وقف (مروان) أمام باب غرفة (آزريل) الخاصة في انتظار أن يسمح له الحارس بالدخول، ولم تمض دقيقة حتى فتح الحارس الباب وخَرَجَ سَامِحًا له بذلك.
خَطَا (مروان) إلى الداخل بخطىً متردِّدَة وأخذ يتلَفَّت حوله متأملًا الغرفة التي تبدو كغرفة أحد الملوك، واستقبله (آزريل) بتِرحَابٍ وصافحه بقوَّةٍ وأشار إليه بالجلوس قائلًا:
- أرجو أن تكون قد فكَّرت جيدًا بالحوار الذي دار بيننا.
جلس (مروان) حيث أشار له (آزريل) وقال:
- أيوه فكَّرت، بص يا سيد (آزريل)، أنا مِيهِمِّنيش بأي شكل من الأشكال الحرب اللي دايرة بينك وبين (حمزة)، أو مين فيكم الصح ومين فيكم الغلط، ولكن المشكلة أن (زياد) مغمَّض عنيه وماشي ورا (حمزة) ومش شايف إن هوَّ سبب المشاكل اللي بتحصلنا كلها، وأنا المسؤول عن وجودي أنا و(أمل) هنا ولو متصَرَّفتش بعقل هنتحبس كلنا هنا.
سأله آزريل:
- أفهم من هذا أن لدينا اتفاق؟
- أشوف صاحبي قصادي، وأقولك اللي انت عاوزه.
- لقد بذلت قصارى جهدي حتى أقنعت الملك بالموافقة على المبادلة، ولقد تَمَّ الإفراج عن (زوردان) وأعتقد أن صديقك في طريقِهِ الآن إليك، أعتقد أنه حان الوقت لتنفيذ جانبك أنت أيضًا من الاتفاق.
سأله (مروان):
- تعرف حد اسمه (يورقان)؟
اعتدل (آزريل) في جلسته وقال:
- بالتأكيد أعرِفه، من أين تعرف أنت هذا الاسم؟
- الباشا جه الغرفة إمبارح بالليل بعد ما انت مامشيت وقعد يفَتِّش فيها ولما سألته بيدور على إيه، قال لي بقمة قلة الذوق "هذا ليس من شأنك" ولما خرج راح قابل جني اسمه (يورقان) في مكان بعيد بين الجبال.
- وما أدراك أنه قابلَه؟
- أنا مشيت وراه لأني كنت حاسس إنه بيدبر لحاجة بخصوص (زياد)، بس للأسف مسمعتهمش بيتكلموا في إيه.
عقد (آزريل) ما بين حاجبيه وقد انتبه الآن إلى اللعبة التي قام بها (حمزة)، وأن حادث اختطاف (زياد) من تدبيرِهِ هو، وبالتالي فهو من يسعى لتحرير (زوردان)، وليس من المسْتَبعَد أن يكون على علمٍ بأمرِ علاقتِهِ بقطع الصولجان.
تقافَزَت الأفكار كلها أمام عينيه دفعةً واحدةً ثم قال ليستفِزَّ (مروانا) أكثر:
- الأمر هكذا أصبح في غاية الخطورة، (يورقان) هذا ابن الوزير الخائن، ذلك يعني أن (حمزة) يتعاون مع مختطفي (زياد).
قال (مروان) في جزع:
- إيه اللي انت بتقوله ده، ده اتخطف من بيننا و(حمزة) هو اللي كان بيدافع عنه.
- ماذا يعني إذن وقوفه مع خاطِفِهِ، (يورقان) هو من أرسل رسالة يطالب فيها الملك بتحرير والده مقابل إطلاق سراح صديقك.
- يعني إيه؟ (حمزة) هو اللي خطف (زياد)، دي تبقى مصيبة.
- لقد وعدتُّك أن آتي بصديقك سالمًا، لا شأن لـ(حمزة) بهذا الأمر.
- أنا عملت اللي عَليَّ وقلت لك اللي أعرفه، باقي انت تعمل اللي عليك وترجَّع (زياد).
- بالطبع، أنت لا تعرف كم أن هذه المعلومة مهمة للغاية، ولكن بدونِ إثباتٍ فلا قيمةَ لها، هل تشهد على هذا أمام الملك.
قال (زياد) وهو يخرج هاتفه:
- عندي اللي أحسن من الشهادة، أنا صوَّرتهم همَّ الاتنين.
التقط (آزريل) الهاتف بلهفة وقال بدهشة:
- وكيف يعمَل هذا الشيء هنا بدون طاقة مناسبة؟
- معرفش، (حمزة) هو اللي شحنه.
- إذن لديه أيضًا مصدر طاقة يتوافق مع أجهزتكم، ترى لماذا يحتاج إليه؟
ثم تابع:
- أرِنِي ما قُمتَ بتصويره؟
فتح (مروان) قفل الهاتف وقام بتشغيل المقطع المصوَّر الذي يُظهر (حمزة) و(يورقان) وهما يتناقشان بحدَّةٍ ولكن الصوت لم يكن واضحًا.
أثار الفيديو اهتمام (آزريل) بشدة، فهذا بالتأكيد هو (يورقان)، صحيح أن الزمن قد أجهد ملامِحَهُ ولكنَّهُ هُوَ بالتأكيد، لن يخطئ في تمييزِهِ.
قال في لهفة:
- هذا المقطع المصوَّر هو نهاية (حمزة) بالتأكيد.
التقط (مروان) الهاتف وأغلقه سريعًا وقال:
- بمجرد ما تخَرَّجني أنا و(زياد) و(أمل) من هنا، اعتبر التليفون بتاعك.
قال (آزريل) ساخرًا:
- أنا وعدتك أنكم ستخرجون بسلام، وأنا أوفِ بعهودي دائمًا، لا تجبرني على أخذه منك قسرًا.
وضع (مروان) الهاتف على المنضدة وقال:
- وعلى إيه قسرًا؟ اعتبره بتاعك، بس مش هتعرف تفتحه وتشغَّلُه من غير ما أقولك على الباس وورد.
نظر إليه (آزريل) بغضب وقال:
- حسنًا، ماذا تريد؟
- قلت لك أكتر من مرة عاوز أرجع العالم بتاعي أنا وزمايلي زي ما وعدتني.
- وقلت لك مرارًا وتكرارًا أني سأعيدك وزملائك.
- دلوقتي، دلوقتي يا سيد (آزريل)، أول ما ييجي (زياد) رجَّعنا دلوقتي، قبل ما تقلب الدنيا على (حمزة) وميرضاش يرجعنا، البوابة عمرها ما هتتفتح من غيره.
- من قال لك هذا، أنا أستطيع أن أفتح البوابة في الوقت الذي أريد.
- إزاي يعني، الكل عارف إن البوابة مبتتفتحش من غيرهم.
- ولكنني قمت بفتحها بالأمس.
- إزَّاي بردو؟
- أنا لي طرقي الخاصة، ولن يستطيع هذا الميثاق السخيف أن يمنعني من استخدام هذه البوابة، لقد كان هناك غرضًا هامًا يخصني في عالمكم، فحصلت على عينة من دماء صديقك وعينة من دماء (حمزة) وأرسلت أحد أتباعي للحصول عليه والمرور به بالأمس، كل هذا و(حمزة) منشغل بتدبير أمر الاختطاف المزعوم لصديقك.
- حتى لو جبت دمهم همَّ الاتنين، إزاي هتفتحها قبل ما يعدي الأسبوع، (حمزة) و(زياد) نفسهم ميقدروش يعملوا كده!
- هذا أسهل ما في الأمر يا سيد (مروان)، فتعويذة الإغلاق التي أطلقها (جمال) على البوابة لن تستعصي على رجل في علمي ونفوذي، لقد استطعت تجاوزها ببساطة.
- وأنا أتأكد إزاي من الكلام ده؟
- قم بسؤال (حمزة) بنفسه إن كانت البوابة فُتحت بالأمس أم لا، ولكن إيَّاك أن تخبره بشيءٍ مما قلته لك وإلا أعدك أنك لن تحيا لتقابل صديقك عند عودته، فإن أكَّد لك الأمر، إذن فأنا صادق، عندها أعطني هذا المقطع المُصوَّر وأعطيك حُرِّيتك أنت وأصدقائك، وإن كنتُ كاذبًا ولم تُفتح البوابة كما أقول لك، فأنت في حلٍ من أمرك، لك أن تسير وراء حمزة وَلْتُنظر بمَ سيفيدك.
- جميل أنا هتأكد من المعلومة دي، ولو صح هجيبلك التليفون خلال ساعة.
- لا، خذ وقتك في التأكد واستمتع بآخر ساعاتك في هذا العالم، وسنلتقي اليوم في الحفل، تعطيني ما أريد وعلى الفور أعيدك إلى حيث تريد.
- تمام، اتفقنا.
قالها ونهض وانصرف وهو يمَنِّي نفسه أن يجد صديقه عند عودته إلى الغرفة.
أما (آزريل) فقد جلس يتخيل الحفل الذي سيقام في المساء، والتحَوُّل المثير في مجرى الأحداث الذي سيحدث فيه.
أنت تقرأ
ميثاق
Horrorأخذ يُقَلِّب الدِّماءَ مع رَمَادِ الورقة ثم سَكَبَها على يده اليمنى وطلب من (زياد) أن يمد له كفَّهُ اليمنى وأطبق عليها بكَفِّه المملوءة بالدماء وأخذ الخليط يتساقط من كفَيْهِما وقال: ردد معي ما أقول.. بسم الله الملك.. قاهرِ الجبابرة.. ومالكِ الدنيا و...