37

9 3 0
                                    

ما إن اقترب (زياد) من بوَّابة مدينة (الزهران) حتى انقض عليه الحراس وأحاطوا به واصطحبُوه إلى (آزريل) في القصر الذي وصله الخبر قبل وصول (زياد)، فجلس ممسِكًا بصولجانِهِ منتظرًا إياه في القاعة الرئيسية وأخَذَ يفكر في الخدعة التي يُدَبِّرُهَا ذلك البشري هذه المرة.
دخل (زياد) برفقة الحُرَّاس إلى القاعة الرئيسية وأوقفوه بالقرب من كرسي الملك الذي يجلس عليه (آزريل) الآن وقال الأخير: لست أعلم هل أنت بالفعل شُجاع أم أنك أحمق لهذه الدرجة؟!
أجابه (زياد):
- لا ده ولا ده، أنا مش هعرف أهرب كتير في العالم ده، وميْهِمِّنيش إني أفضل عايش أصلًا طالما أنا لسه موجود هنا، انت عاوزني، وأنا موجود أمامك الآن، إما أن تقتلني أو تعيدُني وأصدقائي إلى عالمي.
- بالطبع سأقتلك أيها الأحمق، ما الذي يدفعك إلى الظن بأنني سأُبقِي على حياتك بعدما تآمرت عليَّ أنت وصديقك؟
- أنت محتاجني يا سيد (آزريل)، ومش معقول هتقتلني كده بسهولة.
- وفيم أحتاجك أيها البشري؟ أنا أمتلك الآن قوة الصولجان الأسطورية، مالذي يمكنك أن تقدمه لي؟
- البوابة، أنت محتاجني لفتح البوابة، واحنا الاتنين عارفين إن البوابة قوة عظيمة ممكن تكون أقوى من قوة الصولجان.
سكت (آزريل) قليلًا ثم قال: أستطيع أن آمر بجبسك مع صديقك (حمزة) وعندها سوف أفتح البوابة بدمائكما عندما أحتاج إليها.
- أنا أُفضَّل أن أموت على أن أقضي بقية حياتي في السجن، هلاقي وسيلة بأي شكل من الأشكال أقدر أنهي بيها حياتي، وساعتها هتخسر البوابة تمامًا، ولنفترض إني معرفتش، هيبقى لحد امتى؟ 30 سنة أو ممكن 40 بالكتير، إنما لو رجَّعتني العالم بتاعي هتجوِّز وهخلِّف وهتفضل البوابة مستمرة زي ما استمرت من ساعة جدي (جمال).
كان (زياد) يحاول أن يطيل الحديث قَدرَ الإمكان حتى يتَمَكَّن (كاينيل) من الوصول إلى حاسوبه، وبالفعل وصل الأخير إلى غرفة (زياد) وخرج وبحوزتِهِ الحاسوب ولكنَّه فوجِئَ بالحرَّاس ينتظرونه خارج الغرفة، حاول الهروب إلا أن الحراس أمسكوا به وساقوه إلى (آزريل) الذي كان لا يزال يتناقش مع (زياد) وما إن لمحه ومعه الحاسوب حتى قال:
- أخشى أنك لن تحتاج أيضًا إلى مواصلة هذا الحوار السخيف، فلقد تم القبض على صديقِكَ الذي تحاوِلُ أن تغطِّي على تسلُّلِه وهو يحاول الهروب بجهازك هذا خارج القصر.
نظر (زياد) خلفه فرأى (كاينيل) محاطًا بالعديد من رجال (آزريل) وبيد أحدِهِم حاسُوبِه الشخصي وسمع (آزريل) يقول:
- هل كنت تظن يا (كاينيل) أنني أثق بك حقًا؟ لقد عفَوْتُ عنك من أجل إخلاص والدك ولكنني حرصت منذ أن عُدتَّ إلى القصر على وضعك تحت المراقبة لنعلم ما الذي تدَبِّرُهُ أنت وهذا البشري.
والتفت إلى (زياد) وتابع:
- أما أنت فأنا لن أُنهي بؤسك بهذه السهولة، سأقوم بتعبئة دماءك أولًا حتى آخر قطرة ثم أقوم بحرق ما تبقى من جسدِكَ لأجعَلَكَ عِبْرَةً لكل من يحاول التلاعب بي، ولكن أولا سأقوم باللهو قليلًا بصديقِكَ الخائنِ أمام عينيك.
وصاح بقوة:
- أحضروا (حمزة) والبشري.
بدأت علامات الرعب ترتسم على وجه (زياد) فلم يكن من المتوقع أن يتطَرَّق الأمر إلى تعذيب (مروان)، فقال في غضب:
- انت مش هتلمس منه شعرة واحدة.
ضحك (آزريل) بقوة وقال متهَكِّمًا: ومن سيمنعني، أنت؟
أدخل الحراس (حمزة) و(مروان) وألقوا بهما بالقرب من (زياد) و(كاينيل) فاندفع (زياد) نحو صديقه ووضع يديه على منكبيه وسألَهُ:
- انت كويس؟
أجابه (مروان):
- إيه اللي جابك هنا يا غبي، أنا كنت بحمد ربنا إنك عرفت تهرب.

قال (آزريل):
- يا له من لم شملٍ عائلي لطيف، أخشى أنه لن يستمِرَّ بهذا اللطف.
صاح (حمزة):
- ماذا تريد منهم يا (آزريل)، لقد حصلت على مبتغاك، اتركهم يعودون إلى حيث ينتمون.
- انظروا من يتكلم، من أتى بهم في الأساسِ إلى عالمنا، حيث أصغر جني يستطيع أن يفتك بهم، هل كنت تتوقع أن يعودوا بالفعل سالمين، أم أنك لم تهتم لهذه النقطة من الأساس.
لم يُجبه (حمزة) فتابع (آزريل):
- هيا يا سيد (زياد)، أخبرني كيف تريد أن نبدأ الحفل، هل تريد صديقك محروقًا أم نغرقه في الماء حتى الموت أم تقتله أنت بيدك بطريقة سريعة ورحيمة.
وقف (زياد) بين (آزريل) و(مروان) وقال:
- مش هتعرف توصل له إلا على جثتي.
حاول (مروان) دفعه بعيدًا وهو يقول:
- بس يا مجنون.
قال (آزريل) وبياض عينيه يتحول إلى نفس لون حدقتيه:
- احذَر ممَّا تتمناه أيها البشري، فلرُبَّما تكون أبواب السماء مفتوحة، لك ما طلبت أيها الأحمق فلنبدأ بك.
وضغط بيده على الصولجان وانتظر رؤية (زياد) وهو يتلقى الصاعقة.
ولكن هذا لم يحدث، ضغط مرة ثانية وثالثة فلم يتوهج الحجر الأحمر فنظر إليه في دهشة وقال:
- ولكن كيف؟
كانت الدهشة تسيطر على (مروان) و(حمزة) أيضًا إلا أن (كاينيل) ضحك بقوة وقال:
- حرَّاسك هؤلاء أغبياء بحق، لقد شعروا بالانتصار عندما ألقو القبض علىَّ وبحوزتي جهاز السيد (زياد) ولم ينتبهو إلى الورقة التي مرَّرتها إلى أحد الحراس الموالين لـ(حمزة)، والتي كتبت فيها الطلسم قبل خروجي بالجهاز من الغرفة، لعلمي أنك تراقبني وبالتأكيد لن تسمح لي بالخروج من القصر، ولقد تسلمها (يورقان) ويبدو أنه نجح هو وزملائه في كتابته بالنحاس المصهور في دائرة كبيرة تحيط بالمدينة، مما يعني أن صولجانك الآن بلا قيمة داخل المدينة.
بدا الغضب على وجه (آزريل) وصرخ في قوة:
- ولكنني لازلتُ الأقوى أيها الحمقى فأنا الآن زعيم العشيرة وسيقتلكم الحرَّاس على الفور.
قالها واختطف سلاح أحد الحراس وصوبه تجاه (زياد)، وقبل أن يضغط جانبيه اصطدمت بالسلاح صاعقة حطمته، واندفع الملك (عدنان) وبجواره (زوردان) ومن خلفه عشرات الجنود وقال الملك:
- لن أسمح لك بإيذاء حفيدي الأصغر أيها الخائن.
تسمر (آزريل) في مكانه متعجبًا من تحرُّرِ (عدنان) ومن تلك العبارة التي أطلقها والتي هبطت كالصاعقة على مسامع (زياد) والذي قال: هو مين اللي حفيدك؟
صاح (زوردان) في الحراس:
- ألقوا أسلحتكم.
توقف الحراس في أماكنهم فصرخ فيهم (آزريل): اقتلوهم، اقتلوهم جميعًا.
قال الملك:
- ابتعدوا عنهم أيها الحراس فهم ليسوا أعداءكم.
ابتعد أغلب الحراس عن (حمزة) ومجموعته ولم يتَبَقَّ لـ(آزريل) سوى بضعة حراس أحاطوه في محاولة لحمايته وصاح الأخير:
- أيها الخونة.
أحاطت المجموعة الباقية بـ(آزريل) الذي التقط سلاح أحدهم وأطلقه بسرعة تجاه (زياد) الذي تلقى الصاعقة في صدره وسقط من فوره أرضًا بلا حراك.
انطلق صديقه نحوه وراح يتفحصه وهو يصرخ: (زيااااااد).
بدأت الصواعق تتطاير في الهواء من كلا الفريقين واختبأ الأخير خلف كرسي الملك ثم حاول الفرار ألا أن ذراعًا صغيرة تعلَّقت برقبتِهِ من الخلف فالتفت إلى صاحبها في محاولة للتخلص منه فوجد (زياد) ممسكًا بخنجر فضي قام على الفور بغرسه في عنق (آزريل) الذي صاح في ألم وبصوت متحشرج:
- لقد، لقد قتلتك.
قال (زياد) في لهجة منتصرة: تسمع عن تعويذة الحماية، تعويذة بسيطة بيستخدمها جنودكم في الحروب كدرع.
سقط (آزريل) أرضًا وهو يحاول أن يقول شيئًا لم يتبينه (زياد) وما إن رآه أتباعه يلفظ أنفاسه الأخيرة حتى ألقَوا أسلحتهم أرضًا وقاموا بالاستسلام.

اندفع (حمزة) على الفور نحو (آزريل) وتأكد من موته، ثم أطلق سلاحة مرات متتالية تجاه الصولجان الذي توهج بقوة لمدة ثوان ثم انفجر الحجر الأحمر أعلاه متناثرًا إلى رماد، وذاب جسم الصولجان الذهبي وتحول إلى بقعة من الذهب تغطي الأرضية أمام كرسي الملك.

ميثاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن