نهاية

32 9 9
                                    

خذلان.. دمار.. خيانة.. وصدمات تتوالى على رأس الأميرة لتجعلها تتسائل "أي خطأ إقترفته يداي لتسقط على رأسي كل هذه المصائب".

تقف في وهن وقد تيبس جسدها أمام خيانة والدها وتلك الحقارة التي أبداها، سقط سيفه على ظهر ضيفها لينتفض على إثره وتتناثر الدماء على أرض القاعة، لكنه لازال متمسكاً بتلك الصغيرة غير آبه بجراحه أو موته.

تحركت لتقف أمام سطوة والدها، رغم جراح جسدها وروحها، وكأن من يقف أمامها ماهو إلا عدو يجب مواجهته، فهو من تركاها بين يدي أعدائهم -من استحلو أرضهم، أطفالهم، وأعراضهم، وحاولوا الإعتداء على شرفها- وبكل الكبرياء والشجاعة التي بالكاد بقيت لديها حادثته، رافعة كلتا يديها أمام وجهه، عله يفيق من غفلته.

- أبي ماذا أنت بفاعل؟ أتؤذي رجالك وتسلم شعبك للعدو؟

رفع يده عاليًا ولطمها على وجهها حتى أسقطها أرضًا، وبقسوة لم تعهدها منه أجابها:

- تنحي جانبًا يا ابنة الجاهلة... ماذا تعرفين أنتِ لتقفي في طريقي؟

- وماذا يجب أن أعرف أخبرني؟ لماذا تخون وطنك؟

وضعت يدها على خدها علّها تبرد تلك الحرارة التي اشتعلت فيه، تكبح الدمع من عينها فلا تنهار أمام من يشمتون بها.

- لست بحاجة لأخبركِ أي شيء فأنت هوجاء جاهلة مثل أمكِ... وهذا ماكان يومًا موطني لأخونه.

أنهى كلماته بسخرية أربكتها، لماذا يصفها بالجهل؟ ولماذا يسخر من والدتها؟ ألم تكن زوجته؟ أليست هذه بدياره؟

- إذًا ماذا يكون؟ وأي جهل أحمل لتصفني به؟

لوى شفتيه وأدار عينيه بملل، وتراجع حتى جلس على ذاك الكرسي العالي، واضعًا قدميه فوق بعضها ومن حوله هؤلاء الأفراد الذين يدعموه.

- جاهلة أنتِ منذ صغركِ... لم أكن يومًا بوالدكِ لتلاحقيني في كل مكان منادية إياي بأبي... وهوجاء كما أمكِ تمامًا، فلولا معارضتها لي لكانت بيننا حتى الآن.

لايزال عقلها غير مدرك لما يحدث، ولأول مرة على مرأى ومسمع من الجميع تُكشف حقائق مخبئة من زمن، لا يدركها سوى الجالس هناك، وقد أغلقت أفواه كل كان يعلم بها قتلًا.

أمر من بجواره بأن يجلب الأميرة له، فجرها حتى باتت أمام قدمي ذلك الخائن، تنظر له بعينين خاوية بلا حول ولا قوة ليقرب وجهه من وجهها، ويضع سيفه على رقبتها الرقيقة، ويهمس بكرهٍ لها:

- بلغي تحياتي لأمكِ...

.
.
.

- بئسًا... من كان ليظن أن ذلك الوضيع هو الخائن.

أخذت أركض بين الممرات، بأنفاس لاهثة، قلب متطرب يأكله القلق، وسلاح سأرويه بالدماء الليلة.

لم أظن أنه سيتمادى لدرجة أن يصل إلى أن يتحالف مع أكوديا، بعد توليه العرش ومقتل أختي، لم أكن لأرغب سوى أن تمر الأيام بسلام، لكن الدنيا لا تحلو لأحد؛ وهاهي تضع غاليتي أمام ألسن اللهب.

- أخي تميم... تمت المهمة والرجال على أهبة الاستعداد للقتال.

- أحسنتم... ليسرع الجميع ويتبعني... سننقض عليهم.

- ثم؟

- لم ينجُ أحد...

أومأ لي وتحرك بالمقاتلين، حملت حينها قوسي وسهمًا استعدادًا لأي طارئ، كنت أستمع لدقات قلبي تطرق في أذني، وأنفاسي التي وصلت عنان السماء، حتى داهمتني صورة أختي ممددة على الأرضية الباردة بوجهها الشاحب ودمها المسال من جانب فمها؛ حينما رأيت ذلك الوضيع الخائن بسيف مغطى بالدماء موضوع على عنق غاليتي نور.

"لن أفقدكِ يا غاليتي مرتين".

ربيع القبّار "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن