38

23 2 0
                                    

وقف (زياد) و(أمل) و(مروان) و(سمية) أمام لوحة جدارية كبيرة تصور (زيادًا) تصويرًا متقنًا وهو يقفز في الهواء بجوار عرش الملك ويطعن (آزريل) بخنجرٍ في رقبته مع خلفية نارية تضفي إثارة على المشهد، وقال (حمزة):
- لقد رأى الملك (عدنان) تخليد هذه الذكرى بهذه اللوحة وتدوين هذا الحدث بأكمله في مخطوطة تُحفَظ في مكتبة القصر الرسمية.
كان قد مرت أسابيع ثلاثة منذ تلك الحادثة تم خلالها خطبة (أمل) لـ (زياد) وقد عبر الأصدقاء الثلاثة مرة أخيرة بصحبة (سمية) لحضور حفل زفاف (حمزة) على عروسه (درة) ابنة (زوردان).
التفت (زياد) إلى (حمزة) قائلًا:
- بقولك إيه ما تسيبك من الفرح ده وتيجي تلعب معانا بلاي ستيشن.
أجاب حمزة:
- وهل تستطيع أن تتغلب عليَّ إذا لعبنا.
ضحك زياد قائلًا:
- ده انت جني صايع بقى.
ثم استطرد قائلًا: ولا كده عيب ولا إيه إني أقول كده لجدي، إيه اللخبطة دي؟ أنا لغاية دلوقتي مش مستوعب الموضوع ده.
- سوف تعتاد عليه قريبًا كما فعل والدك، فهو لم يعلم أيضًا بصلتي به إلا في عامِهِ الأخير، لم يكن يعلم أن والده خلال زياراته المتكررة لعالمنا أعجب بأختي (جويرية) وتزوجها وانتقلت إلى الإقامة معه في عالمه وحينما أنجباه استقرت الأمور كثيرًا لكون والدك وُلِد بشريًا، وبالطبع أخفى الملك هذا الأمر تمامًا حتى لا يستغل أحد أعدائه وجود ابنته بعيدًا عنه وينال منه عن طريقها، أخفاه حتى على شقيقه، ومن حينها أصبحت مهمة حماية والدك وعمتك على عاتقي كونهما أبناء أختي في المقام الأول قبل أن تكون مسؤوليتي تجاه (سعد)، وهذه هي البطاقة الرابحة التي أخبرتك عنها، والتي ألقيت بها لوالدي حينما حاول (آزريل) أن يقنعه بعدم الموافقة على المبادلة، فقد ذكرته فقط بأنك حفيد فقيدته الغالية (جويرية).
- انت مش سهل يا (حمزة)، كل يوم يطلع وراك قصة جديدة، وبعدين انت واقف معانا هنا ليه؟ اتفضل يا جدو روح لعروستك.
قالها ضاحكًا ولحق بـ(مروان) الذي ذهب مسرعًا إلى موائد الطعام، فوقف (حمزة) يتطلع إلى اللوحة، وراح يتأكد للمرة العاشرة من وجود العلامات التي لم يتبينها أحد غيره والتي أخفى من خلالها رموز طلاسم الصولجان ونظر إلى (زوردان) الذي جاء ليقف بجواره وهو يقول:
- تذكَّر يا (حمزة)، صحيح أنه لا ينبغي لهذه القوة أن تندَثِر، ولابّدَّ من الإبقاء عليها حتى إذا احتجنا إليها في يوم من الأيام للدفاع عن أرضنا وحياتنا، فلا نندم يومها على أننا تخلَّينا عنها، ولكن في نفس الوقت لابد أن تبقى مخفِيَّة عن الجميع بما في ذلك أصدقاؤنا من البشر حتى لا تقع في الأيدي الخاطئة.
قال (حمزة):
- أعلم هذا يا سيدي الوزير، فالجميع يعلم أننا أحرقنا جميع الأوراق والمذكرات والأجهزة التي تحتوي على الطلاسم حتى حاسوب (زياد) تم التخلص منه، ولم ينتبه أحد من البشر أو الجن بأنني احتفظت بنسخة من كلا الطلسمين، طلسم القوة والطلسم المضاد، وبعدما تم وضع العلامات في اللوحة بشكل خفي، أحرقت هذه النسخة أيضًا.
سأله (زوردان):
- وبالنسبة إلى البوابة؟
-  سوف نغلقُها تمامًا بعد عودة (زياد) وأصدقاؤه ونَحُلُّ الميثاق بشكلٍ نهائي.
- هل يتقبل كون جدته من الجن بشكل مناسب؟
- حتى الآن، طالما أن معرفته مقصورة على هذا.
- ويجب أن تظل مقصورة على هذا، فنحن لسنا على يقين مما يجول في خاطرك.
- أعتقد أنك على يقين مثلي ولكنك تحاول عدم التصديق.
سكت (زوردان) لبرهة ثم قال في خفوت:
- من حسن حظنا أن (زوردان) لم يتعامل مع البشر ولم يكن على علم بما اكتشفناه مؤخرًا بأن تعويذة الحماية لا تصلح مع الإنس، ولا تحمي أي بشري يحتمي بها كما تفعل مع بني جنسنا.
- لقد كاد (آزريل) أن يتفوه بها قبيل موته، ولكن دهشته مع إصابته القاتلة منعته في اللحظة الأخيرة.
- ولكن كيف هذا ولقد تأكدنا مرارًا وتكرارًا من كون والده بشريًا عند ولادته.
- لست أدري، ولكن ليس هناك مجالًا للشك من كون (زياد) هجينًا، وهذا يغير الكثير من الأمور، أنت بالطبع تعلم ما يترتب عليه هذا.
خفض الوزير رأسه وقال بأسى: أعلم يا ولدي، أعلم.
ساد الصمت مرة ثانية قطعه (زوردان) بقوله:
- حسنًا، هيا يا ولدي، لنترك هذا الأمر لحينه، ولتستمتع بعُرسِك الذي طال انتظاره، فالآن فقط وبعد الآف السنين من الخوف نستطيع أن ننعم بالأمان.

تمت بحمــــد الله

🎉 لقد انتهيت من قراءة ميثاق 🎉
ميثاقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن