ارتفعت ضحكات (مروان) عاليًا وهو يقول:
- القادرة جايَّه تشقط عريس من هنا.
كان لايزال راقدًا على فراشه وهو يضحك بقوَّة ويقول هذه العبارة لصديقه الذي عاد لتوِّه من لقائه مع الملك.
اصطدمت الوسادة التي قذَفَهُ (زياد) بها برأسِهِ، فازدادت ضحكاته قوَّة وهو ينهض ليجلس على طرف الفراش ويقول وكأنه يقلِّد (أمل):
- آنسة يا حضرة العفريت، أنا بس حبيت أصحح المفاهيم.
- ما تحترم نفسك بقى.
- خلاص يا عم أنا غلطان.
وسكت قليلًا، ثم عاد لينفجر في الضحك مرَّةً أخرى وهو يقول:
- مش قادر، بجد مش قادر، كله كوم ونظرة (حمزة) كوم، ياعيني مفهمش الأول هِيَّ قصدها إيه وحَسِّ بالغباء، بعد كده حَسِّ بالغباء أكتر لما فهم.
أفلتت ابتسامة من (زياد) رُغمًا عنه مع ضحكات (مروان) الذي قال:
- هِيَّ راحِت فين؟
- (حمزة) قالِّي إنها مع العلماء بتوعهم من الصبح بدري.
- يا عم دي جاية تتفَسَّح.
- وانت جاي تنام، انت إيه اللي منيمك لغاية دلوقتي؟
- يعني هتأخر على الشغل؟! أنا أصلًا هتفصل بسببك، وبعدين أنا عاوز آخد دش وأغيَّر.
- وأنا والله، والمشكلة إن (حمزة) راح جاب الموبايل واللاب وساب شنطة الهدوم والأكل اللي حماتك حلفت ماهي منزلاني غير بيه، زمانه عفِّن وبوَّظ الهدوم.
اتجه (مروان) ناحية الخزانة وفتحها وهو يقول:
- تعالى نشوف هنا يمكن نلاقي حاجة.
ثم أخرج منها بنطالًا أسود اللون ورداءً طويلًا أسودًا وقال:
- تقريبًا الشيء ده ممكن ييجي على مقاسنا.
وأخرجَ رداءً وبنطالًا آخرَين ذوَا لونٍ رمادَيٍّ وألقَى بِهِمَا إلى (زياد) وقال:
- أنا هدخل آخد دش وأغيَّر.
وتركه وذهب ليغتسل، وعلَا صوت طرقات على الباب ليدخل (حمزة) قائلًا:
- السلامُ عَلَيْكُم.
- وعليكم السلام، اتفضل.
ناوله الهاتف وتابع:
- كنت مستنيك، أكيد طبعًا عاوز الصور.
التقط الهاتف وقال:
- شكرًا لك.
أخذ يُدَقِّق النظر في الصور الموجودة على الهاتف فسأله (زياد):
- فهمت حاجة.
- ما زلتُ أحاول، هذه خريطة لمدينة (الزهران) ولكنها غير صحيحة، فالأماكن هنا مختلفة عن الواقع، أما الأماكن التي قام (سعد) بوضع علامات عليها أعتقد أنه قَامَ بِزِيَارَتِها جميعًا، وهذا الثعبان بالأسفل كان (سعد) يرسمه على بعض الأوراق الهامة، لابد أن هناك شيئًا هامًّا في هَذِهِ الأماكِن.
وأحضَرَ بعض الأوراق وقلمًا وأخذ ينقل الخارطة كما رسمها (سعد) وينسخ باقي محتويات الصور على الورق.
خرج (مروان) مرتديًا الرداء والسروال الأسودين، واستأذن (زياد) ليغتسل بدوره، وخرج مرتديًا الرداء الطويل بينما لازال (حمزة) يحاول نقل الخارطة وقال:
- البتاع ده على مقاسنا صحيح بس فيه حاجة غلط، واسع أوي حاسس إني لابس جلبية أخويا الكبير.
قال (مروان):
- احنا لازم نروح نجيب الشنطة بتاعتك مش هينفع نفضل لابسين كده.
قال (حمزة) دون أن يرفع عينيه عن الأوراق: الحزام، ينقصه الحزام يا سيد (مروان)، برفقة كل زيٍّ يوجد حزام في الخزانة.
فتح (مروان) الخزانة والتقط أحد الأحزمة وألقى بالآخر إلى (زياد) وقال بعدما انتهى من ضبط ملابسه:
- تحس إننا من قريش.
ارتفع صوت طرقات على الباب وصوت (أمل) يقول:
- (مروان)، (زياد)، انتم هنا؟
فتح (زياد) الباب لتظهر (أمل) مرتدية عباءَةً طويلةً مزَرْكَشَةً وغطاءً للرأس يشبه غطاء أميرات العصر الأيُّوبِي وقالت:
- انتم فين كل ده. معقولة لسه نايمين!
ثم نظرت إلى أزيائهم وقالت وهي تدخل الحجرة:
- انتم لازم تصمِّمُوا تاخدوا الهدوم دي معاكم، بجد جميلة جدًا.
قال (حمزة) وهو لايزال يرسم:
- يسعدني أن أعجبتك ملابسنا يا آنسة (أمل)، فهناك من يراها ليست مناسبة لمقامه العالي.
نظرت دون أن تسأل إلى (مروان) الذي قال:
- آه جميلة، الحمد لله إنهم لقوا حاجة مناسبة ليكي.
- آه الحمد لله، (نائلة) قالت لي إنها لطفلة عندها 10 سنين، تخيَّل!!
نظر (مروان) و(زياد) إلى بعضهما البعض وقد أدركا أنَّهما يرتديان ملابسًا للأطفال ومَالَ الأخير على (حمزة) هامسًا ببطء:
- 10 سنين يا (حمزة)، جايب لنا ملابس أطفال؟
ابتسم (حمزة) وقال دون أن ينظر إليه:
- هذا ما يناسب حجمكم البشري.
نظرت (أمل) إلى (حمزة) وهو يرسم الخارطة وقالت:
- انت بتنقل الورق اللي محتارين فيه تحت؟
رفع (حمزة) نظرَهُ عن الأوراق وقال: هل رأيت هذه الأوراق؟
- آه، مع المُعلم (صالح)، العلماء بتوعكم كلهم تحت بيحاولوا يفهموها.
- وهل استوعب أحدُهم شيئًا؟
- مش كتير، همَّ عارفين معني الحروف الإنجليزي وفي رمز مكتوب في ورقة المعادلات ومكتوب على الخريطة وبيحاولوا يربطوا بينهم، ده غير إنهم بعتوا الحراس لكل الأماكن المعمول عليها حرف (X) في الخريطة.
ثم تابعت:
- انت رسمك مش متقن، مخليتش ليه حد ينسخها لك تحت؟ ده في واحد بينسخ الخريطة في أقل من 15 ثانية.
تابع الرسم وقال:
- بالتأكيد لن يوافق (آزريل) على إعطائي أي نسخة من الأوراق.
- (آزريل) مين؟ اطلب من المُعلم (صالح) وهو هينسخهالك.
- لن يتحرك (صالح) خطوة واحدة دون موافقة (آزريل).
قالت وهي تخرج بعض الأوراق من حقيبتها:
- بس هو نسخهالي عادي.
تطلع إليها (حمزة) بدهشة بالغة وتناول منها الأوراق وأخذ يُدَقِّق فيها وسألها: ما هو الرمز المتكرر؟
أشارت إلى حرفي (IR) متشابكين من الأسفل وقالت:
- الرمز ده، مكتوب في ورقة المعادلات ومكتوب جنبه قيمة رقمية، ومكتوب بردو على الخريطة.
وضع (حمزة) الأوراق الثلاثة أمامه على المنضدة وأخذ (زياد) و(مروان) يدقِّقَان النظر فيها، كانت الورقة الأولى عبارة عن خارطة للمدينة عليها علامة (X) على عشرة مواضع، ومرسوم عليها ثُعبان ملتوٍ أسفل الورقة من الجهة اليسرى، وفي الجهة الأخرى من أسفل الورقة مكتوب الرمز (IR) متشابكٌ من الأسفلِ، وفي أعلى الورقة من الجهة اليسرى رُسِم مستطيل أسود بطول 2سم، كانت هذه هي الملامح الواضحة للخارطة، أما الورقة الثانية فمقسمة إلى خمسة عشر صفًا وثمانية أعمدة ليكون المجموع مائة وعشرون مربعًا صغيرًا، في كل مربعٍ كتب أحد الرموز وتحت كل رمز يوجد رقمان مكتوبان بشكل مقلوب، أما الورقة الثالثة والأخيرة فمكتوب فيها بعض الأحرف والأرقام باللغة الإنجليزية.
أنت تقرأ
ميثاق
Horrorأخذ يُقَلِّب الدِّماءَ مع رَمَادِ الورقة ثم سَكَبَها على يده اليمنى وطلب من (زياد) أن يمد له كفَّهُ اليمنى وأطبق عليها بكَفِّه المملوءة بالدماء وأخذ الخليط يتساقط من كفَيْهِما وقال: ردد معي ما أقول.. بسم الله الملك.. قاهرِ الجبابرة.. ومالكِ الدنيا و...