~كنت لي يوماً~

46 4 0
                                    


ضحكاتنا الصاخبة كانت كأنها أغانٍ تراقص الليل وتلامس الصباح. تحت القمر الذي يسكب ضوءه كفضة سائبة، أو تحت شمس تستعرض أشعتها بين أغصان النخيل وأشجار الكرز المتناثرة في حديقة منزلٍ يشبه الجنة، كان عالمنا صغيرًا لكنه ممتد إلى أعماق القلب. منزله ومنزلي القديم، كانا يلتصقان كما لو أنهما يحكيان قصة جارين يربطهما أكثر من مجرد جدار.

تلك الضحكات لم تكن مجرد أصوات؛ كانت لغةً أواجه بها ظلام أيامي، أملاً يضيء زوايا حزني، وعزيمة تنمو داخلي كشعاع نور يتحدى العتمة. لم أنسَ تلك اللحظات قط، فقد أصبحت وميضًا دائمًا في ذاكرتي، دليلًا على أن الحياة كانت يومًا، ولو للحظة، مليئة بالحب والنور، هو كان نور عالمي الجميل أدعو ليالي لكي يرزقني الله به ويجمعنا في المستقبل.

 لم أنسَ تلك اللحظات قط، فقد أصبحت وميضًا دائمًا في ذاكرتي، دليلًا على أن الحياة كانت يومًا، ولو للحظة، مليئة بالحب والنور، هو كان نور عالمي الجميل أدعو ليالي لكي يرزقني الله به ويجمعنا في المستقبل

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

بكاؤه المستمر ظل محفورًا في ذاكرتي، لم يمحُه الزمن، وما زال يحرق قلبي الصغير كلما استحضرت صورته. عيناه الدامعتان كانتا تحاربان الكون بأسره كي لا تنهارا في تلك الزاوية المظلمة، لكنهما خذلتاه مرارًا وتكرارًا، حتى انتفختا من البكاء ليلًا ونهارًا. أصبحتا حمراوين كأنهما تنزفان ألمًا لا ينتهي، وكأن وجودي في حياته كان حملًا ثقيلًا فوق كاهله، بلاءً أحاطه بالحزن والوجع.

هو رأى فيّ عبئًا، أما أنا فكنت أراه كل حياتي. كان عصري ونور أيامي، كان قلبي وروحي وأماني. كان وطني وأهلي وعائلتي وكلّ من أحببت في هذا العالم. رؤيته كل صباح كانت كمرهمٍ يشفي كل جروح الحياة اليومية، وابتسامته الخافتة التي كان يخفيها بين شفتيه كانت لي أملًا صغيرًا، حلمًا بأن يحبني يومًا كما أحببته.

ذاك الطفل المظلوم، الضحية لخبث والدته وقسوتها، كان بالنسبة لي كل شيء. كنت مستعدة أن أضحي بعمري كله لأعيش تحت سقف واحد معه، لأشاركه أحزانه وأحلامه، ولأكون له وطنًا آمنًا وسط الحروب والعواصف. أردت أن أشعر أن قربه سيحميني حتى من الموت نفسه، فقط لأعيش معه، أنظر إلى عينيه، وأمنحه حبًا يعادل كل ما سلبه منه العالم.

أتمنى من أعماق قلبي، وأدعو ربي بكل يقين، أن صديقي العظيم والعزيز، ماتيو حين يعود بذاكرته إلى طفولتنا، لا يكون ناكرًا لجمالها أو ناكرًا لإخلاصي. طفولتي لم تكن عادية أبدًا، ولم تكن وحيدة كما كنت أظن أنني سأعيشها، بل كانت استثنائية بكل تفاصيلها بسببه هو من جعلني أعيش أجمل لحظات عمري، منذ خطواتي الأولى وحتى نهايات طفولتي، بصحبة طفل كان عنيدًا، قويًا أمام العالم لكن ضعيف العقل والقلب حزينًا ووحيدا رغم كل شيء.

عاقبنيِ عن افعاّليِ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن