حتى الشباب في المدينه افضل..هذا وانا لم اصل بعد.."
عادت صوفيا للجلوس تنتظر موعد القطار بينما من زاويه اخرى
-
في المنجم..حيث رائحة العرق تملئ المكان والأصوات الصاخبه من التنقيب..، اصوات العاملين الصاخبة ف اصوات التنقيب تحجب السمع ، ومن بين العاملين تحديدا عامل واحد، كان يمتاز بالوسامه شعر كستنائي حريري..يصل للكتف، عيون عسلية وجفون ناعسه، فك بارز، شفاه ورديه ناعمه، جسم عريض مليئ بالعضلات، انه رافا الملقب ب "العبد الملكي" لانه كان بوسامة الملكيين، وغير كل هذا كان رافا ذكي ويقضي استراحتة في القراءة ليثقف نفسه اكثر وأكثر، وبينما يقرأ رافا كتاب عن "النفس" كتاب عميق يتكلم عن التباين بين البشر وان اختلاف وجهات النظر هي ما تكون المجتمع ، فأن اصبح الكل متساوي..لما سوف تتفرق كل فئة وتصبح مجتمع له عادات وتقاليد مختلفة؟ وثقافه ولغه وشكل، التباين الذي بيننا هو ما يجعل هناك من تأتي علية الأضواء والآخر يمشي بجانب الحائط المظلم، هي ما تظهر الذكي،الغبي,المبدع،المبتذل، النشيط، الكسلان..وإلخ اغلق رافا الكتاب واغمض عينه يفكر..كيف يصبح عليه الأضواء ويكون حالة شاذة من فئة العبيد، ولكن عندما ينظر حوله، يرى انه مجرد عامل لن يعترف به احد..حتى اخته لم تعترف به لكن..هناك شخص واحد فقط آمن به انها جيانا..
- رافا انت عبقري!
تبتسم برقه وتكمل :
- دائما كنت كذلك انا اؤمن بك
هذة الذكرى الدافئة تلامس قلب رافا وتجعله يرغب..بأن يعطيها العالم..و يثبت لها انه يقدر وقادر على ان يجعلها تصعد للأضواء معه..يقبض رافا يده ويقول :
- علي..ان اتحرر من المنجم..
ف يسمع ضحكات زملائة فيقول احدهم :
- لست اول من قال هذا يا رافا الكل قال~
فتنهد وأكمل :
- انا كنت أولهم
ف قال زميل آخر :
- لو كان هناك طريقه لن نتأخر صدقني
فأبتسم رافا ونظر لهم وقال :
- سوف أريكم أنني استطيع..لأني لن أفقد الأمل ابدا..ابدا
وبدأ زملائة فالسخريه اكثر لكن هناك شيء آمن به رافا "كلما سخر منك الناس كلما تزيد عزيمتك وعنادك حتى انت من تسخر منهم لاحقا" كانت هذة آخر شيء يتذكره رافا عن والده، وأيقن بهذة المقولة..رافا لديه هدف، فما يحركه هو حبه لجيانا، او هذا ما كان يظنه..فالحب وحده ليس كافي لتغيير نفسك، هناك شيء دفين داخله هو ما يحركة...فهل هذا الهدف سوف يتحقق؟
وكيف اساسا...انه مجرد عامل في منجم.
بينما من زاويه أخرى
-
في قطار مزدحم....او بالأصح مُكْتَظّ، يبدو ان الكل لا يطيق الحياه في الأنفاق..تقف صوفيا لم تجد مكان تجلس فيه..، وكل ثانيه ترتطم بشخص فأرتطمت بأمرأه بالخطأ وضرب كوعها وجهه صوفيا
- أنتبهي يا فتاه!!!
نظرت إليها صوفيا بغضب وردت :
- ماذا تريدي ان افعل ها؟؟ هل ترين مكان اقف فيه ها جاوبي ايتها الشمطاء!!!
نظرت الأمرأه لها بصدمه :
- قليلة تربيه...من اين أتيتي من مكب النفايات؟؟
نظرت إليها صوفيا بأستحقار :
- ومن تظني نفسك، انت ايضا من نفس مكب النفايات
تنهدت الأمرأه ونظرت لشئ آخر وقالت :
- انا لا اعترف بهذا، أيا يكن..
نظرت الأمرأه للأسفل وكذلك صوفيا نظرت للأسفل..غالبا الوطن او مدينتك تكون عزيزه عليك، ولكن كل أهل الأنفاق، يمقتوا وطنهم، مدينتهم و هويتهم بشدة ، لكن كيف تعبر عن نفسك ان تجردت من هويتك وكرهت وطنك.. كيف تتقبل نفسك إن كرهت كل هذا، ولكن عندما تفقد شيء تشعر بقيمته..هل صوفيا سوف تشعر بقيمة ما كرهته طوال حياتها؟
-
وبعد اول محطة، نزل الكثير من الركاب واصبح القطار فارغ، جلس ركاب السفر ينتظرون محطتهم البعيده..وبعد ساعات طويلة، يصل القطارة لمحطته الأخيرة والتي هي العاصمه،
تنزل صوفيا من القطار وتنظر لتتلئلئ عينها عند رؤية السماء الصافيه والسحاب..تتقتدم اكثر فأكثر بينما هي سارحه تجري بسرعه للخارج المحطه، وقبل تخرج من المحطة تماما يمسكها الحارس
- هي ماذا تظني نفسك فاعلة؟
تجمدت صوفيا ثم نظرت له :
-..م..ماذا فعلت؟ اريد الخروج فحسب..
نظر الحارس لها نظره صارمة :
- علينا التحقق منك ومن حقيبتك،نحن لا نثق بجنيه من أمثالك
نظرت إلية صوفيا وهي تشعر بالإهانه..مدت له حقيبتها
- خذ يمكنك التحقق منها..
وبالفعل أمسكها الحارس وبدأ بتفيش الحقيبة، وعندما انتهى تقدم لصوفيا وبدأ يتلمس جسدها، بهدف التفتيش ولكن..أسرعت صوفيا وصفعته
- ماذا تظن نفسك فاعلا!!
نظر الحارس بغضب ونظر نحو عيناها وقال بصوت حاد :
- هل جننتي.؟ انا اتحقق منك فحسب لانه عملي ...انا لا اتحرش بك..
احمر وجهه صوفيا من الإحراج وأنحنت قائلة بصوت عالي :
- اسفة سيدي!..
تنهد الحارس وأشر برأسه ان تخرج، انحنت صوفيا مره اخرى وخرجت من المحطة، وجدت الجنيات يتمشون، اغلبهم من العبيد، وأغلبهم من المحاربين، لكن ما لاحظته انه كلهم عمال..تمشت اكثر ووقفت تنتظر عربة، لكن..لم تجد
- ماهذا..كيف سوف أصل للقصر اذن..؟
وقفت فتاه بجانبها كان شعرها ذهبي لامع وطويل، عيونها صفراء لامعه ، كانت جفونها مرفوعه كالقطط، كانت تمتاز بطول القامة والجسد النحيف فألتفت لصوفيا وقالت بصوت حيوي :
- يبدو انكي جديدة هنا
ألتفت صوفيا ورفعت رأسها لتراها، فكانت تمتاز صوفيا بقصر القامة وأنعجبت من جمال الفتاه التي بجانبها :
- اوه..اجل هل واضح.
قهقهت الفتاه وقالت :
- في العاصمة عربات الملكيين فحسب هي المسموح لها ان تمشي في الشوارع..، العمال مثلنا ليس لهم غير طريقة واحده لتنقل في انحاء العاصمة
قطعت صوفيا كلامها ونظرت وهي تشعر بالحيره :
- وما هي؟
ردت الفتاه :
- قدمك..
تنهدت صوفيا ونظرت بخيبة أمل :
- كيف سوف أصل للقصر اذن...
ارتفع حاجبي الفتاه وأبتسمت بسرعة :
- هل انتي الخادمة الجديدة!
نظرت إليها صوفيا وقالت :
- اجل..هل انتي ايضا تعملي بالقصر؟؟
ابتسمت الفتاه وقالت :
- أجل أعمل منذ شهرين ادعى ليلى
فرحت صوفيا وضمتها وقالت :
- منقذتي يا ليلى! ، انا ادعى صوفيا
ردت ليلى الحضن قائلة :
- تشرفت بك، هيا بنا.. دعنا لا نتأخر على القصر
-
بينما من جهه اخرى
بالعودة للأنفاق..في ممر مظلم ليس فية سوا ضوء طفيف قادم من الشموع، يمشي شخصا خطوات ثابتة للأمام، يتوجهه نحو الباب ويدخل، المكان من الداخل مليئ بالجنيات المحاربة والقليل من جنيات العبيد وعلى رأسهم جني يغطي نفسه برداء اسود، وتبرز تحت هذا الرداء عيون زرقاء لامعه تشبهه نقوش حجر الياقوت، يبدأ الرجل الذي دخل توا في الحديث قائلا :
- آخ..، الملكيين يزدادوا حرص هذة الأيام، يبدو أنهم خائفين
فجأه يعلوا صوت من الضحك، انه صاحب الرداء فقطع ضحكته قائلا :
- لم أكن اعرف ان الخوف يملئ قلوبهم مني..همم لنتركهم فتره في هذا القلق
ثم يبتسم ابتسامة واسعة تملئها الشر ويكمل :
- لم يروا بعد شيء..
ف يبدأ الجميع في المكان بالحيرة، ما الذي يجري في عقل رئيسهم؟..
-